كيف تحافظين على زواجك دون الوقوع في دائرة الخطر التي تبدأ بعبارات غير مطلوبة بين الزوجين وتنتهي بتصرفات وسلوكيات تفجر المشاكل بين الطرفين؟ وما هي أبرز الأخطار التي تواجه أي علاقة زوجية؟ وكيف يمكن تجاوزها للحفاظ على علاقة زوجية متينة؟ تساؤلات عديدة تفرض نفسها أمام فشل زيجات كثيرة لأسباب كان يمكن تجاوزها بسهولة.
مروة: على كل طرف أن يحضر «الأستيكة» الخاصة به
مروة أبو حجر، فتاة ربيعية مفعمة بالحيوية تبلغ من العمر 24 عاماً، ورغم صغر سنها وعمر زواجها الذي لا يتعدى أربع سنوات، تحمل خبرات الكثير من المتزوجات، فتقول: «المشكلة أن كل طرف من الزوجين يأتي بطباع وتربية مختلفة عن الآخر، فكل منهما له فكره وأسلوبه الخاص في التعبير والحديث والتصرف، لذلك تكون هناك اختلافات وفوارق تنذر بوقوع مشاكل وخلافات كثيرة، تؤدي بالعلاقة إلى دائرة الخطر. برأيي، يتعين على كل من الزوج والزوجة في بداية الزواج أن يحضر «الأستيكة» الخاصة به، ليمحو بها أخطاء الطرف الثاني ومساوئه، حتى يستطيع أن يعيش ويستمر في حياة بلا مشاكل، وهذا أعتبره من الذكاء في إدارة الحياة الزوجية، فالزوجان ليسا في ساحة معركة ليتصيد كل منهما للآخر الأخطاء».
وتضيف: «أهم شيء بالنسبة إلي هو الاحترام المتبادل بين الزوجين، فهو الدعامة التي يرتكز عليها الزواج، وهو الحافز لاستمرار العلاقة بصورة طيبة. كذلك على المرأة أن تعي أنها ليست متزوجة من «سوبرمان»، وأنه لن يحمل كل الصفات الجميلة، ولا يملك عصا سحرية تمكنه من إنجاز العديد من المهمات في وقت قياسي. أما أكثر العادات السيئة التي قد تفسد أي حياة زوجية، فهي الخيانة والبخل وعدم الاحترام أو عدم تقدير الزوجة وإهمالها، كذلك أرى أن هناك خطوطاً حمراء في العلاقة لا يجوز تجاوزها، وهي مثلاً التفوه بألفاظ نابية، أو تكرار كلمة الطلاق بحق وبغير حق، أو الإهانات الجارحة أو المعايرة بالأمور المادية، أو بما اشتراه الزوج لزوجته!».
يمنى: على الزوجة
اختيار الوقت المناسب لطلباتها من زوجها
يمنى سامي (24 عاماً) فتاة تتمتع بشخصية قوية وقيادية، تعمل مصممة مواقع في إحدى الشركات الخاصة، وحديثة العهد بالزواج منذ حوالى سنة. تقول: «أهم شيء في العلاقة الزوجية ألا يشوبها النكد أو كثرة المشاجرات. فعلى الزوجة أن توفر لزوجها كل سبل السعادة والراحة، وألا تكون أداة لإثارة المشاكل. كذلك على الزوج أن يتفهم زوجته ويقدر حالتها النفسية. وعلى الزوجين أن يعيا أن الحياة اليومية تفرض ضغوطها عليهما، وأنه لا بد من تجاوز التفاهات قدر المستطاع وتفويت هفوات الآخر، فاذا طلبت من زوجي أن يقضي لي مصلحة ونسي، لا يكون رد فعلي بمجرد رؤيته أن ألح عليه في تنفيذ طلبي وإلا غضبت منه، فهذا غير منطقي. لا بد من تقديم بعض التنازلات حتى تسير الحياة بشكل سلس. كذلك أرى أن إيقاع الحياة أصبح سريعاً وقد ينخرط الطرفان في العمل ولا يفسحان مجالاً لنفسيهما، فعليهما أن يتنبها إلى هذه النقطة. وأهم شيء في هذا الرباط الأبدي أن تتحلى الزوجة بالذكاء، وأن تعرف متى تختار الوقت المناسب الذي تطلب فيه من زوجها ما تريده، فلا يصح في أي حال من الأحوال أن ترى الزوجة زوجها مضغوطاً أو منزعجاً من أمر ما في عمله وترهقه بوابل من الطلبات. وفي النهاية أود أن أقول إن أهم ركائز الحياة الزوجية الناجحة هما الاحترام والثقة المتبادلة».
