إن أسوأ ما يعيشه البلد في هذه المرحلة أن مؤسساته خاوية على عروشها ومصابة بمرض التعطيل ، وآخر تلك المؤسسات هي الحكومة التي استوطن التعطيل بين أروقتها فتحولت إلى أقل من حكومة تصريف أعمال .
وتعطيل المؤسسات اللبنانية الواحدة تلو الأخرى لم يحصل مصادفة أو على خلفية اختلاف الأطراف السياسية في البلد حول رؤى مستقبلية لمعالجة مشاكله وازماته المتفاقمة والمتراكمة منذ عشرات السنوات أو لتطهير تلك المؤسسات من الفساد المستشري في كل زاوية من زوايا معظم الدوائر العامة والخاصة وفي أدراج أغلب الموظفين على كافة المستويات ، وإنّما جاء في سياق نهج مارسته بعض القوى السياسية والحزبية يقضي بتحويل البلد إلى رهينة للمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة .
فاللبنانيون يعيشون في حال من البؤس والقحط السياسي تجعلهم عاجزين عن تسمية الأشياء بأسمائها واعجز عن قول الحقيقة وأكثر من ذلك فإنهم يتعرضون لمختلف انواع الضغوط من أجل القبول بالأمر الواقع المذل الذي تحاول إيران فرضه عليهم بقوة سلاح حزب الله المنتشر على كافة الأراضي اللبنانية تحت عناوين ومسميات عفى عليها الزمن ولم يعد لها مكان في عقل أي مواطن .
وفي هذا الجو البائس الذي يخيم على لبنان جاء رئيس لجنة الأمن في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي الأسبوع الماضي إلى بيروت بعد زيارته لدمشق ليخيف اللبنانيين لا ليطمئنهم وذلك من خلال محاولته تبرير التدخل العسكري الروسي في سوريا عندما قال /إن التدخل العسكري الروسي أتى ليسد الفراغ الذي خلفته أميركا بسبب عدم جديتها في مكافحة الإرهاب /.
وفي الحديث عن الإرهاب فإن إيران هي آخر من يحق له الكلام عن مكافحة الإرهاب إذ أن الجدية في مكافحة الإرهاب تبدأ بالتوقف عن دعم النظام السوري الذي يقتل ويذبح ويهجر شعبه يوميا بكافة أنواع الأسلحة المتوافرة لديه باعتماده على الدعم الإيراني والروسي ، وكذلك فإنه لو كانت إيران فعلاً جادة في مكافحة الإرهاب لما سلطت على اللبنانيين حزب الله الذي يمنعهم من انتخاب رئيس للجمهورية من خلال تعطيل جلسات مجلس النواب المخصصة لإنتخاب الرئيس .
فاللبنانيون لا يحتاجون إلى توجيهات ونصائح من إيران فكل ما يريدونه منها أن تكف شرها عنهم لا أكثر ولا أقل وهم بألف خير .
فلبنان قادر على مواجهة التطورات التي تشهدها المنطقة في حال سمحت إيران لمؤسساته بالعمل بشكل طبيعي وفي مقدمة هذه المؤسسات تأتي رئاسة الجمهورية التي تمثل رأس الدولة والذي مضى على الشغور الرئاسي ما يقارب السنة وخمسة أشهر ، وبالتالي فهو قادر على حماية حدوده الشرقية والجنوبية بوجه أي أخطار يمكن أن تتهده عندما ترفع إيران يدها عنه ، وذلك من خلال علاقاته السياسية والدبلوماسية الواسعة مع معظم دول العالم ومن خلال مكانة لبنان في كافة المحافل والمنابر الدولية .
فكلام بروجردي لم يعد يجدي اللبنانيين نفعاً ، فما ينفعهم هو أن تبادر إيران إلى الإفراج عن انتخاب رئيس لجمهوريتهم للانطلاق بمسيرة تفعيل عمل المؤسسات ، فيكفيهم ما يعانوه من وصاية ايرانية وقبلها وصاية سورية..