تساءلت في ليلة البارحة، وبعد أن هدأت الحناجر وخفَّى الصراخ ، بلحظة من لحظات الحزن والبكاء على مصيبة إمامنا المظلوم الذي وقف بوجه ظالمٍ سرق آمال الناس ، وسرق أرزاقهم وأموالهم،واستأثر بالفيئ دون غيره وتعرَّبش على كرسي السلطة باسم الناس والمظلومين..
متى تهدأ هذه العاصفة وهذا الضجيج من تعطيل الحياة وتكبيل العقول بسلاسلٍ من حديد الدين والسياسة، متى تهدأ تلك الممارسات في بلادٍ مدجَّجة بالتوتر والأسلحة ، تلك بلادنا تحاصرها القبور والأضرحة وتخنقها الفوضى ، لا أمن ولا إستقرار ولا كهرباء ولا عمل ولا ماء ، بلاد مسيَّجة بنفاياتٍ ملَّوثة في كل الطرقات ..
لا دفء في القلب ليلة البارحة حيث النفوس متوترة والقلوب لا تمارس الطمأنينة، من أعطى الحق لتلك الوجوه الكالحة في أن تتصدر بتوزيع صكوك الغفران وتجييش الهمم في سبيل الدفاع عن رب السماء ، صكوك التخوين والتكفير ودفعنا إلى مخاطر قد لا ننجو من تلك المذابح ، لماذا لا نكون في هذه الدنيا كما يريدها لنا الحسين، تمارس الإبتسامة والمحبة ،وتربِّي أطفالها وترضعهم من ثدي التسامح، كما فعل الحسين وأبوه وجده ،بدلاً من تكرار الإسطوانة نفسها ...
تلك الشعارات نفسها نرددها ونكررها من أنَّ العالم لا شغل له إلاَّ التآمر علينا وعلى معتقداتنا، ولهذا فإنَّ الإصطفاف وراء الطائفة والحزب والقبيلة وعصبيات الجاهلية الأولى هو المخرج من هذه الأزمة...جاء نبينا محمد(ص) بكلمة "إقرأ" فحولناها إلى "إقتل- إتهم- الموت لك" ومما يخشى أن يصبح الشعار" الموت لكل العالم بل الموت للكرة الأرضية".. ليلة البارحة تذكرتُ حديث الحسين(ع) "التجارب زيادة في العقل" لأنه نورٌ يكشف للإنسان مجاهل الطريق ومسالكها، وهذا جدّه محمد(ص) جاء ليبشر بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة ، فأصبح التخوين وشعار الموت هما سيدا الموقف، سيدي يا أبا الأحرار أصبح شعارنا العبودية وحريتك الإستثناء، وليلة البارحة سيدي وإمامي أحزانها لا تعد ولا تحصى، لقد رأيناها ولمسناها، لكننا نؤمن بكم أهل البيت لأننا رأينا في نهاية النفق المظلم بصيص نورٍ ، وهو ما يؤنس الوحشة .