بعد ثلاثة أشهر وثمانية أيام من اقفال مطمر الناعمة ونشوء أسوأ ازمة نفايات لم يعرف لبنان مثيلاً لها حتى في زمن الحرب و"ادارة " الميليشيات، انفجرت هذه الكارثة بأبشع مظاهرها اطلاقاً أمس محولة مع سيول الامطار المنهمرة الكثير من مناطق بيروت والضواحي في جبل لبنان الى أنهر نفايات فاضت على الطرق والاحياء ومجاري الانهر ومسارب تصريف مياه الامطار. ولم تقف الكارثة عند هذا الحد بل تعدته الى تظهير فضيحة الانكشاف السياسي الذي يترجمه عجز خيالي عن اجتراح أي اجراءات عاجلة لوقف مزيد من التداعيات الخطيرة لعاصفة السيول والامطار وما يمكن ان ينجم عنها مع تكدس عشرات الالوف من الاطنان في جبال النفايات المنتشرة في كل مكان وخصوصا في العاصمة وجبل لبنان. وتمثلت انعكاسات هذه الكارثة في انها باتت تهدد جديا ، وأكثر من أي وقت سابق، مصير الحكومة الذي يبدو انه متجه فعلا الى الحسم هذا الاسبوع بدءا من مجريات جلسة الحوار اليوم في مجلس النواب التي قيل فيها انها ستكون جولة انقاذ الحكومة انطلاقاً من كارثة النفايات التي انقلبت الى البند الطارئ العاجل الذي سيتقدم بنود الحوار، والا فان تلويح رئيس الوزراء تمام سلام ووزير الزراعة اكرم شهيب بمهلة الخميس موعداً نهائياً "لرمي القفازات" في وجوه الجميع سيغدو أكثر من مجرد تلويح بل اجراء بقلب الطاولة الحكومية.
ولعل ما زاد احراج القوى السياسية التي لا تزال تعطل الفصل الختامي المفترض لاستكمال تنفيذ خطة شهيب ان ناشطي الحراك الشعبي عاودوا أمس تحركهم تحت الامطار ووسط سيول النفايات بدءا بقيام مجموعات من حملة " طلعت ريحتكم " بحملة لتنظيف مجرى نهر بيروت ومن ثم تجمع مجموعات أخرى من الحراك في ساحة رياض الصلح وبعدها أمام دارة الرئيس سلام في المصيطبة ، وهدد الناشطون بتصعيد تحركهم محددين الخميس المقبل ايضا مهلة نهائية لحل ازمة النفايات.

الحوار
وعلمت "النهار" ان ملف النفايات سيحتل الحيز الاوسع من النقاش على طاولة الحوار اليوم في مجلس النواب في ظل المهلة التي حددها الوزير شهيب والتي اقترنت بمهلة مماثلة حددها الرئيس سلام وتنتهي الخميس لاتخاذ موقف حاسم من معرقلي خطة الوزير إذا لم تحسم مسألة المطمرين في عكار والبقاع الشمالي. ونقلت مصادر سياسية عن سلام انزعاجه الشديد مما آلت اليه الامور عاكسة نيته الجدية التنحي اذا ظلت الامور على حالها من تعطيل وشل للحكومة. كما ان شهيب أعرب لـ"النهار" عن استيائه الشديد من مشهد النفايات في الشوارع معتبرا انه "نتيجة للتعامل بخفة وعدم مسؤولية من بعض السياسيين فضلا عن التحريض الذي واجهته الخطة لابقاء النفايات في الطرق".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن سلام في صدد إطلاق صرخة في إجتماع الحوار اليوم يدعو فيها القادة الى تحمل مسؤولياتهم حيال الكارثة البيئية والصحية والاقتصادية التي واجهها لبنان أمس، وسيطالبهم بدعم الحكومة كي تتحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد وإلا فإنه في صدد إتخاذ القرار الذي يطالبونه بعدم إتخاذه. وسيعتبر أن المحك سيكون في صدور بيان عن المتحاورين يدعم إنعقاد مجلس الوزراء فوراً لاتخاذ القرارات المطلوبة.
واوضح النائب عاطف مجدلاني الذي يمثل اليوم كتلة "المستقبل" في الحوار النيابي بسبب وجود الرئيس فؤاد السنيورة خارج البلاد لـ"النهار" أن الاهتمام سيتركز على ما سيدلي به الرئيس نبيه بري الذي تسلم سابقا مواصفات الكتل في شأن شخصية الرئيس الجديد للجمهورية تمهيدا لجوجلتها على أن يبلغ المتحاورين ما هي القواسم المشتركة بين الكتل وما هي نقاط الاختلاف بينها كي يجري الحوار على أساس ما هو مختلف عليه. وشدد على ان الاولوية هي لإنتخاب رئيس للبلاد.

