هل استنفدت الحكومة نفسها وصارت عبئاً على جميع مكوّناتها، بما في ذلك على رئيسها تمام سلام؟
في العلن، الكل يقول إنه ما زال متمسكاً بالحكومة، ولكن في السر، صار الكل متصالحاً مع فكرة أن الحكومة باتت تملك وظيفة وحيدة، سواء التأمت أو استقالت أو اعتكفت أو ماتت سريرياً، ألا وهي وظيفة تصريف الأعمال حتى يأتي زمن التسوية اللبنانية، في «كعب» سلّم التسويات، فيكون للبنانيين سلة تأتيهم كما جرت العادة من الخارج تتضمن اسماً لرئيس جمهوريتهم العتيد واسماً لرئيس حكومتهم وتوازنات حكومية وقانوناً انتخابياً وربما تتضمن تفاهمات على «قضايا حيوية»، بينها هوية بعض موظفي الفئة الأولى في مواقع مدنية وغير مدنية.
هل استنفد الحوار الوطني الموسع في مجلس النواب أو الحوار الثلاثي في عين التينة غرضه؟
في العلن، الكل يقول إنه متمسك بهذا الحوار أو ذاك، ولو أنه يلعب لعبة الشعبية على طريقة سامي الجميل و «حرقته» على «النفايات الوطنية». في السر، الكل بات مقتنعاً بأن الحوار الموسع أو الثنائي يملك وظيفة وحيدة، عنوانها إبقاء خيط التواصل قائماً في انتظار معطيات خارجية قادرة على تعديل جدول الأعمال الداخلي، حيث لا أحد مستعد للتنازل للآخر، بما في ذلك في النفايات التي بات التعامل معها يشكل فضيحة تستحق التدريس في كبرى المدارس والمعاهد والجامعات في العالم.
في العلن، الكل جاهر سياسياً بتأييده لخطة الطوارئ المؤقتة التي أعلنها وزير الزراعة أكرم شهيب. لكن الكل تنصل من «نفاياته» وحاول أن يرمي بالكرة في ملعب الآخرين، وعندما كان يحصل تقارب سياسي كانت المسافات تضيق، أما عندما يصبح المتراس هو الفاصل بين القوى السياسية، فإن خطة النفايات تصبح كرة يحاول هذا أو ذاك رميها في الملعب الآخر.
حتى الوقائع لم تغير في لعبة التشاطر السياسي. تكدست النفايات في شوارع العاصمة والضواحي ومعظم جبل لبنان وجاء زمن «الطوفان».. ولعل الآتي أعظم، لكن لسان حال المسؤولين في السلطة، لم يغادر مربع رفع المسؤولية عن الذات، لكأن إسرائيل أو «داعش» تتحمل مسؤولية عرقلة هذا الملف ـ الفضيحة.
ولعل الأخطر من هذا وذاك، هو السؤال الذي صار يقلق الكثيرين عما اذا كانت هناك ضوابط يمكن أن تحول دون انزلاق الوضع الداخلي نحو نقطة أكثر تعقيدا، سياسيا وأمنيا، في ضوء احتدام الاشتباك السعودي ـ الايراني، خصوصا اذا استمر منطق التعطيل قائما على صعيدي الحكومة ومجلس النواب.
سلام: العقد في كل مكان
رمى رئيس الحكومة تمام سلام كل ما يملك من معطيات أمس أمام المشاركين في طاولة الحوار الوطني، قبل أن يحزم حقائبه ويعتكف في دارته في المصيطبة، متخففا من أعباء «السرايا الكبيرة» والمسؤوليات التي تفرضها عليه.
قال سلام لـ «السفير»: «لقد أبلغت موقفي الى المجتمعين في الحوار الوطني وقلت لهم اذا لم يكن هناك قرار سياسي موحد لدى الحكومة بكل مكوّناتها بشأن خطة النفايات، فهذا يعني أنه لا لزوم لبقاء الحكومة».
ما لم يقله سلام هو أن الجميع زايد عليه بتبني الخطة من دون أن يترجم ذلك عمليا، وخصوصا من «الكتائب» وباقي المكوّنات المسيحية للحكومة.
وقال سلام إنه لن يقبل برفض مكوّن حكومي واحد لخطة معالجة النفايات، فإن رفضها مكوّن واحد أو حتى ربع مكوّن، فلن أدعو الى جلسة لمجلس الوزراء، وستكون لي خياراتي المناسبة.
وأوضح ان العقدة «لا تكمن فقط في إيجاد مطمر في بعلبك ـ الهرمل أو في البقاع الاوسط، بل ثمة عقدة في مطمر سرار بعكار، وفي إيجاد مطمر في كسروان والمتن، ففي جبل لبنان الشمالي، يوجد أكثر من ثلاثين مقلعا وكسارة رفضت القوى السياسية هناك إعطاءنا مطمراً واحداً فيها، ومع ذلك يخرج البعض ليطالبني بتنفيذ مطمر سرار باستخدام القوة، فلماذا يريدون أن يتحمل رئيس الحكومة أو وزير الداخلية مسؤولية تنفيذ المطمر بالقوة في عكار وهم يرفضون إقامة مطامر في مناطقهم؟».
وكشف سلام انه سبق لـ «حزب الله» أن أبلغنا بحماسة موافقته على اختيار مطمر في البقاع الاوسط، «لكن يبدو أنه بعد كلام الوزير نهاد المشنوق في احتفال الذكرى الثالثة للواء الشهيد وسام الحسن، شعر بأنه مستهدف بموقف سياسي، فتم إبلاغنا بعدم الموافقة على المطمر لأسباب أمنية»!
وقال سلام: أنا حذرت الجميع في جلسة الحوار من أنني «عندما أتخذ أي موقف، انما أتخذه من تلقاء نفسي وليس تلبية لرغبة أي طرف»(ص2).
الحريري: لا بديل من الحوار
وفي موقف لافت للانتباه، ويعبّر في مكان ما عن بلوغ المأزق الحكومي حافة الخطر، طالب الرئيس سعد الحريري بوضع القرار الذي اتخذته الحكومة بشأن النفايات موضع التنفيذ، سواء من خلال المراسيم والإجراءات التي تتطلبها عملية التنفيذ، أو من خلال وضع كل الجهات المعنية أمام مسؤولياتها، وأعلن وقوفه «بقوة» وراء سلام وكذلك دعمه لخطة شهيب، وقال في بيان مطول «إن حل مشكلة النفايات يتطلب تحمل الجميع مسؤولياتهم لتمكين الرئيس سلام من الدعوة لأسرع اجتماع لمجلس الوزراء».
وفي رد تأخر أكثر من ثلاثة أيام على الخطابين العاشورائيين الأخيرين للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، دافع الرئيس الحريري عن السعودية وجدّد التزامه «باستمرار الحوار في نطاق المصلحة الوطنية اللبنانية برغم المحاولات الجارية لإغراقه بالجدل العقيم والبنود الطارئة وخطاب التهويل». وقال: «اننا لا نرى وظيفة للحوار الوطني في هذه المرحلة من حياة لبنان، سوى البت بمصير رئاسة الجمهورية وإنهاء الفراغ في سدة الرئاسة، والتوافق على شخصية وطنية تعيد الإمساك بمفتاح تكوين السلطة وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية».
وقال الحريري إن الحوار خيارنا وبادرنا اليه وتمسكنا به في أصعب الظروف «ولن نهدي «حزب الله» فرصة القضاء على الحوار، لان لا سبيل سواه لتنظيم الخلافات مهما اشتدت، ولان على طاولة الحوار يجلس شركاء لنا في الولاء للبنان وأمناء على المصلحة الوطنية وقواعد العيش المشترك بين اللبنانيين
السفير : هل يدفع لبنان ثمن احتدام الاشتباك السعودي ـ الإيراني؟ سلام للاعتكاف.. والحريري يحاول إنقاذ حكومته
السفير : هل يدفع لبنان ثمن احتدام الاشتباك السعودي ـ...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
389
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro