فيما رُحّل الحوار الوطني بين رؤساء الكتل النيابية ومعه الحوار بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» إلى السادس والعشرين من الشهر الجاري، وحزمَ رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمتعته للسفر إلى رومانيا وسويسرا، لم يَحسم رئيس الحكومة تمّام سلام أمر دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد بعد، فيما أعلنَ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون تعطيل القرارات «السيّئة وانحراف المؤسسات «، مؤكّداً «أنّ اليوم ليس كالأمس، وأنّ الغد لن يكون مثل اليوم»، مُتحدّثاً عن «مرحلة جديدة من النضال بدأت وستكون نتيجتها التغيير ثمّ الإصلاح».
نَقلت مصادر سلام لـ«الجمهورية»عنه قوله: «لن أدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء مخصّصة للنفايات ما دام الغطاء السياسي لحلّ هذه الأزمة منقوصاً، فعلى كلّ القوى السياسية الممثّلة في الحكومة أن تجهد لمساعدتنا، ولا يكفي الدعم من بعيد، بل عليها التعاون وتقديم التسهيلات، كلّ في منطقتها، وعندما يصبح هذا الأمر ملموساً، بالإضافة إلى تقرير حول آليّة اعتماد المطامر باتّخاذ الإجراءات المرتبطة بها، سأدعو إلى جلسة طارئة فوراً حتى ولو كان في اليوم نفسه».
وأضاف: «في ما خصّ جلسات مجلس الوزراء، فهي مرتبطة بنتائج الأجواء السياسية في البلاد وجلسات الحوار، وإذا لم تكن هناك جلسات سأصبح أكثر يقيناً عندئذٍ من أن لا جدوى من مجلس الوزراء، وهذا ما أبلغتُه إلى المتحاورين في الجلسة الحوارية الأخيرة».
ويرى سلام، بحسب المصادر، أنّه «إذا استمرّ النزاع السياسي على ما هو فإنّ البلد سيكون في خطر، وسيَعجزعن تسيير شؤون البلاد والعباد، إلى جانب عجزه عن انتخاب رئيس جمهورية». ولفتَ إلى «أنّ دعم المجتمع الدولي ومجموعة دعم لبنان لا يغدو كونه كلاماً لا يترجَم عملياً على الأرض».
وأكدت مصادر سلام «أنّ الحراك المدني ومن خلال سلوكه يضرّ نفسَه، والمفروض أن يطرح بدائل إيجابية فيها خيرٌ للبلاد، وإنّ مآخذه على السلطة ومعركتَه ضد الفساد ومطالبتَه بالكهرباء وبحلّ لمشكلة النفايات وغيرها، كلّها مطالب محقّة، لكن ما هي البدائل؟ هل هي الهدم والتخريب؟
إنّهم يطلقون دائماً شعارَ السلمية لكن لا نرى منهم إلّا العنف والتخريب، وفي هذه الحال لن تقف الدولة مكتوفة. الرئيس سلام قال منذ البداية إنّه معهم ومدَّ يده لهم، لكنّهم لا يريدون التعاطي مع أحد في الدولة، فكيف سيحلّون المشكلات؟.
أطلقوا على أنفسهم مسمّيات «طلعت ريحتكم» و«بدنا نحاسب»، فأصبحنا نرى أنّهم هم «طلعت ريحتهم» ونريد محاسبتَهم على ما يفعلون. المفروض أن يكون حراكهم عفوياً ومعبّراً، لكنّه لم يعد بريئاً.
الدولة أعطتهم فرصةً للتعبير لكنّهم تغاضوا عن تصويب الأمور وأسقطوا البدائل الجدّية. أحد الأمور التي كان يجب أن يركّزوا عليها هي الضغط لانتخاب رئيس، ولم نعد نسمع بهذا المطلب، فما هو المطلوب، الفوضى والفراغ؟ هل هذا هو مطلب الناس؟ لم نعُد أمام تعبيرعفوي منظّم وهادف، وعندما نرى أنّهم يطرحون بدائل منطقية فيها جدوى سنقف إلى جانبهم».
جريج
وفي المواقف، قال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«الجمهورية» عن سبب عدم تحديد جلسة حتى الآن: «أفهم تريّث الرئيس سلام، لكنّ هذا التريّث لا يمكن أن يكون إلى ما لا نهاية، ولا بدّ في النتيجة من أن يدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد، وإلّا يكون المجلس بذلك دخلَ نوعاً من الموت السريري».
وأضاف: «إنّ طاولة الحوار ضرورية لحلّ المشكلات السياسية المحدّدة في جدول أعمالها، أمّا مجلس الوزراء فهو المكان المناسب لاتّخاذ القرارات لتسيير شؤون الدولة، ويجب أن يتمكّن المجلس من الانعقاد لكي يسيّر شؤون البلد، وإذا لم يتمكّن من ذلك فلا جدوى عندئذ منه».
ولفتَ جريج إلى أنّ وزير الزراعة أكرم شهيب ينتظر الموافقة على مطمر في البقاع، وعندما تأتي هذه الموافقة، والمرجّحة اليوم، يصبح ممكناً تنفيذ خطة النفايات التي وافقَ عليها المجلس، وعندئذ يستطيع الرئيس سلام أن يدعو إلى جلسة من أجل تكريس الخطة وإصدار القرارات اللازمة لتنفيذها، وأنا متفائل بإمكانية تنفيذها».
برّي
وأشار رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أنّه ليس هناك أيّ جديد في شأن الوضع الحكومي، مشيراً إلى أنّه كانت هناك فرصة لإحياء العمل الحكومي والنيابي من خلال التسوية المتعلقة بالترقيات، لكن تمّ تضييعها.
وأكّد بري لناظر القرارين 1559 و1701 تيري رود لارسن الذي اتّصل به مستفسراً عن مسار الحوار وهل يُشكّل عامل استقرار للبنان، «أنّ الحوار هو بالفعل عامل استقرار، وهناك تقدّم فيه، ولكنّه تقدّم سلحفاتي يمكن أن يعوّل عليه».
عون
وفي هذه الأجواء، حمّلَ عون «الطبقة السياسية التي حَكمت البلد لـ 25 سنة مسؤولية الانهيار الذي يشهده الوطن، إذ بات لبنان هيكلاً عظمياً ينتظر أعجوبة تحييه من جديد».
وفي كلمةٍ ألقاها في ذكرى 13 تشرين التي أحياها «التيار الوطني الحر»على طريق القصر الجمهوري في بعبدا، توجّه عون إلى مناصريه قائلاً: «نحن اليوم بالقرب من بيتكم الذي لا زال ينتظر منذ زمن أحداً يحرّره من الفراغ ويملأه بالقرار، وصوتكم وحده يحرّره، صوتكم وحده يرجّعه، فليكن صوتكم عالياً ليوقظ كلّ البشر، وليتذكر كلّ واحد منكم أنّ صوته سيحرّر البيت الذي تعمَّد باسمكم: بيت الشعب». وأضاف: «ربّما لهذا السبب يفعلون المستحيل ليمنعوا وصول هذا الصوت، ولكنّ صوت الشعب من صوت الله ولا أحد يمكنه إيقافه».
وأكد عون أنّ «اليوم ليس كالأمس، والغد لن يكون مثل اليوم، هناك مرحلة جديدة من النضال بدأت وستكون نتيجتها التغيير ثمّ الإصلاح، التغيير سيأتي على أيديكم أنتم، من خلال الانتخابات وإسقاط عناصر الفساد، وبعدها يأتي دورنا نحن بفرض الإصلاح.
ولا شيء يمنع من وقتٍ إلى وقت أن نتنزّه نحن وإياكم في شوارع بيروت». ودعا إلى «إقرار قانون انتخاب نسبي يَسمح بالتمثيل الصحيح وانتخاب رئيس جمهورية وليس دمية»، وقال: «لا نريد الرئيس وفاقياً يقسّم لبنان».
وردّ عون على من يتّهمه بالتعطيل قائلاً: «نحن نعطّل قراراتكم العاطلة وانحراف المؤسسات التي لا تنتج سوى الفساد واستغلال النفوذ وتجاوُز النصوص الدستورية والقانونية وتخَطي الميثاق الوطني»، مؤكّداً أنّه «لن نساهم في هذا الشيء، على العكس، سنقاومه، سَلباً بالتعطيل، وإيجاباً بمحاولات التغيير باستمرار».
وأضاف: «حتى مؤسسة الجيش لحقَها الضرَر بسبب التلاعب بقوانينها بعدما انتقلت إليها عدوى التمديد، والقيادات على رأس القوى الأمنية والجيش فقدَت شرعيّتها، وبِتنا نخاف أن يصيب التمديد كلّ الحكومة ويصبح لكلّ وزير نمطه الخاص».
وشدّد على أنّ «القاصر لا يمكنه تحمّل المسؤولية، وكان يجب على الحكومة أن ترحل منذ زمن لو انتخبنا رئيساً للجمهورية، وكلّ من يتلاعب بالقوانين والاستحقاقات سيدفع الثمن».
باسيل
بدوره، أكد رئيس «التيار الوطني الحرّ» وزير الخارجية جبران باسيل «أنّ طريق بعبدا التي تُعتبر رمزاً للدولة هي طريقنا ونريد أن نأخذ حقّنا، وهو أن تكون الكلمة للشعب». وقال: «إنّ مجلس الوزراء حيث يكون الشعب اللبناني، أي على طريق بعبدا».
بوصعب
أمّا وزير التربية الياس بوصعب فقال خلال مشاركته في ذكرى 13 تشرين: «لكي تعمل الحكومة من جديد عليها احترام الدستور وإنجاز التعيينات الأمنية». متخوّفاً من أن يتحوّل ملف النفايات «أوكسيجيناً للحكومة فتستخدمه حجّة لعقدِ جلساتها».
