فيما أبرزت مأساة عائلة صفوان التي شيعت امس في الاوزاعي سبعة من ضحاياها الذين قضوا في غرق مركب كان ينقل مهاجرين بين تركيا واليونان، أحد وجوه الازمة الاجتماعية التي تعانيها فئات لبنانية، باتت تنخرط في "رحلات الموت" مع مهاجرين من جنسيات أخرى، اكتسبت التحذيرات الجديدة التي وجهها رئيس الوزراء تمام سلام من خطورة الاوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد أبعادا قاتمة عكست التخبط المستمر على مستوى الازمة السياسية الكبرى. ذلك انه فيما ترتسم شكوك واسعة في مصير العمل الحكومي في ظل العد العكسي الذي أطلقه كل من سلام ووزير الزراعة أكرم شهيب في شأن خطة النفايات التي باتت امام مهلة محددة بنهاية الاسبوع المقبل مبدئيا، اعلن سلام بوضوح امس "انه لا لزوم لمجلس الوزراء اذا كان غير قادر على الاجتماع". وإذ أشار الى ان ملف النفايات "لا يزال موضع تجاذب بين القوى السياسية وغالبية هذه القوى غير مهتمة بالامر كأن لا علاقة لها به"، أضاف: "اذا تبين لي بعد أيام او أسبوع على الاكثر انهم لا يريدون حلا، فسوف أضطر الى تسمية الاشياء بأسمائها". وأيد سلام عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب لاقرار القوانين ذات الطابع الملح ومنها المصادقة على هبات من البنك الدولي مهددة بالالغاء في نهاية السنة محذرا من خسارة لبنان "الكثير من صدقيته الدولية وفي وقت غير بعيد، قد نصبح مصنفين دولة فاشلة".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن التحذير الذي وجهه امس الرئيس سلام في شأن مصير الحكومة ليس مناورة، وإذا ما قرر قلب الطاولة فسيلقى دعما عربيا إنطلاقا من حسابات إقليمية تؤدي الى إيجاد دينامية تثمر انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتوقعت أن يظهر قريبا جدا تسهيل متصل بملف النفايات بما يؤدي الى الحفاظ على الستاتيكو الحكومي الحالي ويؤجل طرح الانتخابات الرئاسية.
بري وهيئة المكتب
ولم تختلف أجواء مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذا السياق، عن مواقف سلام إذ قال امس امام زواره انه "لا بد من عقد جلسة تشريعية ولن أقبل بانتحار البلد، لان الانتحار ممنوع". وسيكون التركيز في اجتماع هيئة مكتب المجلس على الامور والملفات الضرورية والملحة.
وعلم ان بري وزع على أعضاء الهيئة ما بين 40 و50 من مشاريع القوانين الملحة المنجزة في اللجان النيابية، على ان يختار منها الاعضاء ما يرونه ضروريا لوضعها على جدول أعمال الجلسة، ومن لديه اقتراحات اخرى يتقدم بها في اقتراحات قوانين معجلة مكررة اذا توافرت فيها الشروط.
وأبدى رئيس المجلس حرصه على "تطبيق الميثاقية وفي النهاية بات من الواجب عقد هذه الجلسة لا محال، لان استمرار الوضع على هذا المنوال يأخذ البلد الى الافلاس". واسترعى الانتباه في هذا السياق ان بري أعرب عن ارتياحه الى موقف "تيار المستقبل" من الجلسة التشريعية.
من جهة أخرى، علمت "النهار" ان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سيلتقي بري قريبا للبحث في أكثر من ملف من أزمة النفايات التي تراوح مكانها الى الحوار بين "حزب الله" و"تيار المستقبل".
كما علمت أن اجتماع الحوار النيابي المقرر الاثنين المقبل سيغيب عنه رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة بداعي السفر، ومثله وزير الاتصالات بطرس حرب، مع احتمال أن يتغيّب أيضا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل. وتوقعت مصادر مواكبة للحوار ألا تثمر جولته المقبلة نتائج ملموسة في موضوعي النفايات والمأزق الدستوري المتصل بعمل الحكومة.
في المقابل، بدأ التحضير لاجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الثلثاء المقبل والذي وصفته مصادر الهيئة بـأنه "دقيق جدا". وفهم ان الرزمة الكبيرة من المشاريع التي أرسلها بري الى أعضاء الهيئة ستخضع للمراجعة والفحص والغربلة لتحديد الضروري منها من غير الضروري، تمهيدا لإدراج ما هو ضروري على جدول أعمال الجلسة التشريعية الاولى يعقدها المجلس في إطار دورته العادية الحالية. ولفتت الى ان الاهتمام يتركّز على مواقف الكتل المسيحية من حضور الجلسة. وقد أكدت ان كتلة الكتائب ملتزمة موقفها المبدئي الذي يشدد على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وقالت إن المشاورات مستمرة مع كتلتي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" اللتين تتمسكان بإقرار قانوني الانتخاب والجنسية. وأوضحت أن قانون الجنسية قد يتوافر له مخرج من خلال طرح إقتراح معجل مكرر للتصويت عليه، فإذا ما حظي بأكثرية الاصوات يطرح اقتراح قانون الجنسية على التصويت. وإذا لم يحظ بالموافقة، يحال اقتراح القانون على اللجان المختصة. أما في ما يتعلق بقانون الانتخابات فدونه تعقيدات أبرزها النسبية وتقسيم الدوائر. وشددت المصادر على ضرورة تمرير القوانين الاقتصادية والمالية التي يتوقف عليها استقرار لبنان الاقتصادي والمالي.
قهوجي
وفي سياق الحديث عن امكان عدم دفع الرواتب خلال شهر كانون الاول، شدد قائد الجيش العماد جان قهوجي امس امام وفد نقابة الصحافة على انه ما "دامت الاموال متوافرة في الخزينة فعليهم ان يتدبروا أمورهم، إذ لا يجوز تحميل المواطن ثمن التعطيل ولا يمكن إرسال العسكري الى الجبهة من دون دفع راتبه. ويكفي الناس ما يعانونه من الوضع المعيشي والذي يجبرهم على الهجرة والموت احيانا". وقال إن "عصابات الموت هي المسؤولة عن هروب لبنانيين عبر البحر، وهي مافيات تحرك من الخارج تغرر بالناس الأشد فقرا". وأكد ان الجيش يلاحق هؤلاء وقد تم توقيف عدد منهم أول من أمس.