لا يخلو أيّ بيت من الشجار بين الأطفال، وقد يأخذ منحى الإستمتاع والضحك في بعض الأحيان، أو الإنزعاج والغضب في أحيانٍ أخرى. يبدأ الشجار بمشكلة صغيرة وينتهي بالضرب، والعضّ، والصراخ. وعلى رغم النقاط السلبية للشجار بين الأطفال، يرى الأخصائيون النفسيون أنّ الشجار يساعد الأطفال على معرفة نقاط الضعف والقوّة بين الإخوة والأخوات. ويكتشف الأطفال من خلال المناوشات والمعارك أحاسيس جديدة منها الشعور بالإثارة والإنتصار. ولكن ما هي أسباب المشاجرة بين الإخوة؟ وما هو دور الأم والأب في هذه المشاجرات؟أسباب المشاجرة بين الإخوة والأخوات
هناك أسباب عدّة تؤدّي إلى المشاجرة بين أبناء البيت الواحد، أبرزها:
• الغيرة من أخ أو من أخت، خصوصاً عندما يُعامِل الأهل أحد الإخوة بطريقة مميّزة ويمنحونه اهتماماً يفوق الآخرين. تؤدّي هذه الغيرة أحياناً إلى مشاحنات بين الأولاد وتخلق جوّاً من العصبية، وبالتالي المشاجرة.
• شعور الأطفال بالنقص، خصوصاً إذا شعر الطفل بنوع من الإضطهاد من والديه. وأكّد العديد من الدراسات النفسية والإجتماعية أنّ إستهتار الأهل وعدم تلبية الحاجات الأساسية لأولادهم يمكن أن يخلق نوعاً من الحزن لديهم يُترجَم بالعصبية والتشاجر.
• محاولة سيطرة بعض الأطفال على ألعاب إخوتهم.
• تعامل الزوجين بعُنف مع بعضهما البعض أو تعاملهما بعنف مع الأبناء يمكن أن يكون سبباً للمشاجرات بين الأطفال أيضاً.
دور الأم
تثير المشاجرات أعصاب الأبوين اللذين يقفان عاجزين عن منع المشكلات بين أطفالهم. وتتساءل الأمّ عادةً عن مدى صحّة تربيتها لأطفالها، شاعرةً بالسوء والذنب والشك في قدرتها على التربية الصالحة في حال تشاجرهم بإستمرار. وثمة أمّهات في المقابل تعتبرن أنّ المشاجرات المتتالية بين أطفالهنّ أمر طبيعي، من دون أن يدركن أنّ ذلك ينمّي عند الطفل الشعور بالعدوانية وبالغضب الدائم من الآخر.
وننصح الأم باتّباع الخطوات التالية خلال مشاجرة أطفالها في البيت:
أولاً: التأكّد من أنّ الطفل لا يعاني من أيّ خلل صحّي على صعيد إفرازات الغدّة الدرقية، التي تجعل الطفل سريع التأثّر والغضب.
ثانياً: يجب على الأم أن تلعب دور الوسيط بين أطفالها وأن تتدخل فوراً لمنع أيّ خطر عنهم، خصوصاً إذا كان أحد الأطفال عرضة للإصابة بأذى جسدي أو إذا كانوا يتشاجرون بصوت عالٍ. وتستعمل الأم صفة الأمر خلال تدخلها. ويُذكَر أنّ الفتيات الصغيرات يملن إلى الصراخ، بينما يستعمل الصبية العنف الجسدي والقوّة.
ثالثاً: من واجبات الأم أن تستمع للأطفال ولسردهم أسباب نشوب العراك. ويستغلّ الراشد هذا الوقت لتهدئة الوضع، وإنما ليس للوصول إلى الأسباب الحقيقية للعراك، لأنّ الوصول إلى القصّة الصحيحة مستحيل أحياناً.
رابعاً: يجب على الأم أن تكون عادلة ومنصفة ومحايدة خلال تدخّلها لفضّ الصراع بين أطفالها.
خامساً: تسمح الأم للأطفال بالتشاجر فيما بينهم ولكن ليس بالضرب بل فقط بالكلام، لأنّ الجدال بين الأطفال له العديد من الفوائد، أهمها معرفة كيفية حلّ المشكلة مع الآخر بالطريقة الأنسب للطرفين.
وهنا تلعب الأم دور المربّي الصالح الذي يفسّر للأولاد كيفية معالجة الشجار، مساويةً بين أبنائها مع مراعاة معاملة كلّ طفل بالطريقة التى تناسب شخصيته، وسنّه، ومستوى نموّه.
فإذا نشب الشجار بسبب لعبة معيّنة مثلاً، يمكن للأم أخذ اللعبة وإخبار الأولاد بإمكانية استرجاعها بعد أن يتوصلوا إلى تصالح. وهنا تلعب الأم دور المحامي الذي يحاول إيجاد مخرَج مناسب لجميع الأطفال.
دور الأب
لا يقلّ دَور الأب أهمية خلال تشاجر الأطفال عن دور الأم، ويؤدّي دوراً بارزاً في فضّ الخلافات بطرق كثيرة، ومن أبرزها:
أولاً: ننصح الأب بالهدوء وبالسيطرة على ذاته قدر الإمكان أثناء نشوب الإشكال بين الأولاد. فالأهل قدوة لأطفالهم، والكثير من حالات التشاجر عند الأطفال سببه السلوك العدواني عند الآباء أنفسهم.
ثانياً: لا ينحاز الأب إلى أحد الأولاد ضدّ الآخر، بل يجب أن يفسّر لطفله البكر بأن يعطف على أخيه أو أخته الأصغر منه سنّاً، وأن يشرح للطفل الصغير أهمية احترام الأخ الأكبر سنّاً منه وعدم ازعاجه.
ثالثاً: يتسرّع الأب عادةً بمعاقبة المذنب. هذا التصرّف يمكن أن ينمّي روح الغيظ والإنتقام بين الأولاد. فربما يقع عقابه على البريء بسبب سرعة حكمه، ما يقلّل من وثوق الأطفال به في المستقبل ويجعلهم يشكّون في قراراته.
وننصح الأب بمحاولة معرفة سبب المشكلة بين الأطفال والابتعاد من معابقة المذنب من المرة الأولى والتعويض عن ذلك بالتفسير له.
ونلفت انتباه الأهل إلى ضرورة عدم جعل طفل «يتذوّق» طعم الإنتصار على أخيه أو أخته، حتّى لو كان محقّاً. بل يجب تشجيع الطفلين وتهنئة الهادئ.
رابعاً: مقارنة الأهل أحد الأولاد بأخيه أو أخته في بعض الأحيان، تُشعره بالذنب وبالغيظ ما يجعله يكره من تتمّ مقارنته به.
وأخيراً نشدّد على أهمية الإنتباه لنقطة أساسية في التربية وهي أنّ بعض الأطفال يتّخذ من المشاجرة، سبيلاً للفت النظر. فسبب المشاجرات ليس دائماً العنف أو الغضب. وعلى الأهل تجاهل الهفوات التى يهدف منها الأطفال الحصول على الاهتمام وليس ظلم أحد الإخوة.