على مدى أربعة أيام متتالية عقد قائد الجيش العماد حان قهوجي سلسلة لقاءات الاسبوع الماضي مع ضباط من الرتب كافة في اليرزة. هي محطة سنوية دأب عليها قهوجي في السنوات الثلاث الماضية في محاولة منه للتقرّب أكثر من الضباط ووضعهم في صورة الاجواء الاقليمية والسياسية وتعليمات القيادة الداخلية، لكنها أتت هذه المرة بعد الغبار الكثيف الذي لفّ المؤسسة العسكرية أولا على خلفية توقيع وزير الدفاع التمديد الثاني لقائد الجيش ولرئيس الاركان ثم بعد الخضّة التي أثارتها مسألة الترقيات العسكرية.
كعادته وضع قهوجي الضباط في المناخات السياسية داخليا وخارجيا، معتبرا ان ثمّة دولا مشغولة بحروبها وأخرى مشغولة بردّ هذه الحروب عنها، مبرزا أهمية الدور الكبير الملقى على عاتق «العسكر» لناحية المهمات الامنية والدفاعية شمالا وبقاعا وجنوبا وفي الداخل، وتحديدا في منع انتقال الحرب في سوريا الى لبنان، وإثبات الجيش الدائم قدرته على منع انفجار الوضع الداخلي ووأد الفتنة.
وأشار قهوجي الى الاجماع غير المسبوق على الجيش من جميع القوى السياسية في هذه المرحلة، مما يشكّل أحد أهم ركائز الاستقرار، إلا أنه لفت الى انه بسبب توقّف مجلس الوزراء عن الانعقاد وإقفال أبواب مجلس النواب، فان الترقيات ودورات الضباط قد توقفت.
بالمقابل، كان قهوجي واضحا في توقّع عدم حصول انتخابات رئاسية في المدى المنظور حتى لو ان توقيع الاتفاق النووي قد أدى الى حصول «تنفيسة» في المنطقة إلا ان تعقيدات اقليمية ودولية عدّة تمنع السير باتجاه التسوية الشاملة، مع تشديده على ان وضع المصارف جيد رغم الازمات الاقتصادية.
ومرّة أخرى كرّر قهوجي أمام الضباط، لكن بلهجة بدت أكثر حزما، المحظور الاول: ممنوع التقرّب من السياسيين والتزلّم لهم، مشددا على مسألة الانضباط والمناقبية العسكرية والتقيّد بتعليمات وتوجيهات القيادة لا السياسيين والحزبيين. وإذ وصف بعضهم بـ «سياسيي الصدفة»، كان حازما في التأكيد بأن قوة الضابط هي في عدم طرقه باب السياسي او الزحف باتجاهه، مؤكدا ان التشكيلات والتعيينات تتمّ وفق معياري الكفاءة والنزاهة وليس الوساطات، وهو لا يرضى بمن يأتيه من السياسيين مطالبا بنقل الضابط الفلان او تعزيز موقعه.