أنذر تفاقم الخلاف بين تيار المستقبل والتيّار الوطني بمزيد من الشؤم السياسي والطائفي وبتعطيل دائم ومستمر للإستحقاقات الدستورية التي أمست شدّ حبال بين جهتين غير قادرتين على تذليل عقباتهم لا من أمام الرئاسة ولا من غيرها بل على العكس " أنتجت " المزيد من العقبات لإبقاء لبنان في دوامة الفراغ القاتل .
لم يكن المشهد الحكومي الشهير والعراك بالأيادي ما بين أزلام التيارين الاّ واحداّ من مشاهد مثيرة للجنون "العوني " و"الحريري" ولحجم التبادل الاتهامي بينهما على خلفية شخصية لا وطنية بالتأكيد إذ أنّ مجنون ليلى يرى في كل من يرفض وصوله إلى الرئاسة فاسداً ومُفسداً للسلطة وللدولة كما أنّ مجنون قيس يحاكي كرسي الرئاسة بنفس اللغة الإتهامية إمعاناً في التعطيل "الممنهج " ريثما تنضج جلود المنطقة المحترقة بنار إقليمية و دولية .
لقد وضعت اتهامات التيّارين لبعضهما البعض وببذاءة معهودة في السياسة اللبنانية الملفات العالقة في صندوقة مقفلة ولا يمكن فتحها بمفتاح لبناني طالما أن اللبنانيين من روّاد أقفال الصناديق لا من أصحاب فتح أقفال مشاكلهم على حلول تسهل لهم انجاز مشاريع مختلف عليها .
من هنا يبدو الحوار الذي هرب منه الجنرال عون نسخة طبق الأصل عن حكومة تمام سلام الخالية من كل شيء وبالكاد يكون مجرد ديكور سياسي أو مسرحية لبنانية فاشلة أرادها الرئيس بري لتحسين شروط الانقسام السياسي وفق ضبط ايقاع الخلافات وتنظيم حملاتها لتحرير اللبنانيين من أعباء النغمة الخلافية وعدم استدعائهم الى دعوات الفتنة الطائفية .
من الملفت في خلاف التيّارين المذكورين استعار الحدّة المطلوبة من قبلهما لتعبئة جمهورهما في الشارع وحشد مسيحية مكوية بنار التطرف ورغم ذلك مازال الحنين الى المشروع الماروني يدغدغ عصبيات جديدة من أنصار التيّار كما أن الانتفاخ السُني بات ورماً في جسم المستقبل يجب العمل على اجتثاثه لضمانة سلامة الوطن لان انجرار الجميع وراء مذهبيات مستفحلة و"مستذئبة" من شأنها أنهاء دور لبنان كرسالة تعايش بين جماعات تصر على دورها كمكونات طائفية لا كمواطنين لبنانين.