النفايات طغت على كل شيء وحاصرت البلد , ومنعت الرواتب عن الامنيين
السفير :
مرة أخرى، ضرب المطر بقوة وغزارة، مجتاحاً العديد من الشوارع التي تحولت الى سجون برمائية، ومحاصراً المواطنين في سياراتهم التي بدت أقرب الى زنزانات عائمة، بعدما «طافت» نقاط الضعف في البنية التحتية المترهلة، بالتواطؤ مع «خلايا» النفايات.
وفيما تبين أن الدولة لم تتعلم من درس الشتوة الاولى، دخل ملف النفايات في عدّه العكسي نحو الانفراج أو الانفجار، على وقع تدحرج مهلة الوزير أكرم شهيب لحسم خياراته، والتي مددها ساعات قليلة، بغية إعطاء فرصة لتسويق اقتراح إنقاذي تقدم به الرئيس نبيه بري في «الوقت المستقطع»، ويبدي فيه استعداد «حركة أمل» و «حزب الله» لتحمل مسؤولية معالجة النفايات، ضمن نطاق بيئتهما الجغرافية، وصولا الى تحقيق «التوازن» في الواجبات على هذا الصعيد.
وقد نجح اقتراح بري في تحقيق اختراق أولي، لكنه غير مكتمل، في انتظار استكمال الاتصالات اليوم، ليتقرر بعد ذلك ما إذا كانت هناك قابلية لتطبيق خطة المعالجة الرسمية بعد تكييفها مع طرح بري ثم عقد جلسة حكومية تعطي إشارة المباشرة في التنفيذ، أم ان حظوظ الخطة أصبحت معدومة تحت وطأة بعض الاعتراضات المناطقية عليها.
ولم يكن ينقص هذا الواقع المتحلل سوى خطر عدم دفع رواتب الجيش والأجهزة الأمنية، في توقيت تحتاج فيه القوات المسلحة الى كل دعم في معركتها ضد الإرهاب، فكيف إذا كان الأمر يتعلق ببديهيات من نوع الرواتب!
«أرنب» بري
وتوضيحاً لموقفه المستجد، قال الرئيس بري لـ «السفير»: في الأساس، لم أكن أريد التدخل في أزمة النفايات على قاعدة أن هناك قراراً صادراً عن مجلس الوزراء يتطلب التنفيذ، أما وأن الأمور تطورت نحو الأسوأ، فقد تدخلت مباشرة لمحاولة استدراك الوضع، وقدمت للمرة الأولى اقتراحاً محدداً للمساهمة في معالجة هذه الأزمة، ينتظر موافقة الأطراف الأخرى عليه، حتى يسلك طريقه الى التنفيذ.
وردا على سؤال حول طبيعة الاقتراح، أوضح أنه يستند الى قاعدة أساسية، وهي «أن كل ديك على مزبلته صيّاح»، مضيفاً: لقد أصر البعض للأسف على تطييف ملف النفايات ومذهبته، وانطلاقاً من ذلك طرحت أن نتحمل في «حزب الله» و «حركة أمل» مسؤولية التخلص من النفايات التي تفزرها المناطق الواقعة في دائرة نفوذهما، على قاعدة اللامركزية وتعزيز دور البلديات، بحيث لا يعود ثمة مبرر للقول إن هناك فئة تتحمل وزر هذا الملف وفئة أخرى تتهرب منه.
وأشار الى انه «إذا تم التجاوب مع طرحي يُفترض أن يعقد مجلس الوزراء جلسة عاجلة له، خلال 24 أو 48 ساعة لإقرار الحل الشامل لأزمة النفايات، وتأمين التغطية القانونية من أجل صرف رواتب العسكريين»، لافتا الانتباه الى انه تلقى في هذا الإطار أكثر من اتصال هاتفي من قائد الجيش العماد جان قهوجي الموجود في اسبانيا.
وأكد أن جلسة الحوار العشرين بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» كانت ناجحة، مشددا على أنه تقرر تفعيل الخطة الأمنية في البقاع، بدعم كامل من «الحزب» و «حركة أمل»، وقد تبين خلال الجلسة أن «حزب الله» هو الذي يشكو من تقصير القوى الأمنية.
وتابع: المطلوب من الأجهزة الرسمية المختصة أن تلجم حالة الفلتان في البقاع بحزم وبسرعة، ونكرر أنه لا غطاء لأي مرتكب أو مخالف، وما يدعو للأسف أن عدد الضحايا الذي يسقط نتيجة الحوادث المتنقلة يوحي بأننا نخوض مواجهة مع «داعش»، في حين أن ما يحصل هو اننا ندفع ثمن الفوضى.
ولفت الانتباه الى أن هناك تقدماً في التحضيرات لعقد جلسة تشريعية، آملا أن يؤدي إدراج مشروع استعادة الجنسية على جدول الأعمال الى تسهيل عقدها بحضور كل المكوّنات الميثاقية، مبدياً اعتقاده أن قانون الانتخاب أكثر تعقيداً.
