بعد يوم واحد من إعلان الجنرال ميشال عون أن من أفشلوا تسوية الترقيات ــ الحكومة ــ مجلس النواب سيدفعون الثمن، وأن الحكومة لن تقف مجدداً على أرجلها إلا بعد تعيين قائد جديد للجيش، أكّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أن التسوية كانت ستعيد الحكومة إلى الحياة، وأن من أفشلوها «سيكتشفون أنهم اخطأوا كثيراً».

كلام الجنرال والسيد يؤشّران إلى عمق الأزمة التي أوصلت السلطة نفسها إليها. ولعلّ النبرة العالية التي استخدمها نصرالله ــ أول من أمس، في خطابه لمناسبة بدء إحياء مراسم عاشوراء ــ في معرض حديثه عن حكام آل سعود، تكشف بعضاً من انسداد الأفق أمام أي تسوية قريباً. السيد نصرالله رأى أن تعطيل التسوية جرى بسبب «النكد»، فيما تُظهر قراءة مواقف قوى 14 آذار، وتحديداً تيار المستقبل، أن السعودية ليست مستعدة لتقديم أي تنازل في لبنان، في انتظار نتائج المعركة على... صنعاء! وتشير مصادر قريبة من قيادة المستقبل أن الرياض وضعت كل بيضها في سلة المعركة اليمنية، وأن موقفها ازداد تصلباً بعدما دخلت روسيا مباشرة في الحرب السورية.


مصادر المستقبل: الرياض
ازدادت تصلباً بعدما دخلت روسيا في الحرب السورية

 

وما كان يُقال في الكواليس السياسية عن غياب أي باب للتفاوض بين إيران والسعودية، عبّر عن جانب منه مستشار الرئيس سعد الحريري، النائب السابق غطاس خوري (في برنامج «كلام الناس») أمس، حين قال إن الرياض لن تفاوض طهران إلا بعد أن تحسم الأولى معركة صنعاء لمصلحتها!
في المقابل، لا يبدو فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر في وارد تقديم أي تنازل، في الوقت الذي يرى فيه خصومَه الإقليميين يغرقون في وحل الحرب اليمنية، فيما الجيش السوري يحقّق تقدّماً على عدد كبير من الجبهات، بدعم مباشر وغير مسبوق من حلفائه. في المحصلة، يرى هذا الفريق أن الاوضاع الإقليمية تسير لمصلحة محوره، أو على الأقل ليست لمصلحة «المحور الآخر».
في هذا الوقت، يبدو الرئيس تمام سلام في حالة حيرة لا يبدو أنه قادر على الخروج منها قريباً. فلا هو يستطيع الاستقالة، ولا في مقدوره التصرف كرئيس حكومة «مكتملة الشروط». وبناءً على ذلك، ليس أمامه سوى الانتظار. والانتظار هذه المرة لم يعد مقتصراً على نتيجة الحرب قرب الحدود اللبنانية، ولا في الداخل السوري، ولا في العراق، بل تعدّاه إلى اليمن، والحسابات السعودية الأميركية في مواجهة روسيا في بلاد الشام. وبناءً على ذلك، سيكون صعباً أن تبدأ الحكومة العاجزة أصلاً، بالعمل قريباً. حتى معالجة مشكلة النفايات، سيُتعامل معها وفق قاعدة تصريف الاعمال.
ويبدو أن الإعلان الرسمي عن فشل كل التسويات تم عند السابعة من مساء أمس، عندما اعتلى المنبر في ساحة الشهداء العميد المتقاعد شامل روكز، بثيابه المدنية، وسط عدد من مؤيديه نظّموا له «احتفال شكر». وفي كلمته «المدنية» الاولى، تجاهل روكز قائد الجيش العماد جان قهوجي خلال حديثه عن المؤسسة العسكرية، إذ وجّه كلامه إلى العسكريين. وكان لافتاً قوله إنه لم يتسنّ له توديع مرؤوسيه السابقين في فوج المغاوير، فطلب منهم الالتفاف حول قائدهم الجديد. وختم روكز كلمته بأنه ستكون له لقاءات لاحقة مع الجمهور «على مساحة الوطن»، وأنه سيكون «مع الناس» وسيحمل «آمالهم»، في مؤشر إلى نيته خوض غمار العمل السياسي.
على صعيد آخر، أكدت كتلة الوفاء للمقاومة «أن الشراكة الوطنية الحقيقية بين مكونات الشعب اللبناني تشكل المدخل الطبيعي والواقعي لاستئناف الحياة الدستورية والسياسية في لبنان ولعودة الاستقرار الامني الاجتماعي».
ورأت أن «اعتماد قانون انتخابات جديد يقوم على مبدأ النسبية بات أمراً ملحّاً وأكثر من ضروري لتحقيق التطابق الفعلي بين التمثيل السياسي والتمثيل الشعبي، من أجل تكريس تداول منتظم للسلطة، بعيداً عن الازمات الموسمية وتسهيلاً لمبدأ المراقبة والمحاسبة للحكومات». وشددت الكتلة على ضرورة «مواصلة الحوار الوطني للتفاهم حول النسبية في قانون الانتخابات وتوفير المقدمات الوطنية اللازمة لانتخاب رئيس جديد للبلاد».