قد يكون أسوأ ما بدأ يطغى على المشهد السياسي الداخلي في لبنان، هو إجماع القوى السياسية على التحذير من تداعيات التأزيم المتصاعد، في حين تتعمّم حال العجز المطلق عن القيام بأي مبادرة- ولو محدودة- للحدّ من هذه التداعيات التي تهدد البلاد في شتى الاتجاهات الأمنيّة والاقتصادية والاجتماعية.ذلك ان اليومين الأخيريْن أبرزا حالة الإفلاس الحقيقية التي تعانيها القوى السياسية، سواء أكانت في موقع التعطيل السلبي الذي يحتلّه حصراً تحالف العماد ميشال عون و"حزب الله" او في موقع ردّ الفعل الذي يجمع مروحة واسعة من قوى "14 آذار" والمستقلّين.
ويبدو الوضع متّجهاً نحو مراحل متدرّجة من التصعيد او الشلل، ترجمةً للتهديدات التي أطلقها عون في الأيام الأخيرة والتي سرعان ما منحه حليفه الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله دعمه فيها تلقائياً، من خلال اعتباره ان الوضع في لبنان أصبح أشد تعقيداً، لافتاً الى ان الذين أفشلوا محاولات ومساعي الحلول في قضية ترقية صهر عون العميد شامل روكز لإبقائه في الخدمة العسكرية بعد إحالته على التقاعد (حصلت الإحالة أمس) "سيكتشفون أنهم كانوا مخطئين كثيرا"، ومشيراً في الوقت نفسه الى انه في موازاة "الشلل العام المسيطر (…) وأزمة النفايات، لدينا على المستوى اللبناني إيجابيتان: الأولى هي الاستقرار الأمني بشكل عام، والثانية الحوار القائم بين القوى السياسية، يعني عندنا إيجابيات نستطيع أن نبني عليها. ليس كله أسود".
وفي اعتقاد مصادر وزارية بارزة في حكومة الرئيس تمام سلام ان "تهديدات عون المدعومة من الحزب تكتسب خطورة أكثر من أي مرة سابقة، لأنها تؤشر الى بدء ترجمة رهانات تحالف عون- الحزب على العصر الروسي الجديد في سوريا، وهو الامر الذي لم يعد في حاجة الى أي إثبات بعدما زجّ الحزب الآلاف من مقاتليه في المعارك الجديدة التي تجري تحت غطاء الطيران الروسي، في وقت انبرى حليفه العوني في الداخل الى التهديد بانقلاب عبر التهويل بـ (الشيطان النائم) فيه كما قال عون نفسه في حديثه التلفزيوني الاخير".
ولفتت المصادر نفسها الى ان "الخطورة لا تقف هنا فقط، بل ايضاً عند فقدان اي مبادرة ممكنة لاحتواء التصعيد الذي بات يضع حكومة الرئيس سلام فعلاً عند أبواب البطالة الدائمة، ما قد يدفع برئيسها الى المضي جدياً نحو الاستقالة واتخاذ المبادرة بنفسه بتحويل الحكومة المشلولة الى حكومة تصريف أعمال".
وأشارت الى ان "الايام التي ستلي انعقاد مجلس النواب الثلاثاء المقبل في افتتاح العقد العادي الثاني للمجلس لانتخاب لجانه النيابية، ستشهد عودة كثيفة للمشاورات والاتصالات السياسية، سعياً الى بلورة الاتجاهات التي ستسلكها الحكومة، لأن من غير الجائز ولا الممكن ان تكتفي الحكومة بمراقبة خطرالانهيارات المقترب وتتلقّى تداعيات الصراع السياسي فيما لا يحرك أحد ساكناً في احتواء التدهور السياسي الآخذ نحو التصعيد المتدرج".
ووفق المصادر الوزارية البارزة نفسها، فإنه "اذا كانت مجرد جلسة يتيمة لمجلس الوزراء لبتّ آخر الاجراءات المطلوبة لخطة النفايات صارت شبه مستحيلة، فإن ذلك يعني بكل بساطة وخطورة معاً ان الدفع نحو الفراغ الشامل في لبنان قد أصبح امراً واقعاً ناجزاً ولم يعد الكلام عنه مجرد تهويل او تخويف”. وسيتعيّن والحال هذه على القوى المدافِعة عن الحكومة والمؤسسات في وجه قوى التعطيل ان تخرج من دائرة رد الفعل الى المبادرة سلباً او ايجاباً، إما لاحتواء التصعيد ومعالجته بتسوية ظرفية مع عون و"حزب الله" وإما بردّ سياسي يحمّل هذا الحلف المعطل تبعة دفع البلاد الى الانهيار والتلاعب باستقرارها.
المصدر :الراي الكويتية
الحكومة إلى بطالة دائمة بقرار من عون وحزب الله
الحكومة إلى بطالة دائمة بقرار من عون وحزب...لبنان الجديد
NewLebanon
مصدر:
لبنان الجديد
|
عدد القراء:
792
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro