شكّل اللقاء الرباعي الذي عقد في فيينا يوم الجمعة الماضي وجمع وزراء خارجية أميركا وروسيا وتركيا والسعودية الإشارة الأكثر وضوحاً بأنّ البحث الجدي في إنهاء الأزمة السورية قد بدأ ، قد يكون صحيحاً أنّه خلال هذا اللقاء لم يتم الإتفاق بشكل نهائي على بعض القضايا الخلافية ومنها دور الرئيس بشار الأسد في المرحلة الانتقالية واشراك ايران في مفاوضات الحل ، لكن من الواضح ان هذا اللقاء هو بداية البحث الجدي عن الحلول ، وهذا ما اشارت اليه المواقف التي أطلقها وزراء الخارجية المشاركون في اللقاء في الأيام القليلة الماضية .
وقد جاء هذا اللقاء بعد سلسلة تطورات عسكرية وسياسية وميدانية مهمة ومنها على سبيل الإشارة : التدخل الروسي العسكري المباشر في الصراع وانعكاس هذا التدخل على الوضع الميداني ، استقبال الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين للرئيس السوري بشار الأسد في موسكو وبث فقرات من اللقاء إعلامياً في إشارة إلى دعم روسيا لبقاء الأسد في المرحلة الإنتقالية، اطلاق مواقف وتصريحات اميركية و أوروبية وعربية عن القبول بوجود الرئيس الأسد في المرحلة الانتقالية مع الخلاف حول هذه المدة، استقبال الرئيس الأسد لوفد روسي والإعلان عن قبوله إجراء تعديلات دستورية تمهّد لاجراء انتخابات رئاسية ونيابية جديدة ، نشر العديد من الأفكار والمعلومات عن الخطة الروسية للحل والتي تتضمن إعطاء الصلاحيات للحكومة الجديدة والتحضير لإجراء انتخابات نيابية ورئاسية ، تزايد الانزعاج الاوروبي من مشكلة اللاجئين السوريين والخوف المتزايد من خطر داعش والتنظيمات المتطرفة.
هذه بعض المؤشرات التي تشير إلى أنّ البحث الجدي عن حل الأزمة السورية قد بدأ ، وان كان ذلك لا يعني أنّ الحل سريع ، لأنّ هذا الحل مرتبط أولاً بالتطورات الميدانية وبتفاصيل الخطط السياسية للحلول والاتفاق على اليات المفاوضات ودور الاطراف الاقليمية والدولية وخصوصا دور ايران وحزب الله في الحل .
لكن ما يمكن قوله أنّ الأوضاع في سوريا بعد لقاء فيينا قد دخلت مرحلة جديدة وأنّ الأسابيع المقبلة ستشهد تطورات متسارعة ميدانياً وسياسياً قد تمهد للحلول السياسية وإنّ على جميع الأطراف السورية والعربية والإسلامية أن تدرك أنّ الصراع في سوريا قد استنفذ أغراضه وأن القوى الدولية وخصوصاً أميركا وروسيا وأوروبا قد قررت اعادة الامساك المباشر بالاوضاع وان القوى الاقليمية والعربية والمحلية لا يمكن ان تقف في مواجهة الحلول التي سيتم الاتفاق عليها ، لكن علينا الانتظار حتى نهاية العام الحالي كي نرى تفاصيل الحل واليات تنفيذه وكيفية تطبيقه وعلى ضوء ذلك نقوم جميعاً بإجراء مراجعة شاملة لما جرى في السنوات الخمس الماضية كي نحدد الأخطاء والإشكالات والنتائج لكل ما حصل.