الحركة السياسية شبه غائبة. لا كلام معلن عن وساطات أو محاولات لكسر حلقة التعطيل. لا مؤشرات إلى قرب انتهاء الأزمة أو تطويقها أو فكفكتها. الهدنة السياسية لم تسقط حتى الآن على رغم سقوط التسوية مع رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ويرجّح ألّا تسقط تلك الهدنة في ظلّ حرص «حزب الله» على استمرار الستاتيكو. لا جلسة لمجلس الوزراء إلّا في حال توافر الغطاء السياسي لانعقادها، كما شدّد رئيس الحكومة تمام سلام. ولا يبدو أنّ هذا الغطاء سيتوافر أقلّه قبل جلسة الحوار المرتقبة في 26 الجاري، فيما ذهب رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى حد وصف وضع الحكومة بالمحروق، وأكد أنّ «الحوار يشكّل بارقة أمل للبلاد ويجب أن يستمرّ»، ودعا إلى تخيّل ما كان سيكون عليه الوضع «لو لم تكن هناك طاولة حوار في ظلّ هذا التعطيل وهذا الاحتقان»، ما يعني أنّ الهدف الأساس للحوار هو الحفاظ على الاستقرار مع السعي لإعادة تفعيل المؤسسات الدستورية. وإذا كان خطاب العماد عون قد خلا في 11 تشرين من أي مضمون سياسي يتصل بموقفه من الحكومة والحوار، فهل إطلالته التلفزيونية مساء اليوم في 13 تشرين وفي المناسبة نفسها أيضاً من على شاشة الـ»أو.تي.في.» ستختلف شكلاً ومضموناً عن خطابه الأخير، أم ستشكّل تكراراً للمواقف نفسها؟ وعلى رغم ترؤّس سلام اجتماعاً في السراي للبحث في ملف النفايات، إلّا أنّ هذا الملف دخل مجدداً في دوّامة التعقيد. وفي الخلاصة، معظم القوى السياسية تعتمد السياسة الانتظارية ربطاً بالأزمة السورية، وكلّ المؤشرات تفيد أنّ فترة الانتظار ستطول.
مع اتّساع رقعة الخلافات السياسية في البلاد، وازدياد المؤشرات إلى أن لا جلسة لمجلس الوزراء في الأيام المقبلة، وتصميم «التيار الوطني الحر» على العودة إلى الشارع مجدداً، تشكّل المدة الفاصلة عن استئناف جلسات الحوار فترة انتظار ثقيل في غياب أيّ معطى ينبئ بحلول للخروج من الوضع المأزوم.
برّي
في غضون ذلك، جدّد رئيس مجلس النواب التأكيد على أهمية الحوار واستمراره، واصفاً إيّاه بأنّه بارقة الأمل في البلاد، وأعربَ عن خيبته ممّا انتهى إليه ملف النفايات حتى الآن، مبدياً خشيته من الوصول إلى وقت يصبح فيه لكلّ منطقة مشروعها في هذا المجال، واعتبر «قصّة الزبالة صارت زبالة»، مشيراً إلى أنّه «تمّ تقديم مشاريع واقتراحات عدة لتجاوز الاعتراضات لكنّها كلّها باءت بالفشل».
وأضاف: «إذا استمرّ الوضع على هذا المنوال فسيتحوّل وضع النفايات كوضع الكهرباء، محارق في البلدات كالمولدات الكهربائية في الأحياء». وسُئل عن «محرقة الحكومة»، فأجاب: «أصلاً وضعُ الحكومة لا تُحسَد عليه، وهو محروق»، واستبعد أن يُقدّم رئيس الحكومة استقالته.
غاريوس
وعشية المواقف التي سيعلنها عون في مقابلته المتلفزة مساءً، قال عضو الـ«تكتل» النائب ناجي غاريوس لـ«الجمهورية»: «إنّ عون لم يعلن مرّةً أنّه سيقلب الطاولة أو أنّه سينعي اتّفاق الطائف أو أنّه سيخرج من الحكومة، فهذا ليس تصرّف رجل دولة مسؤول.
