عاد الفلسطينيون إلى سلاحهم الوطني إلى الحجر والمقلاع والزيت والأدوات التي تمتلكها الشعوب عادة لمواجهة طغيان الإستعباد والإستعمار والإحتلال كأنّهم يؤكدون بذلك ومن جديد وحدتهم التي فقدوها مع تدفق السلاح الأجنبي إليهم والذي سحب منهم قرارهم المستقل وباتوا عاجزين عن قول "لا " لمن يُمسك بأدوات دعمهم من عرب وعجم .
ربما نحن الآن أمام مشهد من مشاهد الانتفاضة الأولى والتي فرضت على العالم أجمع التضامن معها والتأييد لها والسعي لإرساء السلام في مدينة السلام والتي انتهت بفعل فاعل نتيجة تسليحها للقتل لصالح مصالح غير فلسطينية وبذلك ولدت قصة السلطة الفلسطينية وانقسامها الحادّ والمميت وبشراسة قتال همجي بين فتح وحماس لم تشهدها قط ساحة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ومازالت تصدعات هذه الحرب الفلسطينية – الفلسطينية تهدم ما تبقى من هيكل الثورة أو السلطة .
لم تكن الموجة الجديدة من الدفاع الفلسطيني عن السلام والأرض الاّ تثبيتاً وتأكيداً على وطنية الانتفاضة وعلى وحدة شعبها واستقلال قرارها ورفضها لكل العناصر الدخيلة والأجنبية عليها وتحريرها من كل الضغوط الداخلية والأعباء الخارجية وإخراجها من الزنزانة التي وضعوها فيها عندما أسلموها وجعلوها ديناً بوجه دين ليُبرروا لأنفسهم من جهة وللعدو من جهة ثانية مسألة استخدام الدين في التوظيف السياسي والسلطوي .
لقد ربحت انتفاضة اليوم تحرير الشعب الفلسطيني من القيد الديني والحزبي ومن الإستعباد الخارجي ومنحت فلسطين فرصة النهوض مجدداً على ثوابت ضامنة للحقوق ومستندة إلى قرارات الشرعية الدولية والنضال بالطرق وبالأدوات التي تفعلها فتيات فلسطينيات متحررات من شُبهات الإنتماء للصوص الثورة الذين أفسدوا فيها وجعلوا أعزّة أهلها اذلّة .
إن جيل الإنتفاضة الجديد لا يحتاج إلى أحد من الماكرين والمخادعين والمستثمرين بالدماء الفلسطينية ويملك القدرة الكاملة على تصحيح مساره السياسي وعلى جعل العدو يرضخ لمتطلبات السلام وشروط السلام الذي يلبي مصالح الشعب الفلسطيني شرط أن يبقى المتصيدون في قضيتهم في منأى عنهم من الأقربين والأبعدين ، إنّ رهاننا على وعي فلسطيني جديد هو مستمر وغير منقطع ونرى في الانتفاضة الحالية مرحلة تأسيسية لمشروع وطني قادر على نقل المعركة من ثورة الحرب للثروة إلى انتفاضة السلام لقيام الدولة الفلسطينية الكاملة الحقوق .