غادة كريم:
كذب الرجل وإهمال الزوجة لنفسها أكثر ما يهدد الزواج
أما غادة كريم (مصممة شموع) فتقول: «أنا متزوجة منذ ست سنوات، ولدي طفل عمره أربع سنوات، أقرأ وأسمع عن مشكلات كثيرة ترسل لي من خلال زوجات على البريد الإلكتروني الخاص بي، كوني أكتب مقالة أسبوعية في إحدى الصحف القومية. ودعينا نقول إن آفة الزواج بالنسبة إلى الرجل هي الكذب، فهذا الفعل كفيل أن يكسر علاقته مع الزوجة، والثقة إذا فقدت لن تعود. الكذب يندرج تحته بنود كثيرة، فمن الممكن أن يكذب الرجل لسبب تافه أو صغير، فقد يدعي أنه مع أحد أصدقائه وهو في حقيقة الأمر يمضي وقته مع والدته لكنه لا يريد أن يقول ذلك لزوجته، فالكذب عند الرجل يبدأ «بكذبة بيضاء» وينتهي بكذبة خطيرة قد تصل إلى حد الخيانة».
وتضيف: «أما بالنسبة إلى المرأة، فأكثر ما يفسد العلاقة الزوجية هو أن تكون مهملة وغير متجددة، وتولي اهتماماً بالأطفال أكثر من الزوج بدعوى أنها وصلت إلى غايتها، وهي الارتباط بزوجها، معتقدة أنها ملكته وسيطرت عليه. كذلك تكون كثيرة الشكوى و«زنانة»، مما يدفع الرجل إلى البحث عن امرأة غيرها لا تحب المشاكل أو الشجار، فالرجل لا يحب الملل، وعلى المرأة أن تعرف كيف تختار الوقت المناسب للحديث أو الشكوى. كذلك أرى أن الرجل وزوجته لا بد أن يكونا صديقين حتى بعد الزواج، فالصداقة بين الزوجين هي التي تجعلهما يستمران في حياتهما لعشرين أو ثلاثين عاماً، وهي الفكرة التي يقوم عليها الزواج في الغرب، ولا تكون العلاقة قائمة على الندية، فلا يجوز أن ننحدر بمستوى العلاقة من مستوى السمو الروحاني إلى مستوى العراك والمسؤوليات».
وعن مدى نجاح علاقتها الزوجية، تقول غادة: «هذا سؤال صعب للغاية، لكن كل ما أستطيع قوله أن الزواج لا يحتاج إلى عقل، ومشكلته أن هناك طرفاً آخر، فمهما كنت عاقلة، فالطرف الآخر قد يفسد العلاقة. العلاقة الناجحة تمر بالعديد من المنحنيات والمنعطفات. تجمعني بزوجي علاقة حب استمرت ست سنوات قبل الزواج، أي أننا مرتبطان منذ ١٢ عاماً، وهذا ما أعتبره منتهى النجاح حتى الآن. بالتأكيد مررنا بلحظات صعبة فيها المرض والشجار، لكن كنا دائماً صديقين، وهذا هو سر النجاح».
محمود: من حق كل طرف أن يكون له وقته الخاص
محمود أيمن (30 عاما،ً مهندس معماري) متزوج منذ حوالى سنة فقط يقول: «أي علاقة مستمرة وناجحة قوامها الاحترام. فقد يكون هناك اثنان تربطهما قصة حب عميقة، لكنهما لا يستطيعان أن يحترم أحدهما الآخر، فتشوب العلاقة الإهانات المتبادلة ثم يعودان ليتسامحا باسم الحب، لكن في النهاية تفشل هذه العلاقة مهما طال أمدها أو قصر. والعكس صحيح، إذا كان هناك شخصان لا يحبان بعضهما البعض، لكنهما يحترمان بعضهما، لا شك ستكون علاقتهما ناجحة ومستمرة، فالاحترام هو العنصر الأساسي لأي علاقة ناجحة، سواء في حب أو زواج أو صداقة أو حتى عمل».
