«عاصفة السوخوي» التي هلل لها إعلام الممانعة عندما باشرت موسكو تدخلها العسكري الميداني في سوريا، تبدو متجهة للتحول إلى «عاصفة سياسية» تقيّد بشار الأسد وتبعد إيران و»حزب الله» عن حل إقليمي ـ دولي جارٍ العمل على بلورته، يقضي بقبول وجود الأسد لفترة انتقالية لا تتعدى 6 أشهر بلا صلاحيات، وهو اقتراح يتوقع أن يتم تداوله خلال اجتماع روسي أميركي سعودي تركي في فيينا غداً، وتغيب عنه طهران.
وإذ سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الاتصال بقادة المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا والأردن لإطلاعهم على تفاصيل اللقاء مع الأسد، كشف مصدر ديبلوماسي عربي مقيم في موسكو لـ»المستقبل» أنّ «استدعاء» بوتين للأسد جاء بناء على استعجال روسيا إنجاز حل سياسي لسوريا وعدم رغبتها في البقاء طويلاً في حربها الجوية.
وأوضح المصدر أن بوتين الذي أحضر الأسد على متن طائرة روسية ذهاباً وإياباً أبلغه حرصه على «مخرج لائق» له، مقابل تمسّكه بوجوب موافقته على حل سياسي يُفترض حسب المصدر، أن تناقش تفاصيله في الاجتماع الأميركي الروسي السعودي التركي الذي سيُعقد في فيينا غداً.
وأكد المصدر أن الحل السياسي يقوم على اتفاق جنيف، لكن يبقى الخلاف على مصير الأسد، وهو الأمر الذي تفترض ملامسته جدّياً في اجتماع فيينا الذي يجمع وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا جون كيري والسعودية عادل الجبير وتركيا فريدون سنيرلي أوغلو.
فقد استقبلت موسكو أمس الأسد وحيداً، وقد بدا وكأنه نقل على حين غرّة إلى عرين القيصر في الكرملين، يستمع إلى القيصر ويرد بشكره لمساعدته سوريا، فيما الأخير يجري سلسلة اتصالات مع من يصفهم الأسد بالأعداء، بدءاً بالسعودية التي تلقى عاهلها الملك سلمان بن عبد العزيز اتصالاً هاتفياً من بوتين، مروراً بقادة تركيا والأردن ومصر.
وتعقيباً على الزيارة، قال المعارض السوري برهان غليون في اتصال خاص مع موقع «أورينت نيوز» إن «تسوية سياسية» تتم حالياً بين عدة أطراف إقليمية ودولية وعلى رأسها روسيا والسعودية وتركيا«، مؤكداً في الوقت ذاته أن «إيران وحزب الله خارج اللعبة السياسية».
وأوضح غليون لـ«أورينت نيوز» أن ما يؤكد موضوع التسوية السياسية، هو أن اللقاء بين بوتين والأسد «لم يتطرق إلى سير العمليات العسكرية الروسية في سوريا، وهو الأهم بآفاقه أكثر من التسوية السياسية التي دار الحديث عنها في اللقاء». مضيفاً: «إيرن وحزب الله هما خارج اللعبة السياسية بعد خسارتهما الحرب في سوريا، وروسيا هي التي تقود المفاوضات».
ورداً على سؤال لأورينت نيوز حول مدى موافقة الأسد على التسوية السياسية التي تسعى إليها روسيا قال: «أعتقد أنه لا يوجد هناك نظام اليوم، فالذي يدير التسوية هو الذي بيده الطيران، الأسد كإيران سقطا، فهما ضحايا روسيا، التي تريد الآن تشكيلة جديدة تعبّر عن كيف يريد الروس صيغة بناء نظام جديد في سوريا». وأكد غليون في نهاية حديثه أن» الأسد سوف يتصرف مثلما يطلب منه حُماته».
وفي موسكو شدد الرئيس الروسي ونظيره السوري على أن العمليات العسكرية يجب أن تتبعها خطوات سياسية تساهم في إنهاء النزاع المتواصل في سوريا منذ نحو خمس سنوات. وهذه الزيارة الأولى للأسد منذ بدء النزاع في منتصف آذار 2011، ولم يعلن عنها الكرملين إلا بعد عودة الأسد الى دمشق.
وقال بوتين للأسد بحسب بيان صادر عن الكرملين، «نحن مستعدون للمساهمة ليس فقط بالأعمال العسكرية في مكافحة الإرهاب وإنما أيضاً في عملية سياسية». وذكر أن التوصل الى تسوية سياسية للنزاع ليس ممكناً إلا «بمشاركة كل القوى السياسية والعرقية والدينية» في البلاد، معتبراً أن القرار الأخير يجب أن «يعود الى الشعب السوري».