شهيّب.. والخرق
وبعد الاجتماع الليلي الذي ضم الرئيس سلام الى الوزراء علي حسن خليل وأكرم شهيب ووائل ابو فاعور ونهاد المشنوق، قال شهيب لـ «السفير» إن هناك خرقاً إيجابياً سُجل أمس في جدار أزمة النفايات، تحت سقف المرحلة الانتقالية المعتمدة في الخطة المقررة، موضحاً أنه بدل الاكتفاء بمطمرين فقط، سيتم توسيع اللامركزية المناطقية في معالجة النفايات من خلال البلديات، على قاعدة الشراكة والتوازن.
وأشار الى وجود حاجة لجولة إضافية من الاتصالات اليوم، قبل أن يتضح المسار النهائي الذي سيسلكه هذا الملف، لافتا الانتباه الى أن المشاورات ستُستكمل مع جميع المعنيين، ليُبنى على الشيء مقتضاه، ويتقرر ما إذا كان ممكناً عقد جلسة لمجلس الوزراء، وهي جلسة باتت ملحة، ليس فقط لحسم مسألة النفايات، بل ايضا لتأمين رواتب العسكريين.
وأكد أنه سيسلم قبل ظهر اليوم تقريره الى رئيس الحكومة تمام سلام حول المراحل التي مرت فيها مهمته، لافتا الانتباه الى أنه قرر تمديد مسعى المعالجة بناءً على تمني الرئيسين بري وسلام، لكن «إذا لم تنجح الاتصالات خلال الساعات القليلة المقبلة في إنجاز التوافق، فأنا لن أستمر في مهمتي وسأتنحى عن الملف».
بوصعب.. والمحرقة
لكن عضو «تكتل التغيير والإصلاح» الوزير الياس بو صعب أبلغ «السفير» أن أحداً «لم يكن حتى ليل أمس قد اتصل بنا في شأن عقد جلسة للحكومة من أجل تأمين رواتب العسكريين، أو حتى لبتّ ملف النفايات»، مشيرا الى أنه تلقى فقط اتصالا لترتيب لقاء بينه وبين الوزير شهيب.
النهار :
بيروت وضواحيها ترزح تحت وطأة السيول التي تحول الشوارع بحيرات عائمة بالمياه والنفايات، وخطة النفايات لا تزال تجرجر ذيولها هبوطاً وصعوداً ووعوداً ومهلاً ومواعيد بلا طائل. وإذا كان وزير الزراعة أكرم شهيب اختصر حصيلة مساعي "اللحظة الاخيرة" لبت مصير خطة النفايات العالقة عند المطمر البقاعي بقوله إنه "لم يرفع العشر بعد" في مؤشر لبلوغ هذه المساعي "الانقاذية" للخطة عنق الزجاجة، فإن الساعات المقبلة تبدو حاسمة فعلاً ليس في تقرير مصير الخطة فحسب وإنما انعكاس نجاحها أو فشلها على الوضع الحكومي كلاً.
ذلك ان "طبقة" جديدة من التأزيم برزت أمس وأضافت الى أزمة النفايات تعقيداً كبيراً تمثل في أزمة رواتب القطاع العام التي اشتعلت أولى شراراتها المبكرة مع عدم دفع رواتب الأسلاك العسكرية والأمنية عن شهر تشرين الثاني، الأمر الذي دق جرس تداعيات بالغة السلبية وبات يضغط بالحاح أشد من أجل انعقاد جلسة لمجلس الوزراء لإصدار قرار التغطية القانونية لصرف الرواتب والذي لا يمكن وزارة المال صرفها من دونه. وبحلول الـ28 من الشهر الجاري (أمس)، وهو الموعد المعتاد لصرف الرواتب للعسكريين، وقع المحظور الذي سبق لوزير المال علي حسن خليل ان حذر منه سابقاً، إذ لم تدفع الرواتب لأكثر من 103 آلاف عسكري في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأجهزة الأمنية الأخرى، مع بروز تخوّف من تمدّد الأزمة الى ما تبقى من السنة ما لم ينعقد مجلس الوزراء لإصدار قرار التغطية القانونية للرواتب في القطاع العام. وأكد وزير المال أن رواتب موظفي القطاع العام مؤمّنة حتى نهاية السنة وكل ما تحتاج اليه مجرد قرار في مجلس الوزراء يسمح بنقل الأموال من الاحتياط الى بند الرواتب، علماً ان الوزير كان أرسل مشروع قانون الى مجلس النواب لاقرار سلفة إضافية بقيمة 850 مليار ليرة لتأمين الرواتب حتى نهاية السنة، لكن الخلافات السياسية على تشريع الضرورة أدت الى عدم انعقاد المجلس لاقرارها، فلجأ الوزير الى مجلس الوزراء من أجل توفير الغطاء القانوني.
والحال أن تداخل ازمة النفايات مع بوادر أزمة الرواتب أدى الى قيام ما يشبه خلية أزمة بين السرايا وعين التينة طوال ساعات النهار وامتداداً الى ساعات الليل.
مطمر البقاع
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ليل امس ان اللقاءات والاتصالات التي جرت أمس في شأن ملف النفايات انتهت الى وعد من "حزب الله" بتسهيل إنشاء مطمر للنفايات في البقاع الشمالي، لكن جواباً نهائياً سيتبلغه صباح اليوم رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام في شأن هذا المطمر، بما يسمح بدعوة مجلس الوزراء الى جلسة طارئة تبت فيها أيضاً قضية الرواتب. وأوضحت المصادر جانباً من هذه الاتصالات التي جرت بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سلام، ودارت حول تمنٍ من بري أن يدعو سلام الى عقد جلسة للحكومة متعهداً توفير مستلزمات نجاحها ومنها اقتراحات في شأن مطمر البقاع. غير أن رئيس الوزراء، انطلاقاً من تجربته وحرصه على عدم القيام بخطوة غير مكلّلة بالنجاح، أبدى استجابة لدعوة رئيس المجلس شرط أن يسبق انعقادها تعهد من سائر القوى السياسية ولا سيما منها "حزب الله" في شأن المطمر. وفي هذه الاثناء كان بري مجتمعا مع الوزيرين أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، فحمّلهما إقتراحاً من الحزب في شأن المطمر فتوليا نقله الى السرايا مساء.
وخلال الاجتماع الذي رأسه مساء الرئيس سلام في حضور الوزراء شهيب وأبو فاعور ونهاد المشنوق، استدعي وزير المال ليس بصفته وزيراً من حركة "أمل"، بل بصفته وسيطاً متابعاً مع "حزب الله" في شأن المطمر البقاعي للبحث معه في ضمانات عملانية لم تكن متوافرة حتى المساء. وقد حمل خليل ملاحظات السرايا على أن يأتي صباح اليوم بأجوبة عنها الى الرئيس سلام كي يتضح مسار الأمور. وسيعقد سلام اجتماعاً مع الوزير شهيب في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم يعتقد انه سيكون حاسماً، علماً ان شهيّب بدا متريثاً حتى ليل امس في الموقف الذي سيتخذه اليوم في انتظار "مساعي اللحظة الاخيرة". وأكد ليلاً أن ثمّة موقعاً في البقاع جرى تحديده من خلال الاتصالات مع "حزب الله" وحركة "أمل" وستتبلور الأمور خلال الساعات الـ24 المقبلة، ولكنه تحفظ عن كشف مكانه، مشيرا الى أن المطمر مدروس. وإذ أكد أنه سيرفع تقريره اليوم الى الرئيس سلام، لفت الى أن الأمر يحتاج الى جلسة لمجلس الوزراء لادخال بعض التعديلات على الخطة.
وعلمت "النهار" أن الرئيس سلام أكد في اجتماع السرايا مساء أنه لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء إلاّ إذا اكتملت عناصر الحل لأزمة النفايات، ولا حل لأزمة النفايات ما لم يوجد مطمر آخر الى جانب مطمر سرار في عكار "ولا يحدّثني أحد عن فرض مطمر سرار بالقوة فهذا غير وارد ان نتسبب باصطدام الناس مع القوى الأمنية".
وفيما ترددت معلومات عن إمكان اتجاه الرئيس سلام الى الاعتكاف او الاستقالة اذا اصطدمت المساعي الحثيثة الجارية بحائط مسدود، علم ان سلام تلقى أمس العديد من الاتصالات من مرجعيات داخلية وخارجية تتمنى عليه عدم الاستقالة نظراً الى دقة الظروف التي يجتازها لبنان، وأبرز تمن جاء من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي العائد من الفاتيكان والذي استبعد اقدام الرئيس سلام على هذه الخطوة بما أوحى أن موقفه يعبّر عن الفاتيكان أيضاً.
المستقبل :
تسارعت الأحداث والجهود عشية «الخميس» الموعود بوصفه سقفاً زمنياً نهائياً وضعه رئيس الحكومة تمام سلام ومعه الوزير أكرم شهيب لإنجاز أسس تطبيق خطة طمر النفايات، بحيث أسفرت الاجتماعات والمشاورات المارتونية أمس بين مقرّي الرئاسة الثانية والثالثة، معطوفة على الآفاق المفتوحة التي عكستها نتائج الجولة 20 من حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، عن تكوين بصيص حل يعوّل على بلورته خلال الساعات المقبلة بشكل يؤمّن طمر النفايات وتعويم الحكومة. وإذ تقاطعت المواقف السياسية والروحية عند المراهنة على فائض «الصبر» لدى رئيس الحكومة تمام سلام لضمان عدم إقدامه على الاستقالة باعتباره «ليس متهوراً ليرمي البلد في المجهول» كما قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أفاد زوار سلام «المستقبل» أنه بصدد إفساح المجال واسعاً أمام إنجاح مساعي ربع الساعة الأخير لعلها تتيح تحقيق الشراكة الوطنية المرجوة في عملية معالجة ملف النفايات.
وكذلك الأمر بالنسبة للوزير شهيب الذي أكدت مصادره لـ«المستقبل» أنه سيستكمل مشاوراته اليوم مع مختلف القوى السياسية في محاولة أخيرة لتعبيد الطريق أمام إيجاد سبل تنفيذ خطة الحكومة، على أن يعود بتقريره النهائي إلى السرايا الحكومية لتسليمه إلى رئيس الحكومة موضحاً فيه ما توصلت إليه اللجنة المختصة والنتائج التي حققتها طيلة مدة تكليفها بدرس وتطبيق الخطة. ومن المرجح أن يكتفي شهيب بتقديم التقرير وإرجاء خطوة اعتذاره عن عدم إكمال مهمته في رئاسة اللجنة ريثما يتبين له مآل الجهود المبذولة والوعود المعطاة، بينما ستكون له إطلالة تلفزيونية مساءً عبر «كلام الناس» من المتوقع أن يستعرض فيها بشكل مفصّل مسار العمل الذي سلكته خطة النفايات والمطبات التي اعترضت طريقها وصولاً إلى مساعي اللحظات الأخيرة لتدارك انفجار الأزمة.
