حسم المرشد الإيراني علي خامنئي أمس، جدلاً في شأن الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، إذ وافق عليه لكنه اشترط لقبول قيودٍ على البرنامج النووي لبلاده، إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاً في «أبعاد عسكرية محتملة» للبرنامج.
جاء ذلك في رسالة وجّهها المرشد إلى الرئيس حسن روحاني، بدا أنها ردّ على طلب الأخير من خامنئي إصدار أمر ببدء تطبيق الاتفاق. وترى مصادر في طهران أن روحاني وفريقه المفاوض كانا ذكيَّين في هذا الصدد، لمواجهة أي انقسام داخلي في شأن الاتفاق، وتحميل القيادة الإيرانية مسؤولية تنفيذه، والنأي عن عواقب محتملة.
وتعتقد المصادر أن موافقة المرشد على تطبيق الاتفاق تشبه قبول الإمام الخميني قرار مجلس الأمن الرقم 598، الذي أنهى الحرب الإيرانية – العراقية (1980-1988).
وأعلن خامنئي في الرسالة موافقته على مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني على الاتفاق، مستدركاً انه «يعاني من نقاط غموض وضعف بنيوي، ويتضمّن أموراً يمكن أن تلحق خسائر ضخمة بحاضر البلاد ومستقبلها». ورجّح «خداعاً من الطرف الآخر، خصوصاً أميركا»، منبهاً إلى أن ذلك «يوجب تشكيل لجنة قوية وواعية وفطنة لمراقبة العمل وتطبيق التزامات الجانب الآخر»، ولافتاً إلى أن «تشكيلة هذه اللجنة وواجباتها سيحددها المجلس الأعلى للأمن القومي».
وأضاف في إشارة إلى فترة تنفيذ الاتفاق النووي: «فرض أي عقوبات خلال السنوات الثماني المقبلة على أي مستوى وبأي ذريعة (بينها الإرهاب وحقوق الإنسان) من أيٍّ من الدول المشاركة في المفاوضات، يُعتبر انتهاكاً للاتفاق، وعلى الحكومة وقف العمل به».
وتابع أن إيران لن تباشر تنفيذ تعهداتها إعادة تصميم مفاعل آراك الذي يعمل بماء ثقيل، ومبادلة يورانيوم مخصب بيورانيوم خام مع دولة يُرجّح أن تكون روسيا، سوى بعد إغلاق الوكالة الذرية «ملف الأبعاد العسكرية المحتملة»، علماً أن الوكالة ستصدر تقريراً نهائياً في هذا الصدد في 15 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
وكشف خامنئي عن أن الرئيس باراك أوباما وجّه إليه رسالتين تعهد فيهما بأن واشنطن «لا تعتزم إطاحة» النظام في إيران، مستدركاً أن تعهداته «ناقضها تأييده فتناً داخلية و(تقديمه) دعماً مالياً لمعارضي الجمهورية الإسلامية، وتهديدات بهجوم عسكري»، معتبراً أن ذلك «كشف النيات الحقيقية لقادة أميركا». ونبّه إلى أن الولايات المتحدة «لم تنتهج سوى أسلوب العداء والإخلال بالأمور، سواء في الملف النووي أو كل القضايا الأخرى. وليس مرجّحاً أن تبدّل موقفها».
وطالب بـ «ضمانات قوية وكافية للحؤول دون انتهاك الأطراف الآخرين» الاتفاق النووي، بما في ذلك «إعلان خطي من الرئيس الأميركي والاتحاد الأوروبي بإلغاء العقوبات كلياً. وأي وجهة نظر مبنية على بقاء هيكلية العقوبات، تُعتبر انتهاكاً للاتفاق».
في نيويورك، ناقش مجلس الأمن أمس إطلاق طهران أخيراً صاروخاً باليستياً من طراز «عماد»، في تجربة اعتبرتها واشنطن انتهاكاً للقرار الرقم 1929 الذي تبنّاه المجلس عام 2010.
في غضون ذلك، أعلن ديبلوماسي في روما أن روحاني سيزور إيطاليا الشهر المقبل، حيث سيلتقي رئيس الوزراء ماتيو رينزي والرئيس سيرجيو ماتاريلا والبابا فرنسيس.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الطاقة الروسية أنها تدرس تقديم قرض قيمته 5 بلايين دولار لإيران، لتمويل مشاريع مشتركة للبنية التحتية.
وفي نيويورك دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الى عقد جلسة من خارج جدول الأعمال كانت مقررة مساء أمس للبحث في «إطلاق إيران صاروخاً باليسيتياً» على أن يُحال النقاش الى لجنة العقوبات على إيران في المجلس.