لم تقتصر ذيول قمع السلطة للحراك المدني على استعمال العنف بكل أنواعه في تظاهرة الخميس الماضي، ولا بتجاوز أصول المحاكمات خلال التوقيف لجهة منع الموقوفين خلال الساعات الأولى لاعتقالهم من مقابلة ذويهم والمحامين، بل تمخضت نهاية الاسبوع المنصرم عن ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على 11 موقوفاً، و19 شخصاً وصفوا بـ «الفارين» من وجه العدالة، بعدما تسلم (صقر) محاضر التحقيقات الأولية.
حيث حرصت الدولة اللبنانية على ممارسة أعلى درجات القمع ضد الذين خرجوا يطالبون بالإضافة إلى إيجاد حل مستدام وبيئي للنفايات، بمحاسبة المسؤولين عن الفساد والفاسدين، وهدف السلطة الوحيد هو القضاء على الحراك نهائياً.
وفي تصعيد ملحوظ وكان القرار بقمع التظاهرة قد اتخذ بطريقة لا عودة عنها، بدأت القوى الأمنية بقذف المتظاهرين بالقنابل المسيلة للدموع، وبكل الاتجاهات، وهو ما تسبب بتفريق الموجودين بداية نظراً لحالات الاختناق التي اصابت المئات.
كل هذا وكأن القوى الأمنية اللبنانية ترسُم قواعد أقسى للُعبة الشارع من خلال التصعيد العُنفي بحق الناشطين والصحافيين على حد سواء، وهو ما ترجمته أعداد الجرحى والمُعتقلين المُرتفعة، وكأن مشهد إعتقال عدد من الجرحى الذين ينزفون الدماء أكثر تعبيراً عن هذا التصعيد.
والمُخالفات القانونية التي ارتكبتها القوى الأمنية خلال قمع حراك المُتظاهرين ومنها سوابق تُرتبك للمرة الأولى، وهي: عدم إعطاء إنذار مُسبق للمتظاهرين بفك اعتصامهم قبل استخدام وسائل مُكافحة الشغب، واستخدام وسائل مُكافحة الشغب بصورة مخالفة للقانون من خلال استهداف الناشطين بشكل مُباشر، فضلاً عن ضرب الناشطين أثناء توقيفهم والتكتم وعدم إعلان أماكن احتجازهم. ويضاف إلى ذلك، منع المحامين من لقاء الموقوفين ومنعهم من الاتصال بذويهم، وتأخير تلقيهم العناية الطبية على الرغم من حاجة بعضهم إليها، ومحاولة مُقايضة إطلاق الموقوفين مُقابل فك الاعتصام.
فهل أصبحت خراطيم المياه وقنابل مسيلة للدموع وإحتجاز بعض المتظاهرين من أرقى الوسائل في الدول الديموقراطية حفاظاً على السلامة العامة ومنعاً من تفاقم الأمور؟