تسارعت الأحداث والجهود عشية «الخميس» الموعود بوصفه سقفاً زمنياً نهائياً وضعه رئيس الحكومة تمام سلام ومعه الوزير أكرم شهيب لإنجاز أسس تطبيق خطة طمر النفايات، بحيث أسفرت الاجتماعات والمشاورات المارتونية أمس بين مقرّي الرئاسة الثانية والثالثة، معطوفة على الآفاق المفتوحة التي عكستها نتائج الجولة 20 من حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله»، عن تكوين بصيص حل يعوّل على بلورته خلال الساعات المقبلة بشكل يؤمّن طمر النفايات وتعويم الحكومة. وإذ تقاطعت المواقف السياسية والروحية عند المراهنة على فائض «الصبر» لدى رئيس الحكومة تمام سلام لضمان عدم إقدامه على الاستقالة باعتباره «ليس متهوراً ليرمي البلد في المجهول» كما قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، أفاد زوار سلام «المستقبل» أنه بصدد إفساح المجال واسعاً أمام إنجاح مساعي ربع الساعة الأخير لعلها تتيح تحقيق الشراكة الوطنية المرجوة في عملية معالجة ملف النفايات.

وكذلك الأمر بالنسبة للوزير شهيب الذي أكدت مصادره لـ«المستقبل» أنه سيستكمل مشاوراته اليوم مع مختلف القوى السياسية في محاولة أخيرة لتعبيد الطريق أمام إيجاد سبل تنفيذ خطة الحكومة، على أن يعود بتقريره النهائي إلى السرايا الحكومية لتسليمه إلى رئيس الحكومة موضحاً فيه ما توصلت إليه اللجنة المختصة والنتائج التي حققتها طيلة مدة تكليفها بدرس وتطبيق الخطة. ومن المرجح أن يكتفي شهيب بتقديم التقرير وإرجاء خطوة اعتذاره عن عدم إكمال مهمته في رئاسة اللجنة ريثما يتبين له مآل الجهود المبذولة والوعود المعطاة، بينما ستكون له إطلالة تلفزيونية مساءً عبر «كلام الناس» من المتوقع أن يستعرض فيها بشكل مفصّل مسار العمل الذي سلكته خطة النفايات والمطبات التي اعترضت طريقها وصولاً إلى مساعي اللحظات الأخيرة لتدارك انفجار الأزمة.

وكان شهيب والوزير وائل أبو فاعور قد زارا عين التينة صباح أمس حيث اجتمعا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور الوزير علي حسن خليل الذي كشف أنّ بري طرح خلال الاجتماع «أفكاراً جديدة وجدية تتطلب عقد اجتماع لمجلس الوزراء خلال 24 ساعة»، في حين أوضح شهيب أنّ بعض هذه الأفكار «يتناغم مع خطة الحكومة ومنها ما يحتاج إلى جلسة لمجلس الوزراء»، معلّقاً على استفسارات الصحافيين عما إذا كانت كل منطقة تتجه إلى إنشاء مطمرها بالقول: «كل ديك على مزبلتو صياح».

وفي هذا السياق، أفادت مصادر مواكبة للأفكار المطروحة «المستقبل» أنّ الأرجحية هي للاتجاه نحو «فدرلة» طمر النفايات، موضحةً أنّ الطمر وفق هذه المعادلة يتيح «تحقيق الشراكة الوطنية على مستوى الأقضية». ولفتت المصادر إلى أنّ «حزب الله» و«حركة أمل» وعدا بتولي تأمين عمليات الطمر ضمن نطاق مناطق نفوذهما سيما في البقاع الشمالي، بما يؤمن حلاً متوازناً مناطقياً مقابل اعتماد مطمر سرار في عكار بالتزامن مع إعادة فتح مطمر الناعمة لمدة سبعة أيام بحسب خطة الحكومة. فيما تبقى مسألة تأمين مطمر في جبل لبنان عالقة بانتظار ما ستتوصل إليه المشاورات التي يجريها شهيب اليوم مع كل من «التيار الوطني الحر» و«حزب الكتائب اللبنانية»، علماً أنّ النائب ميشال المر كان قد أكد خلال جلسة الحوار الوطني الأخيرة وجود تصور لديه لإيجاد مطمر خاص بنفايات منطقة المتن.

