تطل علينا ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، هذه المناسبة التي تحمل بين جنباتها أهم المعاني والمفاهيم في السيرة النبوية الشريفة التي لم تقم بأي فعل إلا وكانت وراءه أهداف كبيرة على مستوى الدعوة الإسلامية بشكل عام .
وفي هذا السياق تأتي الهجرة النبوية الشريفة وهي لا تقتصر فقط على الزمان والمكان، ولا تقتصر على كونها مجرد فعل خال من المعاني والأهداف بل تختزن في أعماقها تعاليم الوحي والسماء، ولذلك كانت هذه الذكرى من أهم المناسبات الاسلامية على الاطلاق .
إن الهجرة النبوية المباركة لم تكن انتقالا من مكان إلى آخر أو من بلد إلى آخر فحسب، بل كانت انتقالا معنويا من حال إلى حال، إذ انتقلت الدعوة الاسلامية مع هذه الهجرة من حالة الضعف إلى حالة القوة، ومن حالة القلة إلى الكثرة، ومن حالة التفرقة إلى الوحدة، ومن حالة الجمود إلى الحركة الاكثر نشاطا وفعالية في تاريخ الدعوة الاسلامية .
ولذلك ينبغي أن تكون هذه الذكرى مناسبة للإحتفاء بها ومحطة للإهتمام والتفاعل من قبل جميع المسلمين نظرا لدلالاتها وأهدافها الكبرى، تلك الأهداف التي وضعها صاحب الهجرة الأكبر الرسول محمد صلى الله عليه وآله .
وتصادف هذه الذكرى مع بدء إحياء ليالي عاشوراء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وبالنظر إلى ما تحمله هذه المناسبة أيضا فإنه من الحري أن تكون هاتين المناسبتين على مستوى عال من التفاعل والاهتمام لدى جميع المسلمين لأن الأهداف متقاربة جدا وهجرة الإمام الحسين عليه السلام من المدينة الى العراق شبيهة الى حد كبير بهجرة الرسول الاكرم (ص) بدوافعها وأهدافها وغاياتها .
وبهذه المناسبة نتذكر الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين الذي كان في كل عام هجري جديد يقصد دار الفتوى للاحتفال صباحا برأس السنة الهجرية مع المفتي الشخ حسن خالد ومن بعده الشيخ محمد رشيد قباني كما كانت تقام الصلاة جماعة عند الظهر من ذلك اليوم بإمامة أحدهما.
وبعد ذلك كان الامام الراحل يتفرغ لمجالس عاشوراء الحزينة.
وكان رحمه الله يقول: لا يجوز ألا نفرح ونبتهج بالسنة الجديدة وألا نستقبلها بتصميم على الأمل والفرح و الوحدة والتضامن. إنها مناسبة للأمل والوحدة كما أن عاشوراء هي مناسبة للأمل والوحدة. وكان الشيخ حسن خالد والكثير من علماء ووجهاء ومثقفي أهل السنة يشاركون في مجالس عاشوراء وخصوصا في صباح اليوم العاشر في الكلية العاملية التي أرسى آلِ بيضون الكرام تقليد احتفالها الوحدوي الجامع كل عام بذكرى عاشوراء بحضور رئيس الحكومة والوزراء والنواب والعلماء والمثقفين من كل الطوائف
بهذه المناسبة الكريمة نتوجه بأحر التهاني والتبريك لجميه اللبنانيين لا سيما المسلمين منهم وكذلك لا يسعنا إلا أن نعبر أيضا عن تعازينا الحارة بالمصاب الجلل لسيد شهداء أهل الجنة الإمام الحسين عليه السلام ونتمنى ان تكون هاتين المناسبتين محطة للتلاقي والحوار والتفاهم والوحدة بين المسلمين .
كاظم عكر