وكان شهيب والوزير وائل أبو فاعور قد زارا عين التينة صباح أمس حيث اجتمعا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور الوزير علي حسن خليل الذي كشف أنّ بري طرح خلال الاجتماع «أفكاراً جديدة وجدية تتطلب عقد اجتماع لمجلس الوزراء خلال 24 ساعة»، في حين أوضح شهيب أنّ بعض هذه الأفكار «يتناغم مع خطة الحكومة ومنها ما يحتاج إلى جلسة لمجلس الوزراء»، معلّقاً على استفسارات الصحافيين عما إذا كانت كل منطقة تتجه إلى إنشاء مطمرها بالقول: «كل ديك على مزبلتو صياح».
وفي هذا السياق، أفادت مصادر مواكبة للأفكار المطروحة «المستقبل» أنّ الأرجحية هي للاتجاه نحو «فدرلة» طمر النفايات، موضحةً أنّ الطمر وفق هذه المعادلة يتيح «تحقيق الشراكة الوطنية على مستوى الأقضية». ولفتت المصادر إلى أنّ «حزب الله» و«حركة أمل» وعدا بتولي تأمين عمليات الطمر ضمن نطاق مناطق نفوذهما سيما في البقاع الشمالي، بما يؤمن حلاً متوازناً مناطقياً مقابل اعتماد مطمر سرار في عكار بالتزامن مع إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام بحسب خطة الحكومة. فيما تبقى مسألة تأمين مطمر في جبل لبنان عالقة بانتظار ما ستتوصل إليه المشاورات التي يجريها شهيب اليوم مع كل من «التيار الوطني الحر» و«حزب الكتائب اللبنانية»، علماً أنّ النائب ميشال المر كان قد أكد خلال جلسة الحوار الوطني الأخيرة وجود تصور لديه لإيجاد مطمر خاص بنفايات منطقة المتن.
وليلاً، أعلن شهيب بعد اجتماع عقده وأبو فاعور مع رئيس الحكومة في السرايا الحكومية بمشاركة الوزيرين نهاد المشنوق وخليل، أنّ اجتماعاً جديداً سيُعقد اليوم مكتفياً بالإشارة إلى أنّ «اتصالات اللحظة الأخيرة تجري لإنجاز عناصر الحل لأزمة النفايات».
حوار عين التينة
وكانت جولة الحوار أمس الأول بين «المستقبل» و«حزب الله» قد نجحت في فتح كوة في جدار الأزمة، وهو ما أكده بري خلال لقاء الأربعاء النيابي لناحية وصف الجلسة بـ«الإيجابية والصريحة والمثمرة»، معلناً التنسيق بين «أمل» و«حزب الله» لإيجاد مطامر مناسبة في منطقة البقاع، وسط تشديده على «ضرورة حل هذا الملف بشكل نهائي وحاسم». كما نوّه بكون حوار عين التينة شهد في جولته العشرين «مصارحات واقعية وردّ على استفسارات بشكل جدي وفاعل بالنسبة للخطة الأمنية في البقاع».
وفي الإطار عينه، أوضحت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» أنّ القرار اتخذ في ضوء نتائج جلسة حوار عين التينة بضرورة إحراز «تقدم جدي وملموس سواءً باتجاه تطبيق خطة البقاع الأمنية أو باتجاه تنفيذ خطة النفايات الحكومية»، مؤكدةً في الوقت ذاته أنّ «المتحاورين بحثوا بشكل فعلي وفاعل كيفية تسهيل عمل مجلسي النواب والوزراء، بالإضافة إلى ماهية البنود التي تحتل الأولوية ضمن مفهوم تشريع الضرورة وفي طليعتها البنود المالية». أما على مستوى الخطة الأمنية في البقاع، فرشحت معلومات موثوقة تفيد بأنّ المتحاورين اتفقوا على التواصل مع قيادة الجيش للتنسيق معها حول السبل الآيلة إلى ضمان حُسن تنفيذ الخطة.
رواتب العسكريين
في الغضون، فرض التعطيل المؤسساتي نفسه بقوة على الساحتين العسكرية والأمنية في البلد من خلال عدم تحويل معاشات الجيش وقوى الأمن أمس كما درجت العادة عند نهاية كل شهر. وأعلن وزير المالية عدم قدرته على تحويل هذه المعاشات بانتظار قوننة صرفها سواءً من مجلس النواب أو من مجلس الوزراء، لافتاً الانتباه إلى أنّ «النقص في تغطية بند الرواتب لا يعكس على الإطلاق مشكلة مالية، فهناك مبالغ متوافرة من الاحتياط وهي بحاجة إلى اتخاذ قرار في الحكومة لإصدار مرسوم في هذا المجال، وفي اللحظة التي يُتخذ فيها هذا القرار تتأمن كل الرواتب التي قيمتها 444 مليار ليرة لبنانية لشهري تشرين الثاني وكانون الأول».
