كان ممكناً ان تشكل "عودة" مجلس النواب الى الانعقاد اليوم بعد غياب قسري طويل فسحة انفراج نسبي لو يتجاوز مفعول هذه العودة الاطار الشكلي والروتيني الذي يمليه افتتاح العقد الثاني العادي للمجلس باعادة التجديد لهيئة مكتبه واللجان النيابية الى الشروع عملياً في جلسات التشريع. بيد أن التطور المأمول في فك أسر العمل التشريعي اسوة بالنشاط الحكومي يبدو صعب المنال نظراً الى استمرار التعقيدات والاشتراطات المتعارضة التي حاصرت المجلس كما تحاصر الحكومة، والتي يبدو واضحاً انها مضت في الايام الاخيرة الى مزيد من التعقيد، الامر الذي سيحصر على الارجح نتائج الجلسة النيابية اليوم باعادة التجديد للجان فقط. ويعزز هذه الخلاصات ان مواقف الكتل من تشريع الضرورة لا تزال على حالها، كما ان التعقيدات السياسية الطارئة في ظل احتدام التوتر الاخير بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" سيدفع رئيس المجلس نبيه بري الى "المشي على البيض" والبعض يقول في حقل الألغام لئلا تتفاقم الأمور من حيث زيادة التوتر في حال حصول تغييرات مفاجئة على مستوى اللجان النيابية. وتبعاً لذلك، علمت "النهار" ان الرئيس بري، الذي عاد والوفد المرافق له مساء أمس من زيارتيه لرومانيا وجنيف، لم يتناول التوتر الناشئ بين "المستقبل" و"حزب الله" أمس، من قريب ولا من بعيد بعدما كان تفرغ في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، لهذا المؤتمر كما للمؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي الذي انتخبه رئيساً للمرة الثانية، ولم تعرف تالياً طبيعة الاتصالات التي يعتقد انه أجراها في الشأن الداخلي بعد عودته مساء. ولكن بالنسبة الى الجلسة النيابية اليوم، علمت "النهار" ان بري يميل الى ابقاء اسماء رؤساء اللجان ومقرريها كما هي منعاً للوقوع في أي مشكلة جديدة وخصوصاً بين تيار "المستقبل" و"تكتل التغيير والاصلاح"، علماً أنه بات في حكم المؤكد ان أي مقاطعة لجلسة اليوم لن تحصل وستحضر جميع الكتل بما فيها "تكتل التغيير والاصلاح".
الحكومة والاشتباك السياسي
في غضون ذلك، لا تبرز على الضفة الحكومية أي مؤشرات مشجعة لتوقع أي حلحلة جزئية ولو في ملف النفايات الذي لا يزال عرضة لتموجات المد والجزر اليومية حيال استكمال خريطة المطامر التي تتنازعها ردود الفعل الشعبية والغموض الدائم في تعامل بعض الافرقاء معها باسلوب ازدواجي على غرار عقدة ايجاد مطمر في البقاع الشمالي. وكشفت مصادر وزارية لـ"النهار" ليل امس ان ملف النفايات عاد الى دائرة التعقيد مجدداً وتالياً تأجلت الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع. ولفتت الى تداعيات خطاب وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي لوح فيه بالاستقالة من الحكومة والانسحاب من الحوار مع "حزب الله"، ورد الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عليه لا يزال يتفاعل. ولوحظ في هذا السياق ان وزير الصحة وائل ابو فاعور كاد ينعى احتمالات انعقاد مجلس الوزراء حين اعتبر أمس ان الحكومة ستدخل في غيبوبة لن تستفيق منها الا لمعالجة ملف النفايات. كما أكد ان لا اتصالات جارية يمكن ان تنقذ الحكومة من حال الشلل التي تتجه اليها.
وقالت مصادر نيابية بارزة لـ"النهار" مساء أمس إن مناخ التوتر الذي أثاره السجال الاخير بين بعض شخصيات "المستقبل" و"حزب الله" قد لا يكون بالخطورة التي يجري تصويرها وامكانات احتوائه بقصد العودة الى مرحلة "ربط النزاع " الحكومية والاستمرار في الحوار الثنائي بين الفريقين لا تزال معقولة ومفتوحة. لكنها لم تستبعد ان تتأخر عملية الاحتواء بعض الوقت نظراً الى رفع السقوف الذي ميز رد الحزب على خطاب المشنوق من جهة والانزعاج الشديد الذي عبر عنه السيد نصرالله في موضوع تحميل الحزب تبعة فشل الخطة الامنية في البقاع الشمالي من جهة أخرى. وأوضحت انه من الممكن جداً ان يضطر الرئيس بري في وساطته الجديدة لمنع توقف الحوار الثنائي بين الفريقين في عين التينة الى اعادة صياغة اطار متجدد لهذا الحوار اذا وافق الفريقان على معاودته. وفي هذا الاطار تنتظر المصادر نفسها ما سيصدر اليوم عن كتلة "المستقبل" النيابية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة لتبين الاتجاهات الواضحة للكتلة والرئيس سعد الحريري عقب هذا الاشتباك السياسي الجديد مع "حزب الله".
ضربة للنصرة
وسط هذه الأجواء المأزومة سياسياً، برز انجاز ميداني جديد للجيش تمثل في نجاحه في توجيه ضربة موجعة الى "جبهة النصرة" امس في عمق جرود عرسال. وإذ تكتم الجيش على العملية وتفاصيلها العملانية تجنباً لكشف الطرق التي اتبعها في توجيه الضربة، افادت المعلومات المتوافرة لـ"النهار"عن الضربة ان صاروخاً دوى في أعالي جرود عرسال وبعيداً من مخيمات النازحين السوريين استهدف تجمعاً لمسلحي "جبهة النصرة" المنتشرين في المنطقة الجردية، وتبين ان الصاروخ موجّه ولم يعرف ما اذا كان اطلق من الجو أو من البر. وجاء في معلومات مؤكدة ان ثمانية مسلحين من النصرة قتلوا في العملية وان هناك عدداً آخر من الجرحى سقط في صفوفهم، علماً ان الجيش كان يرصد المجموعات المسلحة في المنطقة التي استهدفتها العملية منذ وقت غير قصير.
كاغ في عكار
الى ذلك، قامت أمس المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ بزيارة هي الأولى لها لعكار للاطلاع على أوضاع المنطقة وتداعيات أزمة اللاجئين السوريين عليها. وجالت كاغ على محطات عدة في منيارة والكواشرة ووادي خالد وثكنة الجيش في شدرا.