وأكد الأسد من جهته أن أي عمل عسكري «يُفترض أن تليه خطوات سياسية»، بحسب ما أوردت الرئاسة السورية على حسابها على موقع تويتر. وقال إن «هدف العمليات العسكرية في سوريا هو القضاء على الإرهاب الذي يعرقل التوصل الى حل سياسي».
والى جانب لقاء جمعهما في صالون الكرملين، تناول الرئيسان العشاء محاطين بأعلى المسؤولين الأمنيين في روسيا: وزير الدفاع سيرغي شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف كذلك رئيس مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف ومدير جهاز الاستخبارات الروسية في الخارج ميخائيل فرادكوف.
وقال بوتين لنظيره السوري «بناء على طلبكم قدمنا مساعدة قيمة الى الشعب السوري في حربه ضد الإرهاب».
وأعلن المتحدث باسم الكرملين رداً على سؤال صحافي أنه لم يتم التطرق الى مسألة رحيل الأسد من السلطة، وهو ما كانت تُطالب به في السنوات الأولى للنزاع الدول الغربية.
وأوضح متحدث باسم الرئاسة السورية لوكالة فرانس برس أن «بوتين أبلغ الرئيس الأسد أنه سيجري محادثات مع القوى الدولية بهدف التوصل الى حل سياسي مع محاربة الإرهاب في الوقت نفسه».
وأعرب الأسد وفق تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» «عن تقدير الشعب السوري للدعم الروسي المستمر له منذ بداية الأزمة». ونقلت الوكالة أن الرئيسين ناقشا «كافة الجوانب المتعلقة بمكافحة الإرهاب ودعم القوات الجوية الروسية للعمليات الهجومية للقوات المسلحة السورية». وقالت إن الأسد «أطلع بوتين على الوضع في سوريا وخطط الجيش العربي السوري».
وانتقد البيت الأبيض روسيا لاستقبالها الرسمي للأسد. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض اريك شولتز للصحافيين على متن طائرة الرئيس الأميركي «نعتبر الاستقبال الرسمي للأسد الذي استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه متعارضاً مع الهدف المعلن من جانب الروس من أجل انتقال سياسي في سوريا«.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة علمت بالاجتماع بين الأسد ونظيره الروسي لكنها لم تفاجأ بالزيارة. وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي في مؤتمر صحافي «ليس مفاجئاً أن يسافر الأسد إلى موسكو نظراً للعلاقة بين سوريا وروسيا ونظراً للأنشطة العسكرية الأخيرة لروسيا في سوريا نيابة عن الأسد.
وستكون سوريا موضوع اجتماع رباعي الجمعة في فيينا لوزراء الخارجية الروسي والأميركي والسعودي والتركي، بحسب الخارجية الروسية.
وأجرى لافروف محادثات هاتفية مع نظيره الأميركي جون كيري واتفقا على لقاء في فيينا الجمعة لبحث الملف السوري، وسينضم اليهما نظيراهما التركي فريدون سنيرلي أوغلو والسعودي عادل الجبير.
وتحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هاتفياً مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بعد الزيارة المفاجئة مساء الثلاثاء للأسد الى موسكو، على ما أعلن الكرملين الأربعاء.
وصرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الزعيمين «بحثا الوضع في سوريا» وأن «الرئيس الروسي اطلع العاهل السعودي على نتائج زيارة الأسد بالأمس الى روسيا».
وشدد بوتين والعاهل السعودي على أهمية الحل السياسي الذي يجب أن يلي العمليات العسكرية، بحسب الكرملين.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إن الملك سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً من بوتين وجرى خلال الاتصال بحث العلاقات الثنائية إضافة إلى الأوضاع في المنطقة ومستجدات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية.
كذلك تلقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً من بوتين، أوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف أن الاتصال تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتطورات والمستجدات الجارية على الساحة الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق منها بالأوضاع في سوريا.
كذلك تلقى الملك الأردني عبدالله الثاني اتصالاً هاتفياً من بوتين، جرى خلاله بحث تطورات الأوضاع على الساحة السورية، إضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن بوتين «أبلغ نظيره التركي (رجب طيب اردوغان) بنتائج الزيارة» التي قام بها الأسد الى موسكو.
وأكدت الرئاسة التركية الاتصال الهاتفي. وقالت وكالة أنباء الأناضول التركية إن اردوغان أعرب عن قلقه بشأن الوضع في سوريا، مضيفة أنه من المقرر أن يعقد الرئيسان اجتماعاً على هامش اجتماع مجموعة العشرين الذي سيجري في انطاليا بتركيا الشهر المقبل. وأضافت أن اردوغان حذر بوتين من أن الهجوم الذي تقوم به قوات الأسد والقوات المساندة لها في حلب قد يؤدي الى «موجة جديدة من اللاجئين».
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن الأمر يتطلب عملية انتقالية في سوريا تضمن رحيل الأسد، مضيفاً أنه يتمنى بقاء الزعيم السوري في روسيا وأن يترك شعبه في سلام. وكان داود أوغلو يرد على أسئلة طرحها صحافيون بعد أن قال مسؤولان حكوميان كبيران الثلاثاء إن أنقرة مستعدة لقبول انتقال سياسي يظل بموجبه الأسد في السلطة بشكل رمزي لمدة ستة شهور قبل تنحيه.
وقال داود أوغلو «نرى أن الحكومة السورية ليس لها أي شرعية باقية وأفكارنا بشأن هذا الموضوع لم تتغير.. يجب أن يكون هناك انتقال في سوريا يضمن رحيل الأسد«. وأضاف أن تركيا ستدعم فقط عملية انتقال يقبلها الشعب السوري. وقال عندما سئل بشأن زيارة الأسد لموسكو «أظهرت روسيا صراحة تأييدها بتدخلها«. وأضاف «ما الذي يمكنني قوله. ليته يبقى لفترة أطول في موسكو حتى يشعر الشعب السوري بالراحة أو إذا بقي هناك بصفة دائمة يمكن أن تبدأ فترة انتقال حقيقية«.
وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رفضه «أي عمل يعزز موقع الأسد». وصرح هولاند في مؤتمر صحافي مع نظيره المالي «ينبغي الامتناع عن أي عمل يعزز موقع بشار الأسد، فلأنه المشكلة ولا يمكن أن يكون الحل».
وغادر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني إلى موسكو في زيارة تستمر يوماً واحداً. وقبل المغادرة عقد لاريجاني مؤتمراً صحافياً في مطار مهراباد في العاصمة وأبدى دعمه للغارات الجوية الروسية في سوريا.
وقال «نؤيد الدور الذي تلعبه روسيا في مكافحة الإرهاب ونضع في الاعتبار حقيقة أنها (روسيا) راقبت الأوضاع من منطلق واقعي وهرعت لتقديم المساعدة بناء على طلب الحكومة السورية وهذا أمر مشروع تماماً».
وقال نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللاهيان أول مسؤول إيراني بهذا المستوى يزور بريطانيا منذ عشر سنوات، الأربعاء لصحيفة الغاردين إن إيران «لا تعمل على إبقاء الأسد في السلطة للأبد«.
وأكد في المقابلة التي نشرها موقع الصحيفة على الانترنت «نحن لا نعمل على الإبقاء على الأسد في السلطة للأبد كرئيس. لكننا واعون جداً لدوره في مكافحة الإرهاب وفي الوحدة الوطنية للبلد«. وأضاف «في أي عملية سياسية سيكون دور بشار الأسد مهماً». وتابع «الشعب السوري سيتخذ القرار النهائي وأياً كان هذا القرار سندعمه«.
وتباحث عبد اللهيان الأربعاء مع وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند ووزير الدولة للخارجية توبياس اليود في أول زيارة لوفد إيراني رسمي لبريطانيا منذ إعادة فتح سفارتي البلدين في آب الماضي. وقال وزير الدولة في تغريدة «بحثنا مواقفنا بشأن سوريا وتنظيم الدولة».
وفي سياق آخر، صرح وزير الخارجية القطري خالد العطية أن بلاده لا تستبعد تدخلاً عسكرياً في سوريا إذا عرضت السعودية وتركيا ذلك، مشيراً الى أن بلاده ليس لها مصالح جيوسياسية أو أجندات في سوريا.
وجاء ذلك في لقاء للعطية مع «سي ان ان»، وفي إجابته على سؤال حول تأييد قطر لما قاله وزير الخارجية السعودي عن عدم استبعاد الرياض تدخلاً عسكرياً في سوريا، قال العطية: «أي أمر يمكنه أن يؤدي إلى حماية الشعب السوري وحماية سوريا من التقسيم.. لن نستبعد أي عرض مع إخوتنا في السعودية وتركيا في سبيل تحقيق ذلك». وأضاف في هذا السياق: «إذا كان الخيار العسكري لحماية الشعب السوري من وحشية النظام عندها نعم وبكل ما للكمة من معنى«.
المستقبل : رائحة تسوية بلا إيران.. من موسكو إلى فيينا
المستقبل : رائحة تسوية بلا إيران.. من موسكو إلى...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
374
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro