طالبت فلسطين مجلس الأمن والأمم المتحدة بتفعيل تأمين الحماية الدولية للفلسطينيين وترجمته الى إجراءات عملية، وذلك خلال الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن أمس بطلب من الأردن ممثلاً للمجموعة العربية، في حين أكدت إسرائيل أنها «لن تقبل بأي وجود دولي» في المسجد الأقصى المبارك لأن ذلك «سيشكل تغييراً في الوضع القائم» حالياً في الأماكن المقدسة.
في هذه الأثناء، شهدت الأراضي الفلسطينية «جمعة ثورة» دعت اليها الفصائل، واستشهد خلالها أربعة فلسطينيين، اثنان منهم في نابلس والخليل في الضفة الغربية، واثنان في قطاع غزة، في حين توفي خامس في القطاع متأثراً بجراحه. وفجر أمس، أضرم فلسطينيون النار في «قبر يوسف»، المقام المقدس لدى اليهود والمتاخم لمخيم بلاطة شرق نابلس في منطقة خاضعة للسلطة الفلسطينية، ما أدى الى احتراقه من الداخل بشكل كامل. ودان الرئيس محمود عباس هذا العمل «المرفوض»، وأمر «بتشكيل لجنة تحقيق فورية».
وفي اجتماع مجلس الأمن مساء أمس، تركز الجهد الديبلوماسي الفلسطيني، المدعوم عربياً وإسلامياً، على طلب الحماية الدولية، خصوصاً للأقصى، على غرار قرار مجلس الأمن الرقم ٩٠٤ لعام ١٩٩٤ وأدى الى نشر مراقبين دوليين في الحرم الإبراهيمي في الخليل بعد المجزرة الإسرائيلية بحق المصلين فيه آنذاك.
وقوبل الطلب الفلسطيني برفض إسرائيلي، ولم تعلن الولايات المتحدة وباقي الدول الغربية موقفها منه في كلمات مندوبيها في الجلسة، والتي أجمعت على ضرورة الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة، رغم تمايز فرنسا التي أعدت مشروع بيان رئاسي في هذا الصدد.
وقال ديبلوماسي أوروبي إن المشروع الفرنسي «سيوزع بعد جلسة مجلس الأمن للبدء في مشاورات في شأنه، وهو ينص على الدعوة الفورية الى التهدئة في الأراضي الفلسطينية والقدس، ومناشدة الأطراف ضبط النفس، والتأكيد على الحفاظ على الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس». كما كرر السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر الدعوة الى تفعيل «مجموعة الدعم الدولية» وتكثيف جهود اللجنة «الرباعية الموسعة» للعمل على استئناف العملية السياسية.
وتجلى الاختلاف في المواقف الغربية بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية الأعضاء في المجلس من خلال تأكيد مندوبي بريطانيا وفرنسا وإسبانيا ونيوزيلندة على ضرورة تولي مجلس الأمن معالجة التصعيد في فلسطين، خصوصاً القدس، فيما لم تشر السفيرة الأميركية سامنثا باور الى أي إجراء يمكن المجلس أن يتخذه. وكررت إدانة أعمال العنف والإرهاب والاستيطان، مشيرة الى استمرار التزام الولايات المتحدة حل الدولتين، ودعت الطرفين الى العمل على العودة الى المفاوضات. وأضافت أن الولايات المتحدة «ترحب بإعلان إسرائيل والأردن التزام الحفاظ على الوضع القائم» في الأماكن المقدسة في القدس، مشيرة الى أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أعلن ذلك في تصريح علني.
وحمّل السفير الروسي فيتالي تشوركين إسرائيل «المسؤولية التاريخية عما يجري في القدس الشرقية وباقي الضفة وغزة». ووجه طلباً مباشراً الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتقديم تقرير، لا يزال سرياً، أعدته الدائرة القانونية في الأمانة العامة للأمم المتحدة عن خيارات الحماية الدولية. وكرر هذا الطلب السفير الإسباني رومان أيارزون مارتيشيزي. وأكد ديبلوماسيون اطلعوا على التقرير أنه من ٤٤ صفحة ويتضمن نماذج الحماية الدولية التي اعتمدت في نزاعات مختلفة في العالم منذ عام ١٩٢٢، مروراً بالحرب العالمية الثانية، ووصولاً الى قرار مجلس الأمن الرقم ٩٠٤، وحماية القوات الدولية للفلسطينيين في بيروت عام ١٩٨٣. لكن الأمين العام لم يُحل التقرير على مجلس الأمن، مشترطاً تلقي طلب رسمي من المجلس لإحالته.
وقالت السفيرة الأردنية دينا قعوار إن «الانتهاكات الممنهجة ضد الشعب الفسطيني الأعزل تحتم على مجلس الأمن تحمل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات الفاعلة لحماية الشعب الفلسطيني». وأكدت ضرورة «احترام الوضع التاريخي القائم في القدس الشريف ووقف الإجراءات الرامية الى تقسيم الحرم الشريف مكانيا وزمنياً»، مشيرة الى تأييد الأردن قرار الرئيس محمود عباس التحقيق في حرق قبر يوسف. وشددت على دور الأردن في حماية الأماكن المسيحية والإسلامية المقدسة.
وطالب السفير الفلسطيني رياض منصور المجلس بالتدخل العاجل «لوقف العدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني ومقدساتنا»، داعياً الى مساءلة إسرائيل عن جر الصراع الى نزاع ديني. وقال إن إسرائيل تخلت عن واجباتها التي تنص عليها اتفاقات جنيف بحماية المدنيين تحت الاحتلال في النزاعات المسلحة، وهو ما يتطلب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن «توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني».
وأكد السفير الإسرائيلي داني دانون رفض إسرائيل أي وجود دولي في الأماكن المقدسة في القدس، محذراً من أن «أي تغيير في الوضع القائم ستكون له تبعات».