لم تكن مجموعة الرسائل – الردود التي طبعت إحياء الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس شعبة المعلومات سابقاً في قوى الأمن الداخلي اللواء الشهيد وسام الحسن سوى انعكاس بديهي للموقف المحوري لقوى 14 آذار عموماً وتيار "المستقبل" خصوصاً، من "هجمة" التقييد الجديدة للحكومة من جهة والمناخ السياسي برمته من جهة أخرى تحت وطأة مسلسل الاشتراطات المستحيلة التي تعاقب طرحها في الاسابيع الاخيرة من الفريق الآخر. ذلك ان مجمل المعطيات والمعلومات المتوافرة عن الاتجاهات السياسية لفريق الثنائي "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" تؤكد ان هذه الاتجاهات ماضية نحو احكام الحصار على الحكومة واجهاض كل المحاولات المبذولة لتفعيلها حتى ان بعض الرهانات على امكان احداث ثغرة محدودة في عملية الحوار بدأ يتراجع أمام ملامح التصعيد المتدحرج.
وأبدت مصادر سياسية لـ"النهار" تخوفها من انعكاس سلبي لانسداد الأفق السياسي على الوضع الأمني وخصوصاً في ضوء تصاعد التوتر بطابع مذهبي في المنطقة وآخر تجلياته الهجوم على حسينية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية بعد كل ما خلفته حادثة منى من ترددات.
وأشارت المصادر في هذا السياق الى تدابير حماية استثنائية اتخذتها أخيراً القيادات الرئيسية في قوى 14 آذار بناء على تحذيرات تلقتها من احتمال تعرضها لاعتداءات، وكذلك الى الاجراءات التي تحول اجزاء واسعة من الضاحية الجنوبية منطقة مقفلة مدى ساعات كل يوم، وأيضاً توافد شخصيات ووفود أمنية ايرانية الى لبنان بما يتقاطع مع المخاوف على الوضع الأمني. وذكر في هذا السياق ان رئيس لجنة الامن والعلاقات الخارجية في مجلس الشورى الايراني علاء الدين بوروجردي أفصح امام المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم في زيارته السريعة أمس لبيروت عن تحذيرات من امكان انعكاس التطورات الميدانية الجارية في سوريا تدفق مزيد من "الارهابيين" الى لبنان.

ذكرى الحسن
وسط هذا المناخ، اتسم الاحتفال الذي أقامته "مؤسسة اللواء وسام الحسن" في مسرح قصر الاونيسكو أمس في الذكرى الثالثة لاغتياله بدلالات بارزة اكتسبتها كلمتا كل من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق متحدثاً باسم الرئيس سعد الحريري والنائب مروان حماده متحدثاً باسم عائلة اللواء الحسن. وإذ رسمت مواقف المشنوق خط الرد الواضح على المسار التعطيلي للحكومة والخطط الامنية في البقاع بالاضافة الى رد مباشر على مواقف رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون من ملف الرئاسة، تميزت مواقف حماده بالدعوة الملحة الصريحة الى عودة الرئيس الحريري الى لبنان كمفتاح أساسي لمسار الحل وتحرير البلاد من أزماتها الدستورية والسياسية.
وعاد المشنوق في سياق إثارته للوضع الحكومي الى "قاعدة ربط النزاع مع حزب الله" ليقول: "ها هي الحصيلة أمامكم: لا مؤسسات تعمل ولا الامن مصون في البقاع ولا الخدمات تقدم للمواطنين... وإذ بنا نعود الى المربع الاول مربع التعطيل وخطف المؤسسات ورهن الدستور للاجندات الشخصية ومغامرات الحاق لبنان بكل ما يناقض مصالحه وهويته وعروبته". وشدد على ان الرئيس الحريري "لن يقبل ولن نقبل معه بأن يتحول ربط النزاع الى ربط للوطنية وللضمير وربط للالسن عن قول الحق والحقيقة". واذ لفت الى الخطة الامنية في البقاع "لا تزال حبراً على ورق ووعودا في الفضاء" حذر من "دفع الناس الى خيارات التطرف". وأعلن ان بقاء الوضع على ما هو عليه "هو الخطوة الاولى نحو الاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار الذي اردناه صونا لسلم أهلي فاذا بنا نتحول الى شهود زور على حساب مسؤولياتنا الوطنية". وتوجه الى العماد عون قائلاً: "ان ابواب النظام اللبناني يا دولة الرئيس الصديق لا تفتح بمنطق الكسر والخلع".
اما حماده الذي وجه رسالة حادة الى "حزب الله" بقوله: "هل ننتظر من الولي الفقيه ان يرأف بنا بعد اغتيال ابرز رموزنا؟"، فخاطب الرئيس الحريري قائلاً: "عد الى لبنان أنت الحبيب القائد بل انت الثورة قبل الثروة. وجودك بين محبيك في لبنان ثروة طائلة. عد لنقنع الخصم بأن مغامراته الحربية انتهت ومسيرته لا بد من ان تعود سلمية... ان عدت نختار رئيساً ونحيي حكومة وننتخب مجلساً وتعود الثقة الى شعب لبنان والعالم بمستقبل لبنان".

 

جنبلاط
وفي أول تعليق لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على زيارته للمملكة العربية السعودية، قال مساء أمس لـ"النهار" ان العاهل السعودي "الملك سلمان حريص على لبنان الذي يعرفه جيداً، وهو حريص على شؤون لبنان ولا يميز بين احد، لكن في الوقت نفسه يحرص على توصل اللبنانيين الى انتخاب رئيس للجمهورية من اجل الخروج من هذا المأزق".
وأضاف: "العاهل السعودي من كبار المحبين للبنان، وكان لي شرف اللقاء معه مرات عدة، عندما كان أميراً للرياض، وتذكر جيداً في اجتماعي الاخير معه العلاقات التي ربطته وجمعته مع والدي كمال جنبلاط".

مجلس الوزراء
الى ذلك، علمت "النهار" من مصادر وزارية التقت أمس رئيس الوزراء تمام سلام أن ملف النفايات متقدم في ضوء ضمانات قدمها "حزب الله" لإنشاء مطمر في البقاع الشمالي غير الحدودي ويتصف بالامان ويحظى بتأييد شعبي، إضافة الى ان مطمر سرار في عكار بات جاهزاً بنسبة 90 في المئة. وأوضحت المصادر انه إذا لم تحصل مفاجآت حتى مساء غد الاحد، فإن جلسة لمجلس الوزراء ستعقد الثلثاء المقبل. ولفتت الى أن انعقاد الجلسة يأتي في ظل وضع حكومي غير قابل للاستمرار. وإذا لم تعقد جلسة النفايات لأي سبب من الاسباب فإن الرئيس سلام ذاهب الى استخلاص العبر ليعلن أنه لن يقبل أن تظل الحكومة سجينة أهواء ونزوات، وهو موقف سبق له ان ادلى به في آخر جلسات الحوار النيابي.