هم يكتبون ويتكهّنون بأنّه سيقول كذا وكذا، وعندما لا يفعل يقولون إنّه تراجع. لكنّنا نؤكد أنّ قصة التسويات من الآن فصاعداً انتهينا منها. لقد اعتادوا على التسويات ليلعبوا اللعبة نفسها، لكنّ الجنرال لا يريد أن يرضيه أحد، والعميد شامل روكز ليس جائزة ترضية.
«الحزب»
في هذا الوقت، جدّد «حزب الله» القول إنّه لن يسمح بكسر عون. وقال نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق: «تبيّنَ بالدليل الملموس أنّ هناك من يسعى لكسر العماد عون وإقصائه، وأنّ هناك أمر عمليات يأتي من الخارج كلّما اقترب البلد من الحل».
ورأى أنّ «لبنان كان بغنى عن أزمة جديدة مفتعلة، وتكفيه أزمات سياسية ومعيشية وآخرُها أزمة النفايات، متّهماً فريق 14 آذار بافتعال مشكلة جديدة مع المكوّن المسيحي الأساسي في البلد، الأمر الذي دفع الحكومة إلى مسار التعطيل والشلل».
وفي سياق آخر شيّع «حزب الله» أمس أحد كبار قادته العسكريين حسن الحاج، الذي سقط خلال القتال إلى جانب قوات الجيش السوري في محافظة إدلب في الأيام الأخيرة، في موكب جنائزي نَقلت وقائعه قناة «المنار» على الهواء مباشرة. ووصف مسؤول لبناني رفيع المستوى الحاج بأنّه أبرز مسؤول لـ«حزب الله» يُقتل في الحرب المستمرّة في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات.
حكيم
وفي غياب جلسات مجلس الوزراء، دعا وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم رئيس الحكومة تمام سلام إلى المبادرة للدعوة إلى جلسة للحكومة تُخصَّص لبحث قضايا حياتية ملحّة، وفي مقدّمها ملف النفايات الذي يحتاج إلى دفعٍ لكي يتمّ تنفيذه.
وحذّر حكيم من أنّ حزب الكتائب يعتبر أن لا حاجة إلى استمرارية الحكومة، إذا كانت ستبقى مشلولة كما هي اليوم، وبالتالي من الأفضل أن ترحل.
وعن موقف الحزب من الحوار، قال حكيم لـ«الجمهورية»: «هناك ثلاث شرائح في الحوار: شريحة تعتبر نفسها أنّها تمثّل المسيحيين وتعطّل الدستور تحت هذا العنوان. شريحة ثانية تعتبر أن لا حاجة إلى تطبيق الدستور حالياً، وتختبئ وراء ذريعة الخارج، وهي موهومة، لأنّ الخارج غير مهتمّ بهذا الملف كما يتّضح.
وشريحة ثالثة تصرّ على تطبيق الدستور وانتخاب رئيس للجمهورية، وترى أنّه لا نستطيع أن نفرض هيبة الدولة ونطبّق القوانين على المواطنين إذا كنّا كدولة لا نطبّق الدستور. وحزب الكتائب ضمن هذه الشريحة، ونحن نريد تطبيق الدستور، عبر انتخاب رئيس للجمهورية، وهذه أولوية مطلقة لدينا.
«اللقاء التشاوري»
في هذا الوقت، أكدت مصادر «اللقاء التشاوري» لـ»الجمهورية» أنّ موضوع «تسوية» الترقيات العسكرية خلافاً لقانون الدفاع الوطني انتهى، ليس لأسباب سياسية كما يسَوّق الفريق المؤيّد لتخطّي قانون الدفاع، بل بسبب عدم الرغبة في مناقشة المعايير التي طلبَ «اللقاء» مناقشتها حين طرح الموضوع من قبَل بعض الوسطاء، ليبني على الطرح مقتضاه.
وأكدت هذه المصادر أنّه من غير الممكن إخضاع أكثر من ثلث الحكومة لرغبات شخصية غير متطابقة لا مع القانون ولا مع الدستور ولا مع رغبة القيادة ولا الوزير المختص، لافتةً إلى ضرورة أن يعي الجميع أنّ حماية المؤسسة بكامل ضبّاطها، أهم من عقد تسويات تضرب الهرَمية ولا تخدم المصلحة الوطنية.
ملف النفايات
وفي ظلّ العجز عن الخروج من مسلسل الأزمات ولو بواحدة منها، اعترفت مصادر وزارية مطلعة أنّ ملف النفايات الذي بات يشكّل أمّ الأزمات ما زال معقّداً، وأنّ كلّ الوعود التي عُقدت إلى اليوم لرئيس الحكومة واللجنة التقنية، من أجل تأمين مطمر في البقاع الشمالي تردَّد أنّه في بلدة حام الحدودية بالنظر إلى طبيعة أرضها الصخرية وبُعدِها عن منابع المياه، لم تنفّذ وما زالت الشروط والشروط المضادة تطوّقها.
وكشفت المصادر التي تواكب المساعي الجارية أنّ أحداً ليس مستعجلاً لبتّ الملف، فهو ما زال مساحةً لتبادل الشروط والشروط المضادة وللتعقيدات التي «كربَجت» مجلس الوزراء في هذه المرحلة بالذات.
وفي التفاصيل كشفت المصادر أنّ اللجنة تبَلّغت مزيداً من الشروط التي من شأنها أن تعيد الملف إلى نقطة الصفر، بعدما تحوّلَ مطمر سرار مسرحاً لعمليات الكرّ والفرّ وبات مجالاً لتسويق الشروط، بعدما ارتفعت المطالب الخاصة حول عدد من مجالات العمل وفُتح بازار شركات النقل التي ستتولّى نقل النفايات، حيث تبيّن أنّ عدداً من المعترضين على عمل المطمر باتوا بين ليلة وضحاها من سائقي شاحنات إحدى الشركات التي تطالب بحصّة في النقل كما بالنسبة الى تمويل بعض المشاريع الصغيرة في المنطقة.
وعلى هامش اجتماع اللجنة التقنية الوزارية الذي انعقدَ برئاسة رئيس الحكومة وحضور وزيرَي الزراعة أكرم شهيّب والداخلية نهاد المشنوق، ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر والذي يُستكمل اليوم، كشِف أنّ سلام وشهيّب لم يتبلّغا إلى الأمس بقرار حركة «أمل» و»حزب الله» باختيار المطمر الجديد المنتظر في البقاع الأوسط.
وكشفت المصادر أنّ بعض المسؤولين هدّدوا، على هامش التردّد في البتّ بملف النفايات وتحديد المطامر، بتجديد الطرح الذي يقول بإحياء مشروع تصدير النفايات إلى الخارج أياً كانت الكلفة.
وعلمت «الجمهورية» أنّ وزير الخارجية جبران باسيل يستعدّ لزيارة طهران قريباً، علماً أنّ وزير الدفاع سمير مقبل كان سبَقه إليها في وقت سابق عندما أعلنَت إيران عن استعدادها تقديمَ هبة عسكرية للبنان، وتأتي زيارة باسيل بعد ترؤّسه لـ«التيار الوطني الحر»، واستباقاً لزيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، سيّما أنّ الأخير يعوِّل على هذه الزيارة لإقناع طهران بضرورة انتخاب رئيس وسطي في لبنان، فيما يرمي باسيل إلى التأكيد على أهمية الاستمرار بتبنّي ترشيح عون.
الجمهورية : الهدنة صامدة رغم الشلل... وبرِّي: الحوار يجب أن يستمر
الجمهورية : الهدنة صامدة رغم الشلل... وبرِّي: الحوار يجب أن...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
369
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro