سبع ضحايا حتى مساء أمس من أفراد عائلة صفوان اللبنانية عثرت عليها السلطات التركية بعد غرق قارب كان ينقلهم بين تركيا واليونان تصدرت مأساتها الواقع اللبناني وطغت على يوميات الفراغ السياسي والتأزيم العقيم والتصعيد الاشد عقماً. مأساة عائلة صفوان دفعت الى الواجهة بقوة أحد نماذج المآسي الاجتماعية التي تتوزعها مناطق لبنانية عدة وسط استشراس الصراع السياسي الذي يسد كل منافذ الحلول السياسية ويجرف بدربه أولويات الناس، وليس أدل على ذلك من غرق لبنان منذ اكثر من ثلاثة أشهر في أزمة النفايات دونما قدرة للحكومة على اختراق جدران الممنوعات. وجاءت هذه المأساة التي هزت ضمائر اللبنانيين ومشاعرهم في العمق لتثبت أن اهمال الازمات الاجتماعية والاقتصادية بات يشكل الخطر الاول على لبنان منذراً بمزيد من المآسي من هذا النوع المفجع الذي دفع عائلة فقيرة الى ركوب موجة المهاجرين الذين يطرقون أبواب اوروبا هرباً من واقعهم المأسوي تحت وطأة مغامرات الموت غرقاً. وهي مأساة توضع برسم السياسات والسياسيين وقت باتت أنماط تعطيل الدولة ومؤسساتها نهجاً لا محيد عنه، أقل ما تنذر به تفريخ مزيد من التداعيات السلبية الخطرة بما فيها تفاقم الهجرة شرعية كانت أم بطرق مميتة كتلك التي تربصت بعائلة صفوان التي وجد من أفرادها حتى ليل امس سبع ضحايا من أصل تسعة مفقودين. ومعلوم ان العائلة المنكوبة هي من بلدة غوغران البقاعية وكانت نزحت الى الاوزاعي وغادرت لبنان الى اليونان عبر تركيا بحراً الاحد الماضي بهدف الهجرة الى اليونان ومنها الى احدى الدول الاوروبية، وغرق المركب الذي أبحر من ميناء أزمير التركي. وقال أحد أفراد العائلة محمد صفوان إن عائلته قررت الرحيل الى اوروبا بعدما سمعت ان الحدود مفتوحة هناك أمام اللاجئين، مبرراً ذلك بأنه "لا يوجد عندنا نظام ولا دولة ولا نظام صحي او تعليمي والحكام كل منهم ماله في جيوب حاشيته ولا ينظرون الينا".
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، يتجه الواقع السياسي الداخلي نحو مزيد من الاحتقان في ظل عاصفة المواقف التي أثارها رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون والردود التي صدرت عليه، والتي شكلت في مجملها مؤشراً شديد السلبية لشل الحكومة التي أعاد عون ربط تفعيلها بشروط يعتبرها خصومه مستحيلة ولا سيما منها اصراره على التعيينات العسكرية والامنية ومنح نفسه الكلمة الحاسمة في تسمية قائد جديد للجيش. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ"النهار" إنه على رغم التأكيدات المتصلة ببقاء الواقع الحكومي على حاله بعد مواقف عون، فإن ذلك لا يقلل خطورة الإمعان في شلّ مجلس الوزراء، وان الاسبوع المقبل سيشهد اعادة تفعيل المساعي من أجل البحث في مسالك تحول دون الشلل الكامل للحكومة انطلاقاً من السعي الى عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لأزمة النفايات.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن المعطيات المتعلقة بملف النفايات تبشر بإمكان عقد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل وتحديداً الثلثاء. وأوضحت استنادا الى الاجتماع الذي رأسه رئيس الوزراء تمّام سلام مساء امس ان الاتفاق تم على مطمر في البقاع بعد إنجاز دراسته البيئية لينضم الى مطمر سرار في الشمال والى مطمر الناعمة الذي سيفتح لأسبوع فقط ومعمل صيدا الذي سيستقبل كمية محدودة من النفايات. وأشارت الى ان مجلس الوزراء في جلسته المقبلة سيقرّ آلية تنفيذ خطة النفايات التي وضعها وزير الزراعة أكرم شهيّب. وتردد ان المطمر جرى اقتراح مكانه في منطقة كفرزبد لجهة الحدود السورية.
