أوقف الأمن العام، قبل عشرة أيام، الشقيقين جهاد وزياد كعوش وآخرين بتهمة تأليف خلية مرتبطة بـ «الدولة الإسلامية». وأوضحت المديرية الأمنية أنّ جهاد يشغل منصب «الأمير الشرعي» للتنظيم داخل مخيم عين الحلوة. واعترف الموقوفون بأن الخلية وضعت رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد تحت المراقبة تمهيداً لاغتياله، وأقروا بالتخطيط لاغتيال القيادي الفتحاوي محمود عيسى («اللينو») المعروف بخصومته الشديدة مع الإسلاميين في مخيم عين الحلوة.

كذلك اعترفوا بتجنيد انتحاريين والتخطيط لتفجير ثكنة الجيش في صيدا واستهداف حواجز الجيش ومجمع الزهراء في المدينة. وأوضحت المعلومات أن الموقوفين أدلوا بأسماء انتحاريين جنّدوهم لتنفيذ العمليات.
وبحسب المعلومات، بدأت القصة قبل أشهر عندما رصد أحد الأجهزة الأمنية نشاطاً ملحوظاً لتنظيم «الدولة الإسلامية» في المخيم، بما يشير الى «التحضير لعمل أمني كبير». وعليه، وُضِع في دائرة الشبهة سبعة أشخاص، معروفون بالأسماء والألقاب، كانوا قد بايعوا «الدولة». كذلك وردت معلومة أُخرى تفيد بأن الخلية نفسها تنشط على خط استقطاب وافدين جُدد، وقد نجحت في ضم العديدين، مستفيدة من حيازتها المال. وقد عرض أفراد الخلية البيعة على شخصيات إسلامية بازرة في المخيم، لكنها رفضت، علماً بأن بينها من يدور في فلك تنظيم «جبهة النصرة» و«كتائب عبدالله عزام». المعلومات الأمنية رجّحت أن الخلية كانت تهيئ لعمل أمني يكون فاتحة لإعلان ولادة فرع للتنظيم المتشدد في لبنان.
وكان اسم جهاد كعوش، وهو شابٌّ فلسطيني لا يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، يتردد بوصفه «الأمير الشرعي» لهذه الجماعة. وقد حصّل كعوش علومه الدينية في الجزائر وتتلمذ على أيدي مشايخ من مشارب مختلفة هناك. وهو نشط، إلى جانب شقيقه زياد، في «الدعوة والتبليغ» في عدد من البلدان. ويجمع من يعرفونه في المخيم على أنه «خلوق وهادئ، وكان ناشطاً في مجال الدعوة، ولا يُعرف عنه أي نشاط عسكري».


أفراد الخلية أدلوا بأسماء
انتحاريين جنّدوهم لتنفيذ مخططاتهم في صيدا والضاحية

 

وتتردّد في المخيم رواية موحدة مفادها أن «الأمن العام أوقف زياد في مطار بيروت أثناء عودته من تركيا، وأن الجهاز اتّصل بجهاد طالباً منه الحضور إلى المركز للاستيضاح منه حيال شقيقه الموقوف، فلبّى على الفور وذهب إليهم بقدميه». وهنا يسأل مقربون من الموقوفين: «كيف يُعقل أن يذهب مطلوب بهذا الحجم بقدميه إلى مركز الأمن»، علماً بأن رواية الأمن العام تُفيد بأن عناصره استدرجوا المطلوب إلى خارج المخيم حيث أُوقف.
وقد أصدر الأمن العام بياناً أعلن فيه «توقيف المسؤول الشرعي لتنظيم داعش في مخيم عين الحلوة مع آخرين لإقدامهم على التخطيط لربط المخيمات الفلسطينية بعضها ببعض». وأضافت: «المدعو (ز. ك.) أقر بأنه دخل الأراضي السورية واجتمع في الرقة مع قياديين في تنظيم داعش بهدف التنسيق لعمليات أمنية تطاول الداخل اللبناني، وأنهم أنشأوا غرفة عمليات موحدة في مخيم عين الحلوة بهدف ربطها بكافة المجموعات الإرهابية المنتمية إلى داعش والمنتشرة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وكانوا يخططون لاستهداف مراكز الجيش اللبناني وحواجزه وتجهيز انتحاريين انغماسيين لهذه الغاية، إضافة إلى الإعداد للقيام بعمليات اغتيال تطاول شخصيات سياسية لبنانية وفلسطينية وتجهيز وتفخيخ سيارات لتفجيرها في أحياء الضاحية الجنوبية وتحديداً خلال فترة إحياء المناسبات والاحتفالات ومنها مراسم عاشوراء، وذلك كله بهدف إشعال وإثارة الفتنة وضرب العيش المشترك». ولدى الاستفسار عن المضبوطات، لا سيما سيارات مفخخة محتملة باعتبار أن مراسم عاشوراء تقام يوم غد، ردّت المصادر بأن عمليات التفخيخ كانت تجري داخل المخيم.
«الأمن مُستتب والمخيم بخير»، خلاصة تُجمع عليها قيادات مخيم عين الحلوة، ولا سيما المحسوبة على «تجمّع الشباب المسلم»، أي ائتلاف الشبان المطلوبين الذين يدورون في فلك التيار السلفي الجهادي. ينقل أحد القياديين لـ«الأخبار» أن «الاتفاق الأخير قضى بشكل جازم بوقف عمليات الاغتيال وقد حصلنا على تعهّدات من جميع الشبان بالحفاظ على الهدوء وعدم المبادرة إلى أي عمل أمني قد يضرب أمن المخيم أياً كان السبب».