سجل "العدّاد" المنسي لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية أمس الرقم 30 وارجئت الجلسة الـ31 الى 11 تشرين الثاني وسط مفارقة مفعمة بالسخرية تمثلت في هبوط عدد الحضور النيابي الى ما يفوق نصف العدد الذي حضر قبل يوم واحد جلسة مجلس النواب للتجديد للجانه. وفي ظل وتيرة العقم السياسي هذه التي تحكم بدورها الحصار على العمل الحكومي كما على الدور التشريعي للمجلس، بدأت جولة مساع جديدة وناشطة يتولّاها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع كل الكتل النيابية والنواب من أجل ايجاد مخرج يكفل عقد جلسة تشريعية للمجلس تحت عنوان انقاذ القروض والمساعدات الدولية المقررة للبنان قبل نفاد المهل التي مدّدت تكراراً أمام الدولة من غير ان يتمكّن مجلس النواب من اقرارها مما ينذر بخسارتها نهائياً.

ونقل نواب أمس عن الرئيس بري انه مصمّم على عقد جلسة تشريعية. وقال أمامهم خلال "لقاء الاربعاء النيابي" في عين التينة: "لم يعد مقبولاً الاستمرار على هذا الوضع من التعطيل الذي يزيد الانهيار والاخطار على الاوضاع الاقتصادية". وقد بدأ بري بالتحضير لهذه الجلسة، وأعطى توجيهاته لدوائر المجلس تمهيداً لها، على ان يرأس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس ظهر الثلثاء المقبل من أجل درس وإقرار جدول الأعمال، وخصوصاً في ضوء تراكم العديد من المشاريع واقتراحات القوانين الملّحة والضرورية.
وأوضحت مصادر نيابية معنية بالمشاورات التي انطلقت في صدد الجلسة التشريعية أن الجدل حولها عاد من حيث توقف قبل مدة طويلة أي الى نقطة التوفيق بين مبدأ تشريع الضرورة الذي بات يكتسب حالياً طابعاً ضاغطاً جداً وأشد الحاحاً من أي وقت سابق والانسجام مع المطالب التي تطرحها خصوصاً الكتل المسيحية الثلاث الاساسية لـ"التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" والكتائب. وتراوح هذه المطالب بين اشتراط الكتلتين الأوليين ادراج مشروعي قانون الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية على جدول أعمال أي جلسة تشريعية تحت عنوان تشريع الضرورة، فيما ترفض الثالثة رفضاً باتاً أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية. ولم تقلّل المصادر صعوبة المهمة الجديدة التي أخذها الرئيس بري على عاتقه لتذليل التعقيدات التي تحول دون عقد جلسة تشريعية، لكنها أبرزت ضرورة انتظار بدء الاتصالات الكثيفة بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس، إذ ينتظر ان تحصل عقب الاجتماع برمجة للمشاورات التفصيلية بما يطلق واقعياً المسعى الجدي لاستجماع خريطة المواقف الجديدة من الجلسة. وقالت إنه على اهمية المنحى الدستوري الذي تتسم به المواقف المتحفظة او المقترنة بشروط حيال انعقاد الجلسة، فإن المعطيات الضاغطة التي تملي انعقاد جلسة لانقاذ مسألة القروض والاتفاقات ذات الطابع الدولي باتت تمثل أولوية ملحة وتضع الجميع أمام مسؤوليات جسيمة ستترتّب عليها تداعيات لا تقل خطورة على الواقع الاقتصادي وصورة الدولة في الخارج عن الفراغ الرئاسي نفسه.
وأشارت المصادر في هذا السياق الى مفارقات برزت في الساعات الاخيرة من شأنها زيادة الضغط على القوى السياسية لتحمل مسؤولياتها تجاه الملفات الحيوية التي لم تعد تحتمل تأجيلاً، ومن هذه المفارقات ان لبنان انتخب أمس عضواً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بغالبية كبيرة بلغت 182 صوتاً، بما يعكس الرصيد الدولي الذي يحظى به بمعزل عن تخبّطه في أزماته الداخلية. كما الاحتفال الذي أقيم أمس في مجمع "البيال" في مرور 70 عاماً على تأسيس الامم المتحدة وشهد تظاهرة ديبلوماسية حاشدة انخرط عبرها الديبلوماسيون في حلقات تناولت دور لبنان المحوري في الشركة الاساسية مع المنظمة الدولية في قضايا ذات أولويات مشتركة.

 

لارشيه
على الصعيد الديبلوماسي أيضاً، يبدأ اليوم رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه زيارة للبنان تستمر ثلاثة أيام ويلتقي خلالها الرئيس بري ورئيس الوزراء تمّام سلام وعدداً من المسؤولين السياسيين.
وأفادت السفارة الفرنسية في بيروت ان هذه الزيارة "تأتي في إطار علاقات الصداقة الوثيقة بين فرنسا ولبنان والهيئات البرلمانية في كلا البلدين، وخصوصاً من حيث التزامهما المشترك في مجال الفرنكوفونية. وسيفتتح رئيس مجلس الشيوخ معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت إلى جانب وزير الثقافة روني عريجي ممثلاً رئيس الوزراء. وستشكل هذه الزيارة فرصة لتأكيد دعم فرنسا ومجلس الشيوخ الفرنسي للبنان في وجه التحديات التي يواجهها على كل الصعد وخصوصاً تلك المتعلقة باستقبال اللاجئين السوريين".