يقتفي العنوان دلالات العدوان الروسي على سوريا من حيث هو خلط أو مزيج ما بين تناقضات الحرب السورية ورغبات روسيا في استجداء ما يقربها زلفة ممّا يجري في منطقة الشرق الأوسط من إعادة رسم خرائط سياسية سلطوية لأنظمة شبيهة من حيث المحتوى الحقوقي والمضمون السياسي من طبيعة الدولة الروسية .
صرّح بوتين أصغر قياصرة روسيا بأنّ هدف حملته العسكرية في سوريا هو إحاطة الأمن الإسرائيلي بعناية مشددة من قبله بضمان الأمن من قبل النظام وإيران وبالتالي المحاولة والمشاركة إلى جانب الحلف الدولي في القضاء على الإرهاب .
هذا التصريح أساء لنظام ترّبى في مدرسة حافظ الأسد على أساس العداوة الكاملة مع اسرائيل وتحويل كل أموال الدولة للمجهود العسكري المبذول من أجل تحرير الجولان وفلسطين ولطالما تغنى بالممانعات والمقاومات التي ساهم فيها من موقع الإدارة الفعلية لإستراتيجيتها بدءاً من تشرين وفلسطين وصولاً إلى لبنان الذي حكمه بواسطة أسباب متعددة ومنها سبب الإحتلال الإسرائيلي المباشر وتأثيرات هذا الإحتلال على الأمن السوري متناسياً أنّ الإحتلال منذ الـ47 جاثم في الجولان وعلى الجغرافيا السورية ومتحكم بالحدود الأمنية السورية – الإسرائيلية وبطبيعة الإستقرار في النظام البعثي باعتباره صيغة قومية متطورة ومتطرفة تجاه فلسطين والإحتلال .
كما أنّ التصريح الروسي إساءة كبرى لإيران التي حشدت منذ ثورتها كل إمكانيّاتها لدعم القضية الفلسطينية وخلقت مجموعة شعارات مقدسة ضدّ الكيان العبري ومنها إزالة اسرائيل من الوجود وعدم إراحة هذا العدو من قبل المقاومة الي رفدتها إيران بكل قوّة من لبنان إلى فلسطين .
هو إساءة لدور إيران الثوري "المتأسّس" على عدائية مطلقة للدولة الغاصبة ولتضحياتها التي" آكلت" من لحم الشعب الإيراني الذي خسر رصيده السياسي والأمني والمالي من أجل أحيائية المقاومة الفلسطينية ضدّ اسرائيل للتخلص من احتلالاتها ومن طغيانها في منطقة الشرق الأوسط .
لذا كبت الإيرانيون اهتجاسهم من روسيا في سوريا وحاولوا أن يمتصّوا صدمة التصريح الإسرائيلي بتوظيفه في لعبة التوازنات داخل الجغرافية السورية بعد أن عجز الإيرانيون عن تحقيق وعدهم بالنصر الإلهي في بلد انهزم فيه الجميع ولا مكان فيه للربح من السوريين أنفسهم إلى المقاتلين فيه من دول عربية واقليمية وحاولوا تحقيق انجازات سريعة على الأرض السورية بواسطة العمليات البرية اعتماداً على تحضيرات الطائرات الروسية إلاّ أنّهم لم يفلحوا لصعوبات خبروها جيداً في الأحياء والمدن التي استعصت عليهم حتى بسياسات الهدم الكامل والتي أتقنها النظام من بدايات الحرب السورية .
ثمّة من يرى أنّ ايران باتت هدفاً سياسياً لروسيا من خلال نأيها بعيداً عن ما احتكرته من مسؤوليتها عن النظام واعتبارها حصّة سياسية وطائفية تتفاوض عليها حين يأتي المتفاوضون اليها بعد أن يضع الأمريكي أوزار الحرب وطموح روسيا للحلول مكان إيران في مسك نفس الحصّة السياسية والتفاوض عليها مع العرب والغرب ويساعده على ذلك هدف روسيا المعلن والمباشر على الإرهاب وخاصة تنظيم دولة الخلافة الذي أرّق السعودية وأراح إيران وسهلّ لها أدوارها الإستراتيجية في المنطقة ودون ازعاج أحد لها من الأمريكيين والأوروبيين بحيث لم نسمع صوت إدانة لطالما كان متوفراً ضدّ ايران في كل رحلتها الأوسطية .
سوف تكشف نتائج العدوان الروسي على سوريا ما هو مضمر لصالح أطراف غير ايرانية تماماً كما أظهرت عدوانيّات المشاركين في الحرب السورية بأنّها ليست لصالح المستقبل السياسي في سوريا بقدر ما هو تدمير فعلي لبناء منظومات مصالح اقليمية بحجم الدور التركي والإسرائيلي والعربي وهي تتجاوز حد أدوار القوى السورية المعارضة.