يبدو ان الحكومة والحوار على حافة الانهيار التام. فالسجال الاعلامي الحاصل بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» يؤكد ان الامور متجهة نحو التصعيد، وكلام وزير الداخلية نهاد المشنوق الاسبوع الماضي في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، حيث هدد بترك الحوار و«فرط» الحكومة، كان الفتيل الذي اشعل «القلوب المليانة»، فهذه اول مرة ينفجر الوضع بين الطرفين بهذا الشكل «الفاقع» داخليا.
معظم الاشتباكات التي كانت تدور بينهما في السابق كان طابعها اقليمياً ومرتبطة بشكل مباشر بالصراع بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، على امتداد الوطن العربي، وصحيح ان الازمة الداخلية حاليا مرتبطة ايضا بالصراع الآنف ذكره، الا ان الامور تجاوزت الخطوط الحمر المرسومة داخليا لتصل الى حد تهديد الحوار الثنائي بين الجانبين والحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري. فالحوار الثنائي حين بدأ لم تكن الامور اكثر هدوءا على المحور الايراني - السعودي، الا ان الطرفين تمسكا بهذا الحوار لتنفيس الاحتقان في الشارع والحفاظ على الاستقرار باي شكل من الاشكال بشهادة الطرفين.
الا ان الامور باتت تنذر بالاخطر، وعلى ما يبدو فإن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بكلامه امس في ذكرى الشهيد ابو محمد الاقليم، تعاطى مع كلام المشنوق على انه موقف رسمي لتيار المستقبل، وانه مغطى من رئيس التيار سعد الحريري، لذا جاء كلامه واضحا وشفافا «باننا لا نرضى الابتزاز».
مصادر مقربة من حزب الله اكدت انه اذا كان «المستقبل» يلعب بالنار، واذا كان يظن ان بامكانه الضغط على حزب الله عبر التلويح بالفوضى الداخلية، واذا كانت ثمة اجندة سعودية للرد في بيروت على خيبة الامل في سوريا، فان التيار الازرق يغامر لأن هذه المرة الصراع يتجاوز حدود «اللعبة الداخلية» لان حزب الله يخوض معركة حاسمة وفاصلة لا تقبل انصاف الحلول.
ماذا قال السيد حسن نصـرالله في ذكرى الشـهيد الاقـليم ؟
فقد أكد نصر الله الحرص على الحوار وبقاء الحكومة والاستقرار، رافضاً الابتزاز الذي يمارسه «تيار المستقبل» في ما يتعلق بالمشاركة في الحوار والحكومة. متوجهاً لقيادة «المستقبل» بالقول نحن في حزب الله نرفض الابتزاز واذا اردتم الخروج من الحوار والحكومة الله معكم واذا اردتم البقاء أهلا وسهلا.
كما أكد نصرالله على أهمية الصمود والقتال في وجه المشروع التكفيري الذي يريد تدمير مجتمعاتنا مثله مثل المشروع الصهيوني، مشدداً على دعم القضية الفلسطينية وانتفاضة الشعب الفلسطيني.
المستقبل
واكدت اوساط بارزة في تيار المستقبل ان ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليس بجديد من خلال تهديداته المستمرة وتأكيده على مواصلة القتال في سوريا وتوجيه التهم جزافا وتصنيف الناس، فيما الجميع يدرك من يعطل عمل الحكومة والمجلس النيابي ولا سيما انتخاب رئيس للجمهورية، حتى بات القاسي والداني يدركان ان ايران قالت صراحة للموفد الفرنسي انها تريد انتخاب الرئيس الحليف لها ولحزب الله في لبنان.
وتؤكد المصادر أن التيار، عندما شارك في الحكومة تحت شعار ربط النزاعات، ذلك من اجل البلد وناسه، ولا يعني التخلي عن الثوابت الرئيسية، ان على صعيد المحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي وادانة مشاركة حزب الله بالحرب في سوريا.
وتلفت المصادر الى ان مشاركة تيار المستقبل في الحوار مستمرة، وكذلك السعي لعقد جلسات مجلس الوزراء، لحل مسألة النفايات وتيسير مصالح الناس.
واخيرا، تشير المصادر الى ان التيار سيتواصل مع حلفائه في 14 آذار حيال كل المسائل المطروحة على بساط البحث، وخصوصا الحوار وانتخاب رئيس للجمهورية، وعندها لكل حادث حديث.
جلسة لملف النفايات
على صعيد آخر، اوضحت مصادر قريبة من حركة الاتصالات لحل قضية مطمر البقاع ان التواصل ما زال مستمرا بين رئيس الحكومة تمام سلام والوزير اكرم شهيب من جهة وكل من حزب الله والمستشار السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل بهدف الاتفاق نهائيا على مكان المطمر المطلوب، واشارت الى ان موقع عين كفر زبد الذي كان الافضل بين المواقع المقترحة تبين انه قريب من الاماكن السكنية ولذلك فهناك تشاور لاختيار مكان ابعد ليكون مطمرا في البقاع.
وقالت انه بعد حصول التوافق سيقوم رئيس الحكومة تمام سلام بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء التي سيكون على جدول اعمالها بند وحيد هو بند النفايات وبالتالي اعطاء القرار السياسي للبدء بتنفيذ خطة النفايات.
وكشفت المصادر في سياق متصل ان هذه الجلسة لمجلس الوزراء ستكون الجلسة اليتيمة في ظل اعلان العماد ميشال عون عن مقاطعة جلسات مجلس الوزراء بعد لجوء المستقبل وحلفائه الى تطيير ملف الترقيات العسكرية وتضامن حزب الله مع موقف عون وبالتالي مقاطعة الطرفين للحكومة. واضافت انه بعد جلسة النفايات ستصبح الحكومة في غيبوبة ولن يكون في مقدورها اكثر من تصريف الاعمال.