 

الجلسة التشريعية
الى ذلك، علمت "النهار" أن إجتماع هيئة مكتب مجلس النواب غداً سيتأثر بمناقشات إجتماع الحوار اليوم ومناخاته، لكن ذلك لا يمنع أن أكثرية أعضاء الهيئة مع عقد جلسة نيابية عادية مخصصة لمشاريع القوانين المالية العاجلة من دون إهمال مقاربة بقية المواضيع. ولفتت مصادر الهيئة الى انه لم يرد حتى الساعة أي إقتراح قانون يتعلّق بتجنيس المغتربين كما يطالب "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية". ولكن إذا ما أتى مثل هذا الاقتراح، فسيصار الى التصويت في الجلسة إذا ما إنعقدت على صفة الاستعجال للاقتراح كي يمضي البحث في بنوده وإلا فإن الامر سيحال على اللجان المختصة. أما في ما يتعلّق بقانون الانتخاب الذي يطالب به "التيار" "والقوات" أيضا، فهناك صيغ عدة مطروحة لم يقترن أي منها بموافقة اللجان المشتركة. وما هو مطروح من إقتراحات عابر للاصطفافات السياسية والطائفية لكن هناك إنقساماً حيالها. ورأت أنه نظراً الى ضيق الوقت الذي يفصلنا عن آخر السنة، فهناك أولوية للموافقة على مشاريع القوانين التي تضمن إستمرار دفع الرواتب والتعويضات وتلك التي تخص الجيش والبنى التحتية وصدقية لبنان المالية والاقتصادية مع البنك الدولي والصناديق المالية. وشددت على أن إنعقاد جلسة لهذه القوانين يتوافر لها النصاب المطلوب لن تكون إستفزازية لمن سيقرر مقاطعتها نظراً الى أهمية القوانين الواجب إقرارها، مع العلم أن الموقف المبدئي للكتائب من اولوية إنتخاب رئيس للجمهورية لا غبار عليه دستورياً.
ويبدو أن الكلام عن الجلسة الإشتراعية في مجلس النواب سيعيد إلى الضوء تباينات في الرأي داخل قوى 14 آذار، إذ أكد لـ"النهار" مصدر في حزب "القوات اللبنانية" أن نواب الحزب لن يشاركوا في أي جلسة تنعقد تحت عنوان "الضرورة الملحة" ولا يكون في أول بنود جدول أعمالها قانون الإنتخابات النيابية، وأيضاً قانون استعادة الجنسية الذي يتحمّل تأخيراً في ترتيب البنود، على أن يُقرّ القانونان معاً في الجلسة. وذكّر المصدر بأن هذا الموقف اتفقت عليه "القوات" مع "التيار الوطني الحر".
وعن احتمال عقد جلسة اشتراعية بمن حضر إذا تأمّن لها حضور 65 نائباً، قال المصدر "القواتي": "أنصح المعنيين بالتفكير ملياً قبل الإقدام على ذلك"، واصفاً قانون الإنتخاب بأنه "قضية القضايا، وإذا لم يُقرّ في أول جلسة فلن تكون فرصة أخرى لإقراره". واقترح المصدر التصويت في الجلسة المقترحة على مشاريع القوانين الأربعة المطروحة للإنتخابات، وأضاف: "هناك أكثر من 70 نائباً تقريباً مع القانون المختلط، النسبي والأكثري، الذي اتفقنا عليه مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي".
وبعدما أكد أن "القوات" أطلعت حلفاءها على موقفها خلال اجتماعات قيادية، حذر المصدر من أن "كل الإحتمالات ستكون مفتوحة وفي شكل غير مسبوق إذا انعقدت جلسة اشتراعية بمن حضر". واقترح التمهل في عقدها أسبوعين أو ثلاثة لإجراء اتصالات ومناقشات "وفي حال عدم التوصل بنتيجتها إلى اتفاق على قانون للإنتخاب، نذهب إلى التصويت في الهيئة العامة، ونصوّت وفقاً لما اتفقنا عليه مع المستقبل والتقدمي الإشتراكي، كما نشرّع في الأمور المالية الملحة".