فاجأ بشار الأسد نفسه عندما ذهب سرّاً إلى روسيا للقاء الرئيس بوتين الذي هدّم ويُهدم ما تبقى في سوريا من آثر أنساني أو مادي ولم يتفاجأ من الزيارة أحد من المعنيين في الأزمة السورية كون " الرئيس " السوري آخر المعنين في بلد بات محكوماً من قبل أفرقاء اقليمين وببعد دولي يجعل من الورقة السورية ورقة تجاذبات كبيرة تقوي من منطق الحرب وترفض منطق السلم لعدم حاجة الجميع اليه .
شكر بشار الرئيس الروسي وأسمعه معزوفة الضرورة لمرحلة سياسية جديدة مشروطة بوجوده وبتوفير إصلاحات كبرى تسهم في إعادة تعمير سوريا في البنائين السياسي والإجتماعي خوفاً على بلاده من الإرهاب الذي أنجاه من سقوط مروع وعظيم .
بعد انتهاء مدة المقابلة الممنوحة للأسد اتصل الرئيس بوتين بالملكين السعودي والأردني وبالرئيسين المصري والتركي لوضعهم في أجواء مقترحات الأسد المستجدة على ضوء تنحي الإيراني قسراً عن الملف السوري الذي بات بحكم التدخل العسكري الروسي المباشر بيد بوتين الذي يحاول استغلال التدخل لصالح فرص وجوده في منطقة غريبة عن الروس ولا مكان لهم فيها الاّ بانتشار الحروب وتعزيز أسواق السلاح .
يبدو أن أمزجة الرؤساء العرب كانت متوافقة حيال الميل إلى مستقبل المعارضة السياسية في سوريا أكثر من التعاطي مع فكرة بقاء الاسد لمدّة مرحلية يعقبها مرحلة انتقالية يغادر فيها الأسد دكان الرئاسة .
لذا لم يكترث المعنيون كثيراً لزيارة ومبادرة الأسد باستثناء طهران التي اضطرت الى زيارة روسيا للاطلاع وعن كثب عما يدور في رأس رئيس أمني بات محدد مصير نظام دفع الإيرانيون ثمناً باهظاً لصرفه في أي تسوية تحفظ حصّة ايران في سوريا .
يبدو أن الإيرانيين باتوا منزعجين من مشاركة روسيا في سوريا لأنّها عززت من سلطة الروس إقليمياً على حساب ايران وما دفعُ الملاحة الإيرانية لدبلوماسيتها الأمنية اتجاه موسكو إلا دليل واضح على وهن الدور الذي كان يمرّ عبره الروس وغيرهم ممن يصطادون في الصيد السوري .
سوف تتخبط ايران في المشهد السياسي والعسكري الجديد على ضوء التدخل الروسي الميداني ومن الممكن وبحسب معرفة مطلعة على طبيعة الاستراتيجية الايرانية أن تذهب ايران بعيداً في حساباتها باعادة تدوير الحرب السورية لصالح ما يُسقط نتائج العمليات العسكرية الروسية في سوريا وتبدو مؤشرات ذلك كبيرة من خلال عدم مشاركة القوى الإيرانية بقايا الجيش السوري في مهمة استرجاع مواقع من المعارضة السورية تحت سقف سرب من الطائرات الروسية .
ان ايران رفضت أن يشاركها أحد في مهمة تحرير العراق من تنظيم الدولة وحشدت الحشد الشعبي الشيعي لهذه المهمة وشككت بنوايا التحالف الدولي وأدانت عملياً سعي العبادي الدائم لمشاركة الولايات المتحدة بقوة أكبر في العراق وهذا ما أخاف الايرانيين في عراقهم .
كم أنها رفضت أي مساهمة أجنبية ميدانية في سورية وتكفلت وحدها في تحمل مسؤولة وكلفة الحرب فيها وكانت تدرك أن أيّ تدخل أجنبي غيرها في سوريا سيضعف من وجودها ومن حضورها الذي اشترته بذهب الرجال .