لو تسنى لخلية «داعش» التي كشف الأمن العام، أمس، عن إلقاء القبض عليها، أن تبقى طليقة لكان لبنان على موعد مع أعمال إرهابيّة بواسطة انتحاريين وسيارات مفخّخة أو اعتداءات مسلّحة تستهدف مناطق الضاحية الجنوبيّة، وتحديداً خلال فترة إحياء مراسم عاشوراء.
هذا السيناريو أحبطه الأمن العام بعد عملية نوعيّة كانت نتيجتها أن الفلسطينيين زياد وجهاد كعوش صارا في قبضة الأمن اللبناني، الأوّل، هو عضو اللجنة الشرعيّة التابعة لـ«داعش» في مخيّم عين الحلوة، والثاني، هو المسؤول الشرعي لـ«داعش» في المخيّم.
اعترف التوأم أنهما من المؤسسين لـ«الهيئة الاستشاريّة» التابعة للتنظيم في عين الحلوة والتي عدّلت لاحقاً لتصبح «غرفة عمليّات موحدة» بناءً لاقتراح اللبناني محمّد علي جوهر الملقّب بـ«أبو الزبير». أمّا أهمّ المهام الموكلة إلى أفراد هذه الغرفة، فهي ربط المخيمات الفلسطينية في العاصمة اللبنانية ببعضها البعض (برج البراجنة، مار الياس، وصبرا وشاتيلا) بهدف تشكيل إمارة إسلاميّة فيها واستهداف شخصيات وأهداف عسكرية ودور عبادة ومناسبات دينية مثل عاشوراء في الضاحية الجنوبية، بناء على تعليمات من قيادة التنظيم في الرقة.
ولهذه «الغرفة» لائحة أهداف طويلة، تتمثّل بالإعداد لاغتيال الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» د.أسامة سعد بواسطة سيارة مفخّخة، بالإضافة إلى البدء منذ أيلول الماضي بالتحضير لعمليّة اغتيال تطال القيادي الفلسطيني في عين الحلوة محمود عيسى الملقّب بـ «اللينو» واستهداف «مجمّع الزهراء» في صيدا الذي يشرف على أعماله الشيخ عفيف النابلسي.
واللافت للانتباه أنه تم استفتاء الرأي الشرعي لجهاد كعوش بشأن تنفيذ عمليات ضدّ الجيش اللبنانيّ بعد الاستحصال على التمويل من «داعش» في سوريا وأحزمة ناسفة من أحد المقربين من هيثم الشعبي الموجود في مخيم عين الحلوة: عمليّة انتحارية تستهدف ثكنة محمد زغيب في صيدا ثأراً لأهل السنّة بعد انتهاء معارك طرابلس وبحنين، وعمليّة انغماسية مزدوجة على حاجز ثابت عند أحد مداخل عين الحلوة والمعروف بـ «حاجز النبعة» وعلى حاجز التعمير، وذلك على خلفيّة أحداث سجن رومية في نيسان الماضي وبعد إلقاء القبض على العراقية سجى الدليمي طليقة أبو بكر البغدادي.
ولطالما كان الأمير الشرعي لـ «داعش» مباركاً لهذه العمليات باستثناء طلبه التروي في احداها (العملية المزدوجة ضد الجيش) «لأنّها ستضرّ بالتنظيم أكثر مما تفيده». وبرغم ذلك، أخفق «داعش» في تنفيذ معظم العمليات. فمنفّذ عملية ثكنة زغيب في صيدا لم يستطع الخروج من المخيّم بعد اندلاع اشتباكات بين الجيش اللبناني ومجموعات متطرفة في منطقة التعمير. أما منفذا عملية استهداف حاجز التعمير بعد اعتقال الدليمي فتمّ منعهما من التحرّك من قبل «هيثم الشعبي» وجماعة «جند الشام» كون المنطقة تخضع لهما عسكرياً.
وقد انطلقت «الغرفة الموحدة» في بادئ الأمر بوصفها لجنة استشاريّة كانت من بنات أفكار القيادي في «داعش» اللبناني محمّد عمر الإيعالي الملقّب بـ «أبو البراء اللبناني»، والتي عرضها أثناء لقائه بزياد كعوش في مقرّ القيادي العسكري المعروف في «داعش» «أبو أيوب العراقي» في الرقّة. وقد اطلع الأخير من كعوش على وضع مجموعات التنظيم في المخيمات وحاجتهم الماسة للتمويل والأسلحة والعتاد ورغبة المجموعات في عين الحلوة بتقديم «بيعة الحرب» لأبي بكر البغدادي. وهذه الطلبات كانت أيضاً محور اللقاء الذي عقد بين زياد كعوش والناطق الرسمي لـ «داعش» في حينه «أبو محمّد العدناني» الذي نصحه بالعمل الجديّ على تطوير القدرات التنظيمية لعناصر المجموعات في عين الحلوة.
وإبّان أحداث طرابلس، طلب «أبو البراء» من جهاد كعوش تأمين منازل آمنة للقياديين في «داعش» الذين كانوا يقاتلون في الشمال وأرادوا الفرار نحو عين الحلوة، وأبرزهم طارق الخياط الملقّب بـ «أبي عبدالله الأردني» وابنه عبدالله، ومصطفى الصيادي الملقّب بـ «أبي بكر» وابراهيم بركات. كما تم تسهيل انتقال آخرين الى عين الحلوة قبل أن يغادروا الى تركيا ومنها الى مناطق سيطرة «داعش» في الداخل السوري.
وقد أعلنت المديرية العامة للأمن العام في بيان لها، أمس، أنّ العمل ما يزال مستمرا «لرصد وتعقب باقي أفراد المجموعة والمحرضين والمشتركين والمتدخلين معهم بهدف ملاحقتهم وتوقيفهم وسوقهم أمام العدالة».