وعن الوصفة السحرية لجعل أي علاقة زواج متينة ومتراصة يقول محمود: «لا بد أن يعطي كل من الطرفين مساحة للآخر، بمعنى أنه من حق كل طرف أن يستمتع ببعض الوقت الخاص لنفسه، فلا يمكثان معاً طول الوقت حتى لا يشعرا بالملل، فمن الصحي جداً في أي علاقة زواج أن يبتعد كل طرف عن الآخر لفترة من الوقت، سواء بتمضية بضع ساعات مع الأصدقاء أو مع الأهل، وقطعاً وقت مع الشريك ولكن دون قيد أو شرط. من حق كل من الطرفين أن يحتفظا ببعض من الخصوصية، حتى لا «يخنقا» نفسيهما بنفسيهما، فلا يجوز للزوج أن يحكم على زوجته بعدم الخروج مع صديقاتها لمجرد أنه يمكث في المنزل، ويجب أن تبقى بجواره، وكذلك الحال مع الزوجة، فلا يحق لها أن تفرض عليه أن يبقى بجانبها في المنزل أو يصطحبها معه في أي مشوار أو خروج مع الأصدقاء. أرى أنه لا بد أن يحظى كلا الطرفين بقسط أكبر من الحرية».
أحمد: تدخلات الأهل
أكبر دائرة خطر لأي زواج
أما أحمد بنداري (30 عاماً) فيعمل مهندساً معمارياً في إحدى الشركات الخاصة، وخطب قبل أشهر فتاة وجد فيها المرأة التي يستطيع معها أن يكوِّن أسرة سعيدة ناجحة. يقول: «أي علاقة زوجية ناجحة لا بد أن يكون حجر زاويتها الاحترام والصراحة والثقة، وأخيراً أن يكون كل شخص في حاله، بمعنى أن أكون بعيداً عن أهلي وأهلها، بحيث لا أحد يتدخل في علاقتي بها وبتفاصيل تأسيس هذا البيت، فتدخلات الأهل أكبر مصدر خطر على أي زواج». وعن العادات السيئة التي قد تفسد إنجاح أي زواج يقول بنداري: «أهم شيء يجب أن ينتبه له كلا الطرفين هو عدم إهمال الطرف الآخر، فلا يحق لي أن أرى زوجتي منزعجة من شيء ما ولا أهتم بها أو أحاول حل مشكلتها، كذلك الحال معها، فواجب عليها ألا تتجاهل مشاكلي أو ضيقي منها في أي شيء، فكل منا يجب ألا يقع في فخ التجاهل، حتى لا تسير حياتنا بشكل جاف وبلا روح». و يردف قائلاً: «أهم صفة يجب أن تتحلى بها أي زوجة هي «الإحساس»، بمعنى أن يكون لديها من الحس ما يجعلها تعرف زوجها من صوته أو نظرته، متى يكون حزيناً ومتى يكون سعيداً، متى يكون مضغوطاً فلا يمكنه أن يسمع أو يتقبل أي شكوى أو لوم، ومتى يكون قادراً على تقبل ذلك. الإحساس ينتج عنه تواصل، وهما وجهان لعملة واحدة. وفي النهاية أرى أن الزواج عقد ولا يجوز أن يكون محدداً بمدة معينة، فعندما سأتزوج أعلم أنني لا بد أن أكمل معها بقية عمري، فأنا لا أبني حياة حتى تهدم بعد ١٥ أو ٢٠ عاماً».