وليلاً، أعلن شهيب بعد اجتماع عقده وأبو فاعور مع رئيس الحكومة في السرايا الحكومية بمشاركة الوزيرين نهاد المشنوق وخليل، أنّ اجتماعاً جديداً سيُعقد اليوم مكتفياً بالإشارة إلى أنّ «اتصالات اللحظة الأخيرة تجري لإنجاز عناصر الحل لأزمة النفايات».

حوار عين التينة

وكانت جولة الحوار أمس الأول بين «المستقبل» و«حزب الله» قد نجحت في فتح كوة في جدار الأزمة، وهو ما أكده بري خلال لقاء الأربعاء النيابي لناحية وصف الجلسة بـ«الإيجابية والصريحة والمثمرة»، معلناً التنسيق بين «أمل» و«حزب الله» لإيجاد مطامر مناسبة في منطقة البقاع، وسط تشديده على «ضرورة حل هذا الملف بشكل نهائي وحاسم». كما نوّه بكون حوار عين التينة شهد في جولته العشرين «مصارحات واقعية وردّ على استفسارات بشكل جدي وفاعل بالنسبة للخطة الأمنية في البقاع».

وفي الإطار عينه، أوضحت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» أنّ القرار اتخذ في ضوء نتائج جلسة حوار عين التينة بضرورة إحراز «تقدم جدي وملموس سواءً باتجاه تطبيق خطة البقاع الأمنية أو باتجاه تنفيذ خطة النفايات الحكومية»، مؤكدةً في الوقت ذاته أنّ «المتحاورين بحثوا بشكل فعلي وفاعل كيفية تسهيل عمل مجلسي النواب والوزراء، بالإضافة إلى ماهية البنود التي تحتل الأولوية ضمن مفهوم تشريع الضرورة وفي طليعتها البنود المالية». أما على مستوى الخطة الأمنية في البقاع، فرشحت معلومات موثوقة تفيد بأنّ المتحاورين اتفقوا على التواصل مع قيادة الجيش للتنسيق معها حول السبل الآيلة إلى ضمان حُسن تنفيذ الخطة.

رواتب العسكريين

في الغضون، فرض التعطيل المؤسساتي نفسه بقوة على الساحتين العسكرية والأمنية في البلد من خلال عدم تحويل معاشات الجيش وقوى الأمن أمس كما درجت العادة عند نهاية كل شهر. وأعلن وزير المالية عدم قدرته على تحويل هذه المعاشات بانتظار قوننة صرفها سواءً من مجلس النواب أو من مجلس الوزراء، لافتاً الانتباه إلى أنّ «النقص في تغطية بند الرواتب لا يعكس على الإطلاق مشكلة مالية، فهناك مبالغ متوافرة من الاحتياط وهي بحاجة إلى اتخاذ قرار في الحكومة لإصدار مرسوم في هذا المجال، وفي اللحظة التي يُتخذ فيها هذا القرار تتأمن كل الرواتب التي قيمتها 444 مليار ليرة لبنانية لشهري تشرين الثاني وكانون الأول».

وشدد خليل لـ«المستقبل» على كون مسألة قوننة صرف الرواتب «بعيدة كل البعد عن التسييس، ولا تندرج بأي شكل من الأشكال في إطار الضغط على القوى السياسية للحضور إلى مجلسي النواب والوزراء»، مذكراً في هذا السياق بأن وزارة المالية تعمل حالياً على أساس خطة الصرف الاثني عشرية وبأنّ القرار الأخير الذي صدر عن مجلس الوزراء لنقل اعتمادات صرف الرواتب من احتياط الوزارات لا يلحظ تغطية صرف رواتب الشهرين المقبلين، الأمر الذي يُوجب العودة إلى مجلس الوزراء من جديد لإقرار نقل هذه الاعتمادات.