«جمهورية العار.. جمهورية الموز.. جمهورية القهر»، مع سيل جارف من السباب والشتائم قصف فيه المواطنون اللبنانيون الطبقة السياسية بأبشع النعوت والسباب والشتائم، بعد ان «بلغ السيل الزبى»، اذ اجتاحت الاف الأمطار المكعبة طرقات بيروت والمدن الساحلية والجبلية، حاملة معها، الى الوحول والاتربة، مئات الأطنان من النفايات المنزلية المتراكمة على جوانب الفشل السياسي، ومعها الخطر الداهم للأوبئة والامراض ومنها الكوليرا وغيرها من المصائب، وكأن اللبناني «بعد ناقصو».
المناطق اللبنانية من سواحلها الى جبالها غرقت بالسيول وتحوّلت طرقاتها الى بحيرات تسبح فيها اكياس النفايات.
فمشهد النفايات «السائلة» التي امتطت سيول المياه المتفجرة من عبارات المياه المغلقة بسبب سوء الادارة وفساد البلديات وهدر الوزارات والمجالس والصناديق «المنحوتة» جعلت المواطنين يكفرون بسياسييهم الذين سجلوا اعلى منسوب من الفشل السياسي، وكسروا الرقم القياسي العالمي في سوء استعمال السلطة واقتسام الغنائم.

ـ الحكومة بخطر ـ

مؤشرات عديدة تجمعت وباتت تهدد مصير الحكومة اللبنانية، أولها عجزها عن تطبيق خطة الوزير شهيب للنفايات، التي ربط كل من «الاشتراكي» و«الكتائب» مصير استمرارهما في الحكومة بها، مع بروز إشارات إلى أن احتمال الفشل أكبر بكثير من فرص النجاح، ومع الإعلان المرتقب لانسحاب شهيب من الموضوع، الذي قابله تهديد رئيس الوزراء تمام سلام بتعتيم السراي.
«لا لزوم لبقاء حكومة لا تستطيع رفع الزبالة»، تقول مصادر وزارية للديار، خصوصا أن الأمطار «زركت» الجميع، وبات على أحد أن يدفع الثمن السياسي، متسائلة إن كان على سلام أن يتحمل المسؤولية ويكمل نص استقالته، ويحول حكومته إلى حكومة تصريف الأعمال، أم أن «في فمه ماء»، وسيكتفي بما برع فيه حتى الآن، وهو «الصمت والصبر»؟

ـ غضب جنبلاطي ـ

«كرة نار» النفايات على ما يبدو لسعت رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط الذي ارتفع منسوب غضبه بسبب تقاعس جميع الافرقاء السياسيين في قضية النفايات، بحسب مصادر الجبهة، التي تؤكد ان الانتقاد والتعطيل غير المسبوقين اللذين نالهما ممثلها وزير الزراعة اكرم شهيب وفريقه في لعبة التجاذب السياسي جعلا جنبلاط يطلب من رئيس الحكومة تمام سلام اعفاءه من هذه المهمة التي يظهر «انها مستحيلة» في ظل «عدم التعاون».
واكدت المصادر ان جنبلاط غاضب جداً بعد تعثر خطة شهيب واصطدامها بعقبة عدم القدرة على ايجاد المطامر في المناطق، خصوصا بعد صدمة «صلاة الجمعة» وفشل القوى السياسية الفاعلة في ايجاد مطمر في البقاع الشمالي. هذا الغضب عبر عنه الوزير وائل ابو فاعور في قوله ان الوزير شهيب سيقوم «بالجولة الأخيرة» قبل الإعلان النهائي.

