«اللي استحوا ماتوا» ولوكان يملك اهل الحل والربط في لبنان ذرة من الحس بالمسؤولية لأقدموا على الاستقالة امام المشهد المأساوي والمرعب الذي غطى طرقات لبنان مع «تاني شتوة» «زربت» اللبنانيين في سياراتهم لساعات وساعات، بعد ان سدت مجاري المياه وضاقت كل الطرقات التي تحولت الى بحيرات ودخلت البيوت وضربت الممتلكات، ولم يكن امام الناس الا «الدعاء لربهم » حتى تتوقف عاصفة الشتاء ليعودوا الى منازلهم، بعد ان احتجزتهم العاصفة دون اي تحرك من قبل الدولة او تحرك الوزارات المعنية.
الدولة بدت امس غارقة في عاصفة من المشاكل، من النفايات الى بحيرات المياه الى رواتب الموظفين وتحديداً العسكريين الذين يقدمون الغالي والرخيص لحفظ امن البلد واستقراره. لكن هذه الجهود لا تلاقي اي صدى لدى المسؤولين الغارقين في «حصصهم» وسرقاتهم، خصوصاً ان ملف النفايات يدر ملايين الدولارات. ويبدو ان الخلافات على قسمة «الجبنة» واي طريق سيسلكه هذا الملف الذي بات يهدد صحة كل اللبنانيين بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وكل فئاتهم الاجتماعية.
ورغم الازمات المتلاحقة، فان ملف النفايات شهد امس «ربع فتحة» لا يمكن التعويل عليها بانتظار الحسم في اجتماع السراي اليوم عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر بين الوزير شهيب والرئيس تمام سلام، وعلى ضوء الاجتماع سيرفع شهيب «العشرة» ام يواصل اجتماعاته، وكذلك الرئيس سلام، الذي واصل تهديداته دون ان يعلن موقفاً حاسماً ونهائياً بالاستقالة او الاعتكاف، لكنه تمسك خلال اللقاء الذي عقد في السراي برئاسته وحضور شهيب وابو فاعور ووزير الداخلية نهاد المشنوق والوزير علي حسن خليل، يرفض سلام عقد اي جلسة لمجلس الوزراء قبل الحصول على موافقة جميع الاطراف على خطة شهيب وتحديد مكان المطمر في البقاع، لان سلام مصر على ان اجتماع الحكومة يجب ان يقر الخطة بدقائق، ولا يكون ساحة لاستكمال النقاش فيها، اي حل الخلافات خارج الحكومة وتكون الجلسة مخصصة «لزف البشرى» الى اللبنانيين.
وقد تحرك الوزيران اكرم شهيب ووائل ابو فاعور بين عين التنية والسراي. وقالت مصادر متابعة للملف ان الرئيس بري قال للوزيرين اكرم شهيب ووائل ابو فاعور «انسوا» مطمر البقاع ويشيّع البعض ان الكمية التي ستنقل من الضاحية وبعض المناطق الى مطمر البقاع توازي الـ 1000 طن يومياً».
واضاف: «انا وحزب الله نتعهد بايجاد مطمر لنفايات الضاحية، لا تُحرجوا ابداً وستكون مسؤوليتنا ايجاد المكان وطمر الـ 1000 طن يومياً، وهذه الذريعة سنسحبها من الذين يعارضون طمر نفايات الضاحية في مناطق معينة وسنسحب هذه الذريعة من التداول، واذا كانت النيات صادقة فليجتمع مجلس الوزراء ويقر خطة النفايات»، علماً ان بري قال لشهيب: حتى الان لم نحدد المكان لكننا سنجد الحل.
كما قدم الرئيس بري اقتراحات للحل تقضي باقامة مطمر في كل منطقة، وتحدث عن عدد من الخيارات انطلاقا من خطة شهيب لتجاوز المنطق المذهبي المناطقي، داعيا الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، خلال الـ24 ساعة المقبلة.
وعلم ان موضوع اقامة مطمر في منطقة بعلبك والسلسلة الشرقية امر غير وارد مطلقاً لاعتبارات بيئية وامنية ورفض اهالي المنطقة. هذا ما تم ابلاغه للجميع، وحاول تيار المستقبل الدخول من هذا الباب للتأكيد على ان لا مطمر في عكار دون اقامة مطمر في منطقة بعلبك، وهذا الموقف مدعوم من الرئيس تمام سلام بتحديد مكان المطمر قبل اي شيء اخر.
وعلم ان موضوع انشاء المحارق يطرح جديا كصيغة للحل رغم اعتراض المنظمات البيئية، فيما اشارت معلومات ان الوزير يعقوب الصراف عندما تولى وزارة البيئة حدد اماكن للمطامر في معظم المناطق. ولماذا لا يتم العودة اليها؟
مجمل الافكار التي طرحت في الساعات الماضية ستناقش في اجتماع سلام وشهيب اليوم فان ظهر الدخان الابيض سيتم حل باقي الامور وستعقد جلسة تشريعية. اما اذا بقيت الامور تراوح مكانها فان التعطيل سيطال كل المؤسسات حتى المجلس النيابي، لكن اوساط قريبة من الاتصالات استبعدت لجوء سلام الى الاستقالة او الاعتكاف. واكدت ان ما يحكى عن استقالة لرئيس الحكومة او اعتكافه مسألة غير واردة، وان تهديدات سلام باللجوء الى احد الخيارين هدفه الضغط من اجل ايجاد حلول لمسألة النفايات. اضافت ان سلام لا يتمكن من اتخاذ قرار بهذا الحجم في ظل الشلل القائم دون الاخذ بالاعتبار مواقف القوى السياسة التي تريد الحفاظ على الحكومة ولو بالحد الادنى من العمل في هذه المرحلة. واوضحت ان تيار المستقبل لن يفرط بالحكومة ولذلك فأي قرار بالاستقالة او الاعتكاف يشكل انعكاسا لموقف المستقبل بينما الاخير يريد ابقاءها وهو ما اشار اليه رئيس التيار سعد الحريري في تصريحه قبل يومين.

ـ لا سلسلة للرتب والرواتب ـ

وقالت مصادر نقابية في هيئة التنسيق النقابية ان اجتماعها مع الرئيس نبيه بري للمطالبة بوضع السلسلة على جدول اعمال الجلسة التشريعية لم ينته الى اي وعود بهذا الخصوص. واوضحت ان الرئيس بري وضع وفد الهيئة باجواء اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب بما خص السلسلة، وابلغه انه سيكون صوت الهيئة في اجتماع هيئة المكتب الاسبوع المقبل وفي الجلسة التشريعية عندما ستنعقد.
وكشفت المصادر في السياق ذاته، ان نواب 14 آذار الاعضاء في هيئة مكتب المجلس رفضوا بشدة وضع السلسلة على جدول اعمال الجلسة وبخاصة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، والنائبان احمد فتفت ومروان حماده، بحجة انه في ظل المساعي لاقرار تشريع الضرورة لا نستطيع فرض ضرائب في ظل الشلل الحاصل والازمات الاقتصادية والمالية.
وعلم في هذا الاطار، ان وفد الهيئة سيجتمع اليوم مع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وطلب مواعيد مع كل من رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط.
وكان لافتاً ان وزير المالية اعلن انه لن يدفع رواتب الموظفين بطريقة غير قانونية مشيرا الى ان المشكلة ليست مالية بل قانونية، خصوصاً ان رواتب العسكريين لم تصرف امس بسبب عدم تحويل وزارة المالية الاموال العائدة لرواتب العسكريين.