ياسر: العناد أكثر العادات السيئة بين أي زوجين
«مقومات نجاح أي زواج في الدنيا هي الثقة والاحترام والمشاركة»، هذا ما يؤكده ياسر عصام (35 عاماً) المحاسب في أحد المصارف الأجنبية الخاصة في مصر، ويكمل: «إذا نظرنا إلى تعامل الزوج والزوجة الآن، مقارنةً بالأجيال السابقة، سنجد أن أسلوب التعامل أصبح مختلفاً بصورة تجعل من ينظر من بعيد إلى هذين الزوجين مثلاً، يجد أنهما لا يتعاملان باحترام، وأنهما يبالغان في الهزار والتهريج بطريقة غير لائقة، بغض النظر عما إذا كانت هذه هي الطريقة المتبعة أو نمط الكلام الذي يسلكه معظم هذا الجيل.
وفي ما يتعلق بالثقة أرى أنها العنصر الأهم في الزواج، وكثير من الأزواج يفتقدون الثقة بينهم، مما يؤدي إلى الطلاق. كذلك أصبحنا نلمس إلقاء الرجل لمسؤولياته على عاتق المرأة، بينما يجب تحقيق نوع من المشاركة لتخطي أزمات من الممكن أن تقع في المستقبل. وكما نعلم لا زواج يخلو من المشاكل، لكن بفضل المشاركة والثقة والاحترام المتبادل قد تذوب الاختلافات، ويصل الزواج إلى بر الأمان».
وعن العادات السيئة التي قد تفسد الزواج، يرى ياسر أن العناد في صدارتها، ففكرة «من المسيطر ومن صاحب الكلمة العليا»، حتى إذا وقع اختلاف في وجهات النظر قد يصل إلى عناد في فكرة من الذي سيبدأ بالصلح أولاً، وحتى إذا مرت بسلام خلفت وراءها رواسب، فمن يبادر بالاعتذار يترك انطباعاً عند الطرف الآخر بأنه الطرف الأضعف وهذا ما يؤثر في سلامة العلاقة.
وصفات النجاح
عن الأسلوب الأمثل للهروب بالزواج من دائرة الخطر وبناء علاقة زوجية متينة، يقول الدكتور رفعت عبد الباسط، أستاذ علم الاجتماع في جامعة حلوان: «أولاً الزواج علاقة دائمة، وأعتبرها علاقة واحدة وليس بين اثنين، فهما كيان واحد لا يتجزأ، وهي أيضاً علاقة أساسية جداً للرجل والمرأة على حد سواء، لأنها أساس قيام النظام الاجتماعي وأساس استمراريته. ثانياً هذه العلاقة لا بد أن تقوم أساساً على المودة والمحبة ودوام العشرة وتقدير الآخر لكل منهما. أما العادات السيئة التي قد تخرب أي علاقة، فمن أخطرها أن يحاول مثلاً أحد الطرفين بدافع الملكية والاستحواذ أن يستأثر بالطرف الآخر، فلا بد أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على الشراكة والمحبة. كذلك يجب أن يتمتع كل من الطرفين بمقدار من الحرية الشخصية التي يتركها كل منهما للآخر. أيضاً الغيرة مطلوبة لكن بمقدار، حتى لا تعكر صفو العلاقة. أما عن الجوانب الإيجابية التي من شأنها الحفاظ على دوام الزواج، فأولها تذكر بعض التواريخ المهمة منذ بداية العلاقة حتى نهايتها، مثل تواريخ أول يوم لقاء ويوم الخطبة وتاريخ الميلاد وعيد الزواج. كذلك على كلا الطرفين الموافقة على القيام من حين إلى آخر برحلات جماعية مع الأهل والأصدقاء، ويجب أن يتحلى كل من الزوجين بالثقة التي تجعله يسمح للآخر بالقيام برحلات فردية مع أحد الأصدقاء، الأمر الذي يخلف سعادة غامرة تنعكس على الأسرة والأولاد، وتجدد رونق العلاقة الزوجية ولحظات المحبة والسعادة بين الطرفين. كذلك لا بد أن يخفي الزوجان أسرارهما عن المحيطين بهما، خاصة مشاكلهما ومشاجراتهما، وليعلما أن البادئ بالمصالحة هو الأكرم والأعلى والأكثر حباً ونضجاً. وأخيراً أرى أن الإيثار يجب أن يكون قوام العلاقة»