الحكومة والرئاسة
واسترعت الانتباه امس رسالة الدعم التي نقلها السفير السعودي علي عواض عسيري الى الرئيس سلام من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز "تقديراً لدوره الوطني الكبير والمواقف الحكيمة البنّاءة التي يتخذها في سبيل المصلحة العليا للبنان وشعبه". كما ان عسيري أعرب عن أمل بلاده في "حصول تقارب بين كل القوى السياسية لايجاد مخارج للأزمة الحالية بالتوصل الى اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية وتالياً تحييد لبنان عن الصراعات التي تدور في المنطقة".
وعلى صعيد متصل بالازمة الرئاسية، علمت "النهار" أن مبادرة تتعلق بالانتخابات الرئاسية يجري تداولها وتلقى تأييداً من موسكو ومضمونها اقتراح إنتخاب أحد المرشحين المتداولة أسماؤهم حالياً وهو يحظى بـتأييد دمشق والسعودية معاً وذلك لفترة إنتقالية مدتها سنتان يقر خلالها قانون جديد للانتخاب، ومن ثم إجراء هذه الانتخابات كي يعاد تكوين كل مؤسسات السلطة. وفي المبادرة تعهد روسي لإجراء إتصالات مع إيران ودمشق اللتين ستتوليان تحضير الاجواء لدى حلفائهما في لبنان كي يساندوا مشروع انتخاب الرئيس الجديد، على ان تجري الرياض من ناحيتها الاتصالات اللبنانية والعربية والدولية المتعلقة بالموضوع في المقلب الآخر.
جنبلاط
وعاد أمس الى بيروت آتياً من الرياض رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط يرافقه نجله تيمور ووزير الصحة وائل ابو فاعور بعد زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية استقبله خلالها العاهل السعودي في حضور كبار المسؤولين، كما استقبله ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. ثم التقى النائب جنبلاط الرئيس سعد الحريري في مقر إقامته بالعاصمة السعودية.
وصرّح الوزير ابو فاعور لـ"النهار" بأن "الزيارة إيجابية جداً ولمس فيها رئيس الحزب حرص المملكة على استقرار لبنان وأمنه ووحدته الوطنية وإنجاز كل الاستحقاقات الدستورية وأولها استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية بتوافق اللبنانيين واستمرار دعم المؤسسة العسكرية والاجهزة اللبنانية لمساعدة لبنان في مواجهة التحديات الامنية والمخاطر المحيطة".
وعن اللقاء الذي جمع النائب جنبلاط والرئيس الحريري، قال: "اللقاء كان ممتازاً وتم فيه عرض كل الوضع السياسي. وجرى الاتفاق على أهمية الحوار الذي يرعاه دولة الرئيس نبيه بري والاستمرار فيه للبحث عن القضايا المشتركة بين اللبنانيين لتحصين الوضع الداخلي في هذه الفترة".
شامل روكز
الى ذلك، اكتسب التجمع الشعبي لأنصار "التيار الوطني الحر" مساء أمس في ساحة الشهداء في "وقفة شكر" للقائد السابق لفوج المغاوير العميد الركن شامل روكز دلالة سياسية لجهة تدشين دخول روكز المعترك السياسي. وبدا هذا البعد في تنظيم الاحتفال بعد ساعات من إحالة روكز على التقاعد وظهوره علناً في مناسبة شعبية وحزبية ليعلن للمرة الاولى انه "لن أتقاعد لأن النضال وحب الوطن لا يقفان عند بزة أو منصب أو وظيفة".