الديار :
«اللي استحوا ماتوا» ولوكان يملك اهل الحل والربط في لبنان ذرة من الحس بالمسؤولية لأقدموا على الاستقالة امام المشهد المأساوي والمرعب الذي غطى طرقات لبنان مع «تاني شتوة» «زربت» اللبنانيين في سياراتهم لساعات وساعات، بعد ان سدت مجاري المياه وضاقت كل الطرقات التي تحولت الى بحيرات ودخلت البيوت وضربت الممتلكات، ولم يكن امام الناس الا «الدعاء لربهم » حتى تتوقف عاصفة الشتاء ليعودوا الى منازلهم، بعد ان احتجزتهم العاصفة دون اي تحرك من قبل الدولة او تحرك الوزارات المعنية.
الدولة بدت امس غارقة في عاصفة من المشاكل، من النفايات الى بحيرات المياه الى رواتب الموظفين وتحديداً العسكريين الذين يقدمون الغالي والرخيص لحفظ امن البلد واستقراره. لكن هذه الجهود لا تلاقي اي صدى لدى المسؤولين الغارقين في «حصصهم» وسرقاتهم، خصوصاً ان ملف النفايات يدر ملايين الدولارات. ويبدو ان الخلافات على قسمة «الجبنة» واي طريق سيسلكه هذا الملف الذي بات يهدد صحة كل اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وكل فئاتهم الاجتماعية.
ورغم الازمات المتلاحقة، فان ملف النفايات شهد امس «ربع فتحة» لا يمكن التعويل عليها بانتظار الحسم في اجتماع السراي اليوم عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر بين الوزير شهيب والرئيس تمام سلام، وعلى ضوء الاجتماع سيرفع شهيب «العشرة» ام يواصل اجتماعاته، وكذلك الرئيس سلام، الذي واصل تهديداته دون ان يعلن موقفاً حاسماً ونهائياً بالاستقالة او الاعتكاف، لكنه تمسك خلال اللقاء الذي عقد في السراي برئاسته وحضور شهيب وابو فاعور ووزير الداخلية نهاد المشنوق والوزير علي حسن خليل، يرفض سلام عقد اي جلسة لمجلس الوزراء قبل الحصول على موافقة جميع الاطراف على خطة شهيب وتحديد مكان المطمر في البقاع، لان سلام مصر على ان اجتماع الحكومة يجب ان يقر الخطة بدقائق، ولا يكون ساحة لاستكمال النقاش فيها، اي حل الخلافات خارج الحكومة وتكون الجلسة مخصصة «لزف البشرى» الى اللبنانيين.
وقد تحرك الوزيران اكرم شهيب ووائل ابو فاعور بين عين التنية والسراي. وقالت مصادر متابعة للملف ان الرئيس بري قال للوزيرين اكرم شهيب ووائل ابو فاعور «انسوا» مطمر البقاع ويشيّع البعض ان الكمية التي ستنقل من الضاحية وبعض المناطق الى مطمر البقاع توازي الـ 1000 طن يومياً».
واضاف: «انا وحزب الله نتعهد بايجاد مطمر لنفايات الضاحية، لا تُحرجوا ابداً وستكون مسؤوليتنا ايجاد المكان وطمر الـ 1000 طن يومياً، وهذه الذريعة سنسحبها من الذين يعارضون طمر نفايات الضاحية في مناطق معينة وسنسحب هذه الذريعة من التداول، واذا كانت النيات صادقة فليجتمع مجلس الوزراء ويقر خطة النفايات»، علماً ان بري قال لشهيب: حتى الان لم نحدد المكان لكننا سنجد الحل.
كما قدم الرئيس بري اقتراحات للحل تقضي باقامة مطمر في كل منطقة، وتحدث عن عدد من الخيارات انطلاقا من خطة شهيب لتجاوز المنطق المذهبي المناطقي، داعيا الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، خلال الـ24 ساعة المقبلة.
وعلم ان موضوع اقامة مطمر في منطقة بعلبك والسلسلة الشرقية امر غير وارد مطلقاً لاعتبارات بيئية وامنية ورفض اهالي المنطقة. هذا ما تم ابلاغه للجميع، وحاول تيار المستقبل الدخول من هذا الباب للتأكيد على ان لا مطمر في عكار دون اقامة مطمر في منطقة بعلبك، وهذا الموقف مدعوم من الرئيس تمام سلام بتحديد مكان المطمر قبل اي شيء اخر.
وعلم ان موضوع انشاء المحارق يطرح جديا كصيغة للحل رغم اعتراض المنظمات البيئية، فيما اشارت معلومات ان الوزير يعقوب الصراف عندما تولى وزارة البيئة حدد اماكن للمطامر في معظم المناطق. ولماذا لا يتم العودة اليها؟
مجمل الافكار التي طرحت في الساعات الماضية ستناقش في اجتماع سلام وشهيب اليوم فان ظهر الدخان الابيض سيتم حل باقي الامور وستعقد جلسة تشريعية. اما اذا بقيت الامور تراوح مكانها فان التعطيل سيطال كل المؤسسات حتى المجلس النيابي، لكن اوساط قريبة من الاتصالات استبعدت لجوء سلام الى الاستقالة او الاعتكاف. واكدت ان ما يحكى عن استقالة لرئيس الحكومة او اعتكافه مسألة غير واردة، وان تهديدات سلام باللجوء الى احد الخيارين هدفه الضغط من اجل ايجاد حلول لمسألة النفايات. اضافت ان سلام لا يتمكن من اتخاذ قرار بهذا الحجم في ظل الشلل القائم دون الاخذ بالاعتبار مواقف القوى السياسة التي تريد الحفاظ على الحكومة ولو بالحد الادنى من العمل في هذه المرحلة. واوضحت ان تيار المستقبل لن يفرط بالحكومة ولذلك فأي قرار بالاستقالة او الاعتكاف يشكل انعكاسا لموقف المستقبل بينما الاخير يريد ابقاءها وهو ما اشار اليه رئيس التيار سعد الحريري في تصريحه قبل يومين.
ـ لا سلسلة للرتب والرواتب ـ
وقالت مصادر نقابية في هيئة التنسيق النقابية ان اجتماعها مع الرئيس نبيه بري للمطالبة بوضع السلسلة على جدول اعمال الجلسة التشريعية لم ينته الى اي وعود بهذا الخصوص. واوضحت ان الرئيس بري وضع وفد الهيئة باجواء اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب بما خص السلسلة، وابلغه انه سيكون صوت الهيئة في اجتماع هيئة المكتب الاسبوع المقبل وفي الجلسة التشريعية عندما ستنعقد.
الجمهورية :
الأجواء التي رشحت عن الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» تؤشر إلى وجود مناخات إيجابية ومشجّعة لتحقيق انفراجات سياسية، ولكن سقوط كلّ الوعود السابقة بالوصول إلى حلول وتحديداً في أزمة النفايات، أبقى منسوب الحذر قائماً، إلّا أنّ المعلومات تحدّثت عن وجود توجّه فعلي لكسر حالة التعطيل العامّة وإعطاء اللبنانيين بوادرَ أمل، ولو نسبية، في ملفّين أساسيين: النفايات والتشريع، حيث من المتوقع أن يُحدث التوافق حولهما صدمة إيجابية تبدّد أجواء التشنّج وتطلق دينامية إيجابية جديدة. لا شيء أكيد ولا محسوم بطبيعة الحال، غير أنّ ما يختلف عن السابق وجود نيّات جدّية بإخراج الوضع من المراوحة السلبية، وهذه النيّات تمّ التعبير عنها صراحةً في الحوار الثنائي برعاية حركة «أمل، وتمّ ربطها بكلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله الذي دعا في إطلالته الأخيرة لـ«الذهاب إلى الحوار الجدّي». فما هو في متناول اليد اليوم مبدئياً النفايات والتشريع، وفي حال وُضِعا على سكّة الحل يمكن أن ينسحب هذا الواقع على ملفات أخرى في طليعتها الحلحلة الحكومية، لأنّ الملف الرئاسي بحاجة إلى ظروف إقليمية لم تنضج بعد. وقد سُجّل في الساعات الـ 24 الأخيرة حركة مكوكية لوزير الزراعة أكرم شهيّب الذي قال لـ«الجمهورية» إنّ الأجواء إيجابية، وتوقّع إذا ما تحلحلت الأمور العالقة أن يدعو رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الوزراء إلى الانعقاد خلال اليومين المقبلين، سيّما أنّ وزير المال علي حسن خليل كان توقّعَ بدوره عَقد جلسة حكومية في الساعات المقبلة بناءً على الطرح الذي قدّمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي قد يشكّل خشبة الخلاص لمأزق النفايات على قاعدة كلّ جهة تتكفّل بنفاياتها. أكثر ما لفتَ المراقبين في الأيام الأخيرة تكرار السفير السعودي علي عواض عسيري في مجالسه والإعلام تأكيدَ المملكة الدائم على ضرورة استمرار الحوار بين اللبنانيين وإيجاد الحلول للقضايا الخلافية، وفي طليعتها التوصّل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وإذا كان هذا التأكيد يجسِّد توجّه المملكة الثابت حيال لبنان، إلّا أنّ أهميته تكمن بأنه جاء بعد أعنف حملة يشنّها «حزب الله» ضد المملكة وتحديداً القيادة السعودية التي أظهرَت أنّ قرارَها فصلَ لبنان عن الاشتباك مع الحزب هو قرار استراتيجي، ويبدو أنّ الأمر ينسحب أيضاً على طهران، وبالتالي العبرة الأساسية من الاشتباك الأخير بين «المستقبل» والحزب أنّ حدوده حدود استمرار الاستقرار في لبنان.
وإذا كانت هذه الصورة نجحت بتبديد الهواجس، إلّا أنّ هناك مخاوف من انهيارات محتملة في حال استمرّ التعطيل وتوسّع، خصوصاً في ظلّ تفاقم الأزمات السياسية والمالية والصحّية، والفَلتان في بعض المناطق وصولاً إلى تحوّلِ الشتاء في لبنان من نعمة إلى نقمة مع الطرقات العائمة والناس العالقين في برك المياه وزحمة السير الخانقة، فضلاً عن الأوبئة المتفشّية نتيجة النفايات المنتشرة في الطرقات.
ويبدو أنّه بعد أن وصَلت الأمور إلى حافة الهاوية في ظلّ صورة الدولة التي تضرّرت كثيراً على مستوى سلطتها وهيبتها ودورها، تقرّر إنقاذ الوضع من خلال مدِّه بجرعة أوكسيجين تُمكِّن اللبنانيين من الحفاظ على الوضعية الانتظارية لبلدهم ريثما تكون القوى الدولية نجحت في حلّ الأزمة السورية.
وفيما ينتقل الحدث مجدداً إلى فيينا غداً مع استئناف البحث بمستقبل سوريا في اجتماع روسي ـ اميركي ـ سعودي ـ تركي، وبمشاركة لبنانية وإيرانية ومصرية، ظلّ الحديث يتمحوَر حول الملفات اللبنانية الساخنة، وفي مقدّمها ملف النفايات، الى جانب الملف المالي ورواتب العسكريين وموظفي القطاع العام، في ظلّ حديث وزير المال عن نقص مالي كبير في كلّ الإدارات، لا سيّما في المؤسسة العسكرية وقوى الأمن، ورفضِه أن تدفع وزارة المال بطريقة غير قانونية.
في وقت تبقى جلسة مجلس الوزراء رهن اتصالات ربع الساعة الأخير لإنقاذ خطة النفايات التي تبلوَرت اتّجاهاتها إلى حدّ كبير. ويبقى التعويل على التشريع في انتظار نتائج اجتماع مكتب مجلس النواب مجدّداً الثلثاء المقبل تحضيراً للجلسة التشريعية المرتقَبة.
إنقاذ الخطة؟!
وقبل ساعات على انتهاء مهلة الخميس، التي حدّدها كلّ من رئيس الحكومة ووزير الزراعة، قبل اتّخاذ موقف حاسم من ملف النفايات، دخل مشروع إنقاذ خطة النفايات مراحلَه النهائية أمس بعد استنفار واسع واتّصالات سياسية متسارعة، في ظلّ تأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ «حلّ هذا الملف ضرورة وطنية لا تَحتمل التأخير»، فيما أعلن خليل أنّ رئيس المجلس قدّم أفكاراً ومقترحات جديدة تتطلّب وتفرض أن تجتمع الحكومة في الـ 24 ساعة المقبلة، وأكّد شهيّب أنّ «اتصالات اللحظة الأخيرة تُستكمَل بشكل جدّي لإنجاز عناصر الحل»، قائلاً: «لم نرفع العشرة».
وأشار شهيّب، بعد اجتماع عَقده ووزير الصحة وائل ابو فاعور مع برّي في حضور خليل، إلى أنّ جهود اللحظة الأخيرة كان بدأها أمس (أمس الأوّل) مع الوزير ابو فاعور، وتحدّث عن الحاجة إلى مزيد من الاتصالات لحلّ المشكلة»، لأنّ هناك أفكاراً جديدة مطروحة وهناك خطة مقَرّة من مجلس الوزراء. هذه الأفكار منها ما يتناغم مع الخطة ومنها ما يحتاج إلى جلسة لمجلس الوزراء للخروج من هذه الأزمة».
ولاحقاً عُقد اجتماع في السراي الحكومي ضمّ سلام وشهيّب وأبو فاعور ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وانضمّ إليه لاحقاً خليل، وبعد الاجتماع قال شهيّب: «إجتماع جديد غداً، واتصالات اللحظة الأخيرة تجري لإنجاز عناصر الحلّ لأزمة النفايات».
شهيّب
وقال شهيب لـ«الجمهورية» إنّ الأجواء إيجابية، لكن هناك بعض النقاط تحتاج الى متابعة وإلى مزيد من الاتصالات، سألتقي اليوم الرئيس سلام عند الحادية عشرة، وسأستمهله بعض الوقت لإجراء مزيد من الاتصالات، لكن هذا الوقت لن يتعدّى مهلة اليوم ولن أمدّده.
وتوقّع شهيب إذا ما تحلحلت الأمور العالقة أن يدعو سلام مجلس الوزراء إلى الانعقاد خلال اليومين المقبلين.
نفايات كسروان والمتن
وعلمت «الجمهورية» أنّ شهيّب سيجتمع اليوم مع رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون ورئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل لسؤالهما ماذا يريدان أن يفعلا بالنفايات في كسروان والمتن، بما أنّ كلّ جهة تكفّلت بمعالجة نفاياتها؟
كما علمَت «الجمهورية» أنّه وفي خلال اجتماع السراي، قال خليل للمجتمعين: إذا كنتم تطلبون من كلّ طرف أن يؤمّن نفاياته، نحن نتكفّل بنفاياتنا في الضاحية. فسأل الرئيس سلام، أين؟ أجابه خليل: «عندما تدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء وتطلب منّا إبلاغك بأماكن المطامر سنبلِغك حينها».
«سرار» و«الناعمة»
وفي المعلومات أيضاً أنّ مطمر سرار لا يزال قائماً وأنّ شهيب وأبو فاعور أبلغا المجتمعين أنّ طرح مطمر الناعمة لسبعة أيام لا يزال سارياً، وبالتالي لم يعُد هناك مشكلة إلّا بنفايات المتن وكسروان، والأمر يتوقف على جواب عون والجميّل.
وزير الدفاع
وكان وزير الدفاع سمير مقبل نبَّه من السراي أنّنا في مأزق كبير، لن نستطيع الخروج منه إذا لم يؤمّن «حزب الله» وحركة «أمل» مطمراً في البقاع. وقال: «ندرس وبشكل جدّي قضية تصدير النفايات إلى الخارج«.
الراعي: تقاسُم الحصص
في غضون ذلك، شكّك البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لدى عودته الى بيروت آتياً من ميلانو «في أن يقدِّم الرئيس سلام استقالته بهذه البساطة»، وأكّد وجوب ألّا يفعل ذلك، سائلاً: «لمن سيقدّمها؟ ومن سيَقبلها؟ وهل تنقص لبنان خضّات؟
على الأقلّ يجب على الحكومة أن تبقى موجودة رسمياً، وتجتمع عندما تستطيع». واعتبَر أنّ سلام «ليس متهوّراً ليقدّم استقالته ويرمي البلد إلى المجهول، هذا أمر غير مقبول على الإطلاق، نحن نحيّيه ونشدّ على يده، ونتمنّى عليه أن يحافظ على الحكومة ويجمعها في أقرب وقت».
واستغرب الراعي لماذا لا تطبّق خطة شهيب، وقال: «منذ زمن قلنا وتمنّينا أن يتمّ السير في هذه الخطة عوض رمي لبنان في النفايات. فبعدما فقدنا كرامتنا بسبب عدم انتخاب رئيس وأيضاً لِما نعانيه اليوم من أزمات، فهل المطلوب إغراقنا أكثر فأكثر في موضوع النفايات؟
وهل إنّ التظاهرات التي قام بها الشعب والصرخات التي سمعناها لم تهزّ ضمير أحد من المسؤولين حتى الآن؟ هذا الواقع مرفوض، والأبشع من كلّ ذلك أنّهم يختلفون على تقاسم الحصص».
الرواتب
ومع بروز حديث عن مشكلة في دفع الرواتب، قال وزير المال: «هناك نقص في تغطية بند الرواتب، وهذا الأمر لا يعكس على الإطلاق مشكلاً ماليّاً. هناك مبالغ متوفّرة من الاحتياط وهي بحاجة الى اتّخاذ قرار في مجلس الوزراء لإصدار مرسوم في هذا المجال، وفي اللحظة التي يتّخذ فيها هذا القرار تتأمّن كلّ الرواتب والتي قيمتها 444 مليار ليرة لبنانية لشهري تشرين الثاني وكانون الاوّل.
وإذ طمأنَ خليل إلى جهوزية وزارة المالية للدفع في هذه اللحظة، أكّد أنّه لن يدفع بطريقة مخالفة للأصول والقوانين، وشدّد أنّ الموضوع بعيد كلّ البعد عن التسييس، وهو مسألة دستورية قانونية بحت، وليس له علاقة بخلفية الصراعات السياسية والانقسامات القائمة.
البلد :
شهدت بيروت ومداخلها امس اغلاقا للطرقات بسبب فيضان مجاري الصرف الصحي، نتيجة هطول الامطار، فسُجن آلاف اللبنانيين على الطرقات لساعات نتيجة اصرار الحكومة والحكام على الاستمرار في سياسة اهانة اللبنانيين وابتزازهم بإعدام ما تبقى من ظلال المؤسسات الدستورية او الانهيار الكامل.
المطر غير المسيس وغير المطيف هبط بغزارة بعد ظهر امس فأقفل الطرق والمجاري وسجن الناس في سياراتهم في بيروت وضواحيها في ساعة الذروة من دون مؤازرة من النفايات، في المقابل الحراك المدني المنقسم على ذاته فقد قدرته على المساءلة وانضم الى الحكومة المشلولة والمجلس النيابي المعطوب.
ومع تحديد رئيس الحكومة تمام سلام اليوم حدا فاصلا لتسمية الاشياء باسمائها واتخاذ القرار المناسب ازاء سياسة التعطيل المتعمد، قام رئيس مجلس النواب نبيه بري بسلسلة اتصالات طارحا افكارا جديدة في شأن حل ازمة النفايات تنسجم مع خطة الوزير اكرم شهيب وتتطلب وفق ما اعلن وزير المال علي حسن خليل اجتماع الحكومة خلال 24 ساعة، وهو اعلن في لقاء الاربعاء النيابي "ان معالجة ملف النفايات بشكل حاسم باتت ضرورة وطنية لا تحتمل التأخير باي شكل من الاشكال".
وافادت أوساط رئيس الحكومة تمام سلام انه حتى اللحظة ما زال ينتظر جواب "حزب الله"، مشيرة الى ان "ما سيحصل اليوم وغدا مفصلي".
وسط هذه الاجواء، وفي غياب الحلول العملية، تتحرك حملة "طلعت ريحتكن" في الشارع مجددا اليوم، حيث ينطلق الناشطون في مسيرة من المتحف الى عين المريسة. وأشارت مصادر الحملة الى "أننا سنخرج في "سلمية" مطلقة حيث سنرتدي القمصان البيضاء ونحمل الشموع، هدفنا ليس الاصطدام بأحد والقوى الامنية أهلنا، رسالتنا موجهة الى السلطات السياسية التي تدير البلاد حاليا".