ـ الحوار الثنائي ـ

وفي ضوء الكارثة البيئية، ينعقد الحوار الثنائي بين حزب الله وتيار المستقبل عصر اليوم وعلى جدول اعماله موضوعان اساسيان:
ـ مواصفات رئيس الجمهورية: ستدرس اوراق الاطراف التي قدّموها في هذا الخصوص، وسيأخذ الرئيس نبيه بري عناصر هذه الاوراق ويطرحها في النقاش.
ـ النفايات: ستكون هذه القضية جزءاً اساسياً من النقاش. واذا كانت الشتوة الماضية الخفيفة فرضت ساعة من الكلام، فمن المفترض انه بعد هذه «الشتوة» الكارثية سيطول البحث في هذه الكارثة البيئية.
وعلقت اوساط قريبة من حزب الله على المعلومات التي تحدثت عن أن الوزير نهاد المشنوق يدرس امكانية مشاركته في جلسة الحوار المقررة عصر اليوم بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة بالقول «ان هذا الكلام هو محاولة لتكبير الحجر، ولا يفيد في دفع الحوار الى الامام». واوضحت ان جلسة الحوار ستتم اليوم وان رئيس وفد المستقبل نادر الحريري سيأتي الى الحوار، واذا لم يحضر تكون هناك مشكلة داخل التيار نفسه.
واشارت الى ان جلسة اليوم ستبحث في عدد من الملفات الداخلية المطروحة، كما كان يحصل في كل جلسة من الجلسات السابقة. اضافت ان النقاش الابرز يركز على ترميم الثقة بين الحزب والمستقبل في ضوء ما حصل في الفترة الاخيرة من تصعيد سياسي، وبخاصة ما كان صدر عن الوزير المشنوق. كما سيتم البحث في وقائع الخطة الامنية لمنطقة البقاع والاسباب التي ادت الى تعثرها وكيفية اعادة اطلاقها من جديد.

ـ تشريع الضرورة ـ

وامس جدّد الرئيس نبيه بري امام زوّاره ضرورة عقد جلسة تشريعية في اقرب وقت ممكن، «ولن اضيف شيئاً فاجتماع هيئة مكتب المجلس سيحدد جدول الاعمال».
في سياق مواز، برزت مساع حثيثة بين الترويكا المسيحية «القوات والتيار والكتائب» لمقاربة موضوع تشريع الضرورة، والاتفاق على «رأي موحد» من موضوع المشاركة في جلسة مجلس النواب المخصصة لهذا التشريع، في ظل رفض معلن للكتائب لأي جلسة في ظل غياب رئيس، واشتراط القوات والتيار ان يكون قانونا الانتخاب واستعادة الجنسية مدخلا اساسيا لكل تشريع «ضروري»، باعتبار ان لا اولوية تعلو على هذين القانونين، مهما كانت الظروف السياسية لان فيها «الصيغة والميثاق».

ـ الحراك... يتحرك ـ

ما حصل بالامس من طوفان النفايات عرّى الطبقة السياسية من ورقة التوت الاخيرة، واعطى الحراك المدني جرعة دعم معنوية كان يعوزها، وجعل منه «السبيل الوحيد» خارج الاصطفاف السياسي، «فتحركت» القوات الحراكية على مختلف الصعد، اذ نفذت «كتائب» «طلعت ريحتكم» نشاط «فرز» على ضفاف نهر بيروت، في حين تحركت «قوات» «جايي التغيير» الى امام دالية الروشة لإزالة الردميات»، وهاجم «تيار» «بدنا نحاسب» ساحة رياض الصلح، وبعدها منزل رئيس الحكومة تمام سلام.

ـ اضراب لهيئة التنسيق النقابية بدون رابطة الاساتذة ـ

على صعيد آخر، دعت هيئة التنسيق النقابية الى الاضراب العام في المدارس والاعتصام والتظاهر من اجل ادراج سلسلة الرتب والرواتب في الجلسات البرلمانية المخصصة لتشريع الضرورة والمتوقع عقدها قريبا.
وجرت العادة ان تشارك جميع مكونات هيئة التنسيق في ذلك، الا ان اضراب اليوم سيشذ عن القاعدة، اذ اعلن اساتذة التعليم الثانوي الرسمي عدم مشاركتهم في هذا الاضراب، والانصراف الى عملهم بشكل عادي.
الهيئة دعت المعلمين في جبل لبنان وبيروت الى التجمع امام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو للمشاركة في الاعتصام المركزي، محذرة في الوقت عينه من ان التعرض لأي استاذ بسبب ممارسته حقه في التظاهر سيستدعي اللجوء الى القضاء، مؤكدة ان الاضراب سيكون شاملا لادراج سلسلة الرتب والرواتب على جدول اعمال الجلسة التشريعية، وان من اهم ضرورات ضرورة اقرار سلسلة الرتب والرواتب.
في سياق متصل، اعلن رئيس رابطة الاساتذة الثانويين في التعليم الرسمي عبدو خاطر ان عدم المشاركة سببه ان الاعلان عن الاضراب جاء دون اي مشورة او اعلام للرابطة بهذه الخطوة، واكد خاطر ان لا خلاف بين الرابطة وبين هيئة التنسيق، والهدف الوصول الى حقوق الاساتذة.