تمخّضت السلطة أشهراً، ثم ولدت مطامر: في عكار، وجبل لبنان، والجنوب. الحل السحري لخطة النفايات لا يستند سوى على مطامر الطوائف، باستثناء مطمر مسيحي لم يُعثر عليه في جبل لبنان الشمالي
كل المؤشرات السياسية باتت تدل على أن عقدة النفايات قد حُلّت على طريقة الوزير أكرم شهيب مع بعض التعديل، وأن جلسة لمجلس الوزراء ستُعقد في اليومين المقبلين لإقرار خطة شهيب المعدلة. بداية الحلحلة ظهرت من موقف الرئيس نبيه بري الذي أبلغه لرئيس الحكومة تمام سلام أول من أمس، ومفاده أن حركة أمل وحزب الله لن يعرقلا أي مقترح للخروج من الأزمة.
وبعدما اشترط تيار المستقبل تأمين «مطمر شيعي» لفتح «مطمر سنّي» في سرار، أبلغ بري سلام أن الحركة والحزب مستعدان لتأمين مطمر يستوعب نفايات الضاحية الجنوبية، على أن يستوعب مطمر سرار نفايات بيروت، مع استعداد النائب وليد جنبلاط لإيجاد مكان لطمر نفايات الشوف وعاليه وبعبدا. يبقى قضاءا كسروان والمتن. القوى السياسية في جبل لبنان الشمالي، وخاصة التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، أبلغت رئيس الحكومة وشهيب استحالة تأمين مطمر في المتن أو في كسروان. وخلال اجتماع في السرايا أمس، قال الوزير الياس بوصعب لسلام وشهيّب: «اعثروا على عقار بين البحر وارتفاع 500 متر في قضاء المتن وسنقيم عليه مطمراً». وقال بوصعب للمجتمعين إن مبدأ التقسيم الطائفي والمناطقي لحل أزمة النفايات مرفوض. «فهل تقبلون بأن تصبح الكهرباء التي ينتجها معمل الذوق الحراري حكراً على منطقة كسروان، أو مياه المتن حكراً على أهل المنطقة؟». وقال بوصعب إن أهالي المتن وكسروان «لن يقبلوا بأن تمر شاحنات النفايات من بيروت إلى عكار في منطقتهم فيما مدنهم وقراهم غارقة في الزبالة».
مصادر وزارية:
«المطمر الشيعي» في خراج
بلدة الكفور الجنوبية
وبعد النقاش، أصرّ رئيس الحكومة على التوصل إلى اتفاق، وعلى عدم إظهار الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لهذه الأزمة التي تهدد صحة اللبنانيين. وبعد مداولات سريعة، تم التوصل إلى اتفاق مفاده تقسيم نفايات المتن وكسروان على المطامر التي سيتم إنشاؤها في المناطق، إلى أن تتمكن بلديات القضاءين من تحمّل مسؤولياتها في هذا المجال. وقالت مصادر وزارية إن المجتمعين في السرايا أمس (سلام وشهيّب وبوصعب والوزيرين علي حسن خليل ووائل بوفاعور) اتفقوا على ضرورة أن يُصدر مجلس الوزراء مرسوماً واضحاً بتحويل أموال الخلوي إلى البلديات كل 3 أشهر بصورة تلقائية). وفيما يجري التكتّم على الموقع المقترح من حركة أمل وحزب الله لإقامة مطمر فيه، ذكرت مصادر وزارية لـ»الأخبار» أنه في خراج بلدة الكفور الجنوبية، حيث أقيم معمل لفرز النفايات لاتحاد بلديات الشقيف.
وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس أمام زواره على المساعي المبذولة لحل ملف النفايات قائلاً: «أنا من جهتي حللت المشكلة ولم تعد مشكلة شيعية، لكن ظهرت فجأة مشكلة مسيحية. هناك اتصالات جارية لتذليلها. نفايات البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية أصبحت على عاتق هذه المناطق». أضاف: «أصبحت أزمة النفايات هي الاساس اليوم في عمل الدولة نظراً الى أخطارها البيئية والصحية».
عن احتمال توجيه دعوة الى جلسة عامة لمجلس النواب قال بري: «حتماً سأدعو الى جلسة عامة، لأن الموضوع لم يعد يحتمل حتى ولو حضرت وحدي هذه الجلسة. الاجتماع المقبل لهيئة مكتب المجلس سيستكمل وضع جدول الاعمال بعدما طرأ 13 مشروعاً جديداً، وقد طلب الاعضاء مناقشتها قبل إدراجها، علماً بأننا في جلسة الثلاثاء الماضي حددنا المشاريع الملحة التي لا تحتمل التأجيل وتتسم بالضرورة».
وأضاف رئيس المجلس: «لن أقبل بالتسبّب في خراب البلد إذا استمر تعطيل مجلس النواب، خصوصاً أننا أمام مشكلة جديدة هي رواتب العسكريين. الوضع لم يعد يحتمل المزاح والبلد بات في خطر ولم تعد المشكلة ميثاقية. لا مبرر لغياب أي كتلة عن جلسة المجلس بعدما أدرجت اقتراح استعادة الجنسية الذي هو مزيج بين مشروع الحكومة وصيغة اللجان النيابية، وقد تبنّاه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في اقتراح قانون».
وسئل بري عن إدراج قانون الانتخاب في الجلسة العامة، فأجاب: «ما دام يشكل خلافاً بين الاطراف فلن أدرجه في جلسة عامة الى أن يتفق عليه. هناك عدد كبير من المشاريع تقتضي مقارنتها واستخلاص صيغة يتم التوافق عليها، على أنه لن يكون هناك قانون للانتخاب بلا النسبية. ما إن يتفق على قانون انتخاب، أدعو فوراً الى جلسة عامة لمناقشته وإقراره».