ما حصل في١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ ، لا يستدعي كل ذاك الفرح الذي أبداه التيار العوني وقيادته على طريق بعبدا يوم الأحد الفائت في ١١ تشرين ، إنّها ذكرى مفعمة بالحزن والأسى والإنكسار على الرغم من البطولات والتضحيات التي قدّمها ضباط وجنود الجيش اللبناني الذين تُركوا لمصيرهم في تلك المعركة، ففي ذاك اليوم المشؤوم قصفت طائرات جيش النظام السوري القصر الجمهوري في بعبدا بالصواريخ وقتلت القوات السورية المئات من ضباط وعناصر الجيش اللبناني وإعتقلت المئات منهم ، جلّهم لا يزال يقبع في سجون النظام منذ ذاك التاريخ ومصيرهم لا يزال مجهولاً ولم يسأل عنهم قائدهم عندما زار دمشق وإلتقى برئيس النظام الذي قتلهم !!!!
ما فعله النظام السوري في عملية ١٣ تشرين ١٩٩٠ كان هدفه أبعد من مجرد إنهاء تمرّد الجنرال ميشال عون ، بل كان مناسبة لدخول النظام السوري يومها من ذاك الباب ، لإحكام سيطرته على لبنان وتثبيت حكم الوصاية فيه والذي دام ١٥ عاماً بتفويض أميركي ورضى إسرائيلي كجائزة ترضية لنظام حافظ الأسد لمشاركته في حرب الخليج الأولى إلى جانب القوات الأميركية ضد نظام صدام حسين ، وكان ما كان ، لكن الكارنفال الذي نظمه التيار العوني في ١١ تشرين الجاري إحتفاءً بذكرى ١٣ تشرين لا علاقة له بالذكرى ، هو أشبه بمهرجان إنتخابي أو مخيم صيفي ترفيهي ، تخلله لعب طرنيب بمشاركة رئيس التيار جبران باسيل ، ومناقيش على الصاج من تحت يدين رئيس التيار جبران باسيل ، وتوقيع رئيس التيار جبران باسيل على أوتوغرافات المعجبات والمعجبين ، ونوم بالخيم على مفرق قصر بعبدا بدعوة من نائب جبران باسيل نيقولا صحناوي مع كل عدّة الترفيه والتسلية واللعب والمرح ، أما أهالي شهداء ١٣ تشرين فلم ينخرطوا في تلك الأجواء وإن شاركوا من موقع الوفاء كما فعلت زوجة المقدم جورج زعرب ، شاركت والدمعة في عينيها والغصة في قلبها وتحدثت عن صمود زوجها ورفضه للهرب ، على عكس ما فعله الجنرال عون ، فالذين كانوا يلهون ويحتفلون ويتسلون بمناسبة ١٣ تشرين ، هؤلاء هم الذين هربوا من معركة ١٣ تشرين ، أما الذين صمدوا وقاتلوا ، فمنهم من إستشهد ومنهم من أُسر ولا يزال منسي في أقبية النظام السوري ومنهم من إحتفظ بتلك الذكريات لنفسه وللتاريخ .
الهدف من كارنفال ١١ تشرين على طريق قصر بعبدا ، هو العودة بالذاكرة إلى ما كان عليه القصر قبل عملية ١٣ تشرين ١٩٩٠، علّهم بذلك يعيدون جنرالهم المهووس بالرئاسة الأولى إلى القصر الرئاسي ، فخلطوا بين ذكرى ١٣ تشرين وبين الإحتفاء بإنتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، ومنهم من ظنّ -ومن بينهم الجنرال عون نفسه - بأنّ الخطاب الذي ألقاه الجنرال في ذكرى ١٣ تشرين هو خطاب القسم !!!
لو كان الجنرال عون وفياً حقاً لشهداء ١٣ تشرين، كان بإمكانه دعوة كل الشعب اللبناني لإضاءة شموع في ذاك المكان الذي حصلت فيه المجزرة وفي كل مكان ، كان بإمكانه إستعادة بطولات وحكايا الضباط والجنود الذي صمدوا وقاوموا حتى الإستشهاد بدل زجّ هذه المناسبة في معاركه السياسية الخاسرة وطموحاته العائلية الجامحة .
لم يسبق في التاريخ أن إحتفل جنرالاً مهزوماً بذكرى هزيمته ، فالجنرال الذي هرب من أرض المعركة وترك عناصر الجيش لمصيرهم، يريدنا أن نصدق بأنه لم يهزم ولم يهرب ولم يترك جيشه في أرض المعركة، لكن الجنرال ميشال عون فعلها وسجّل سابقة في التاريخ موقعة بإسمه .
ورد في خطاب الجنرال عون في ١١ تشرين بمناسبة ١٣ تشرين ، دعوة لإنتخاب رئيس للجمهورية يشهد للحق ، وهو بالمناسبة كان يلمّح لشخصه الكريم ، لكن المناسبة التي يخطب الجنرال عون من على منبرها ، هي خير دليل بأنّ الجنرال لم يشهد يوماً للحق ، أقلّه لم يشهد لحق الشهداء الذين إستشهدوا في معركة ١٣ تشرين التي زجهم بها هو نفسه، فهو لم يأتِ على ذكر النظام السوري الذي قتلهم، وأكثر من ذلك، فإن الجنرال عون يرتمي بحضن هذا النظام المجرم ويبرر له مجازره وأفعاله بحق الشعب السوري ويتنكر لحقّ الشعب السوري بالتحرر من نظام مستبد مجرم كما فعل الشعب اللبناني في العام ٢٠٠٥ .
الجنرال عون يشهد للباطل ويحاضر عن الشهادة بالحق!!!