المشهد في مجلس النواب كاريكاتوري بامتياز، يحضرون ولا يحضرون. حضر النواب امس للتجديد لانفسهم في لجان نيابية لا تقدم ولا تؤخر في ظل الشلل والشغور المسيطرين منذ اشهر، بعدما كانوا حضروا سابقا لتمديد ولاية المجلس. وبعد مدة سيعاود النواب تأمين النصاب لتشريع الضرورة تلبية لدعوة الرئيس نبيه بري بعدما ابدى كل من "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" مرونة تجاه الامر. لكن النواب انفسهم او اكثرهم لن يحضروا ظهر اليوم في الموعد الجديد المحدد لانتخاب رئيس للجمهورية البلا رأس منذ 25 ايار 2014، وهي الجلسة الثلاثون التي لن يتوافر لها النصاب كما بات معلوما.
وجديد الرئاسة، أو التعطيل الرئاسي، ما أدلى به رئيس حزب "القوات اللبنانية" سميرجعجع امس من أن "المسؤولين الإيرانيين أبلغوا مراجع دولية، صراحةً، وللمرة الأولى، أنهم يوافقون على انتخاب رئيس جمهورية للبنان، بلا لون ولا طعم، شرط أن تقبل دول العرب والغرب ببقاء بشار الأسد على رأس السلطة في سوريا". وهو ما نُمي اليه عن مسؤولين غربيين.
أما الحكومة، فلا تزال في موت سريري في ظل تشبث كل فريق بموقفه، مع امكان ادخال ملف النفايات في سياق "الضرورة" اذا ما توافر الحل الجدي في الساعات او الايام المقبلة. وقد أسف الرئيس بري لـ"مذهبة" الملف "وكأن المطلوب توفير مطمر شيعي في مقابل مطمر سني". وأعلن "ان حركة أمل وحزب الله يبحثان عن مطمر ملائم في البقاع تتوافر فيه الشروط العلمية والبيئية المطلوبة".
وفي هذا الاطار، قالت مصادر وزارية لـ"النهار" إن جلسة مجلس الوزراء ستعقد في أي وقت لدى تبلّغ الرئيس تمام سلام من "حزب الله" عرضه في شأن مطمر النفايات في البقاع الشمالي بعدما تبيّن أن عروضه السابقة غير مطابقة للمواصفات. ونقلت عن أوساط بارزة في الحزب قولها إن موقف الاخير ليس له علاقة بما صدر عن وزير الداخلية نهاد المشنوق من مواقف.
وأشارت المصادر الى أن الاولوية حاليا هي لجلسة نيابية مخصصة لتشريع الضرورة لعدم تفويت الفرصة على لبنان للإفادة من القروض الدولية التي سيحرمها في حال عدم إقرار التشريعات الخاصة بها.
وكان بري وجه امس الى النواب "رسالة التوسل" بعدما أبلغه وزير المال علي حسن خليل انه تحدث في اتصال مع رئيس البنك الدولي قرابة ساعة. وحذره الاخير من أن "أمام لبنان مهلة حتى نهاية السنة الجارية، والا سيفقد القروض المقررة له، زائد عدم الاستفادة من مثل هذه القروض في السنوات الأربع المقبلة وسيظهر انه غير جدي في الاستفادة من هذه القروض وان البلدان الفقيرة في العالم أحق بها".
وقال بري امام زواره انه دق ناقوس الخطر امام الرئيس سلام امس في حضور الوزير خليل الذي أفاد انه يستطيع تأمين رواتب الموظفين في تشرين الثاني، الامر الذي لن يتحقق في كانون الاول ما لم يصدر قانون في هذا الخصوص.
وعلى خط الحوار، أكدت المعلومات المتوافرة ان طاولة الحوار المقررة في 26 تشرين الاول الجاري ستعقد مجددا في مجلس النواب بدل عين التينة. ووجه بري امس الدعوات. واعتذر الرئيس فؤاد السنيورة عن الحضور بداعي السفر وسيمثله النائب عاطف مجدلاني والنائب أحمد فتفت. وقال بري امام زواره: "ان التغيب السياسي عن الجلسة مرفوض وكذلك خفض التمثيل، الا اذا كان عدم الحضور بسبب المرض او السفر".
ونقل عن رئيس المجلس تفاؤله ايضا بالجلسة المقبلة من الحوار بين " حزب الله" و"تيار المستقبل" رغم ما حصل من ردود متبادلة في الايام الاخيرة. وقال: "لا اخاف على الحوار القائم بين الطرفين، خصوصا انهما يحرصان على استمراره".

الهجرة واللجوء
وبعيدا من الحوارات التي لم تترجم افعالا، وقائع وأرقام تؤكد ان الدولة بعيدة من هموم ناسها الذين باتوا على استعداد للجوء الى اوروبا ولو كلفهم الانتقال الخطر حياتهم. فقد اكدت مصادر في مرفأ طرابلس لـ "النهار" ان باخرة محملة بمئات من السوريين تبحر صباح كل يوم الى تركيا، ومع هؤلاء يبحر يوميا اكثر من 15 مواطنا لبنانيا من الشمال. واضافت ان "الامر ماض على هذا النحو منذ ثلاثة اشهر ونيف، وقد لاحظنا مع بداية شهر تشرين الاول دخول عنصر جديد على المهاجرين يتمثل بالعائلات، اذ كان الشاب يهاجر منفردا اما اليوم ففي كل باخرة تنطلق من مرفأ طرابلس اكثر من خمس عائلات، هدفها بالطبع ليس تركيا وانما العبور نحو اوروبا".
وقالت هذه المصادر إن عدد اللبنانيين المهاجرين عبر مرفأ طرابلس وحده فاق الـ 2000 شخص، من كل الشمال، بالاضافة الى عدد مماثل او أكثر عبر مطار رفيق الحريري الدولي، وتالياً فإن عدد المهاجرين قد يناهز الـ4500 مع نهاية الشهر الجاري اذا استمرت الامور على ما هي. وبلغ العدد التقريبي للبنانيين الذين وصلوا الى المانيا 1050.