«المستقبل»
وإلى ذلك، حذّر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من أنّ «تمادي قوى سياسية بتعطيل المؤسسات الدستورية يؤدّي إلى زعزعة الاستقرار في لبنان»، معتبراً أنّ هذا هو «السياق المنطقي للأمور في كلّ دوَل العالم، ولن يكون لبنان استثناءً في هذا الإطار».
ومن جهته أعلنَ النائب أحمد فتفت «أنّ تيار «المستقبل» كان ولا يزال مع تسوية شاملة تعيد تفعيلَ العمل الحكومي وفق الأصول الدستورية»، معتبراً «أنّ الأفرقاء السياسيين أخطأوا في تهميش الرئيس السابق ميشال سليمان في ملفّ الترقيات العسكرية الذي أُقفِل نهائياً».
وأعلن فتفت «أنّ كتلة «المستقبل» مستعدّة لانتخاب عون رئيساً توافقياً في حال تمكّن من الحصول على موافقة الأفرقاء المسيحيّين كافّة»، ورأى أنّ الأزمة مع عون هي «أزمة ثقة»، متّهماً الأخير بعدم التزام ما اتُفِق عليه حول العمل الحكومي. واعتبَر «أنّ وقف الحوار اليوم بين تيار المستقبل وحزب الله هو رسالة سلبية للّبنانيين حتى ولو كان شكليّاً».
«حزب الله»
في غضون ذلك، أكد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيّد هاشم صفي الدين أنّ هناك «فرصة لا يجوز لأحد أن يضيّعها، متمثّلة بالحوار الجاري حالياً في لبنان». وقال: «من يضيّع هذه الفرصة عليه أن يتحمّل العواقب حاضراً ولاحقاً، فيكون هو المسؤول عن أيّ نتيجة سيّئة يمكن أن يصل إليها البلد».
وشدّد على «أنه لا يجوز أن يضيِّع البعض هذه الفرصة بخلفيات ومصالح فئوية ضيّقة نسمعها في بعض خطابات التحريض والتخريب المشين، ومن بعض الذين اعتادوا على ذلك وهُم من الذين يسعون لإحباط الحوارات والتسويات بهدف تمديد الأزمات، خصوصاً أنّهم من الذين لم يهتمّوا في يوم من الأيام بهذا البلد ووحدته واستقراره».
الراعي
ومن روما، أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى «أننا باركنا في الأساس تظاهرات الشعب والشباب اللبناني، وهذا حقّهم لأنّهم مجروحون، لكنّنا نأسف لأن يحاول البعض استغلال هذا التحرّك والاتّجاه به إلى التخريب والاعتداء على الأملاك العامة وعلى الأملاك الخاصة، وهذا ليس بمشهد حضاري في لبنان».
ودعا المتظاهرين إلى «أن لا يسمحوا لأحد أن يستغلّ تحرّكهم لغايات تخفي غيرَ النيّات الطيّبة التي انطلقوا بها والأسباب المحقّة التي دفعتهم إلى التظاهر». فقال: «أدعوهم إلى تصويب مطالبهم، وأن يطالبوا بما هو أساسي إلى جانب المطالب الاجتماعية الملِحّة، وهو انتخاب رئيس للجمهورية، لكي تستقيم الأمور وتعود الحياة الطبيعية إلى مؤسساتنا الدستورية، وفي طليعتها المجلس النيابي ومجلس الوزراء، ولكي تعود المؤسسات العامة إلى العمل بعيداً من أيّ فساد».
جعجع
من جهته، اعتبَر رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أنّ «الحراك المدني نتجَ عن واقِع مؤلم يعيشه المواطنون اللبنانيون، ولكن للأسف، وكما في كلّ مرّة عندما يقع المواطنون في أزمات عميقة ويتألّمون ويثورون، يأتي من يُصادر ألمَهم وقضاياهم ويأخذها في اتّجاهات أخرى».
وقال إنّ «بعض الباحثين عن أدوار وبعض الرومانسيين الذين يطلقون شعارات لا علاقة لها بالواقع، مثل شعار «كلّن يعني كلّن»، قد صادروا بعض جوانب الحراك، فهذا الشعار غير صحيح إطلاقاً، نحن أصلاً كـ»قوات لبنانية» لم نشارك في السلطة منذ ثلاثين عاماً حتى الآن، وحين شاركنا في بعض الحقائب الوزارية أتحدّى أن يجد أحدُهم علينا تهمةً بالفساد»، مؤكّداً أنّه «لا يجوز طرح الأمور من قبيل المزايدة والشعبوية، فشعار «إسقاط النظام» مثلاً أبعَدَ كثيراً من الناس، إذ بدأ الحراك المدني ببضعة آلاف لكنّه تراجَع إلى بضعة عشرات، وإذا استمرّ هكذا سيتحوّل حراك بضعة أشخاص».
الجمهورية : برّي للارسن: الحوار يتقدّم «سلحفاتياً» والراعي: التخريب ليس حضارياً
الجمهورية : برّي للارسن: الحوار يتقدّم «سلحفاتياً» والراعي:...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
471
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro