«تسونامي» عوني اجتاح ساحات بعبدا المؤدية الى القصر الجمهوري، تلبية لدعوة رئىس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون احتفالاً بذكرى 13 تشرين الاول 1990 وتخليداً لدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الحرية والسيادة والاستقلال.
الحشود العونية التي تقاطرت من كل المناطق اللبنانية «في يوم الوفاء ويوم الوعد» على طرقات القصر الجمهوري لبّت نداء عون لتبايعه مجدداً قائداً ورئيساً رغم الحرب المخاضة ضده لكسره وعزله، الذي بدوره لاقاهم وأتى شخصيا للاحتفال معهم في هذه الذكرى.
كل المؤشرات تدلّ على ان التيار سيلجأ الى كل الخيارات التصعيدية لمواجهة حالة الاستئثار والمصادرة والتفرد بالقرار والسلطة لاسقاط ذهنية الاقصاء للمكون المسيحي الاكثر شعبية وتمثيلاً، وقد ينسحب من طاولة الحوار ويقرر مقاطعة جلسات الحكومة، و«كرة الثلج» ستكبر وتكبر تدريجياً بحسب اكثر من مصدر في التيار الوطني الحرّ.
صحيح ان خطاب عون لم يكن تصعيدياً، لكنه اتسم بتوجيه رسائل الى كل من يحاول اقصائه وعزله مع تياره قائلا: «ان صوت الشعب من صوت الله لا أحد يستطيع ايقافه».
فبعد سقوط تسوية الترقيات الامنية، ورغم الاجواء التي تحاول قوى 14 آذار تسويقها بأن التسوية لم تسقط بعد، وان اتصالات تجري على غير صعيد لاعادة احيائها لاعبة على عامل الوقت، يبدو ان الجنرال عون تخطى هذه المشكلة وهذا ما بدا واضحاً من خلال غيابها كلياً عن كلمته التي القاها، فالقضية لم تعد تعنيه ولا تعني التيار لا من قريب ولا من بعيد، وبات يتطلع الى الأمام، الى حيث يجب ان يكسر من يريد كسره وعزله.
وفي كلمته أكد عون ان 13 تشرين «فرضت علينا القوة امرا واقعا وان الوطن يحتاج الى الدم والشهادة»، كما اعتبر «أنّ المحافظة على الوطن هي التي تؤمن الكرامة والعنفوان».
و قال العماد عون «ان التحرر اصعب من التحرير، وهو يتطلب تحرير النفوس من التقاليد البالية حتى يستطيع الشعب التخلص من الطبقة السياسية التي تحكمه». وشدد على «ان كلّ الذين حكموا لبنان بعد 13 تشرين ما زالوا هم لم يتغيروا وما زالوا يتحكمون بالبلاد والعباد.قُلِبَت البارودة من كتف الى كتف، اندحر المحتل وبقي المسؤول الذي كان يزحف امامه». وحمّل العماد عون الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ 25 عاما المسؤولية عما يحصل اليوم».
وقال عون ردا على تحميل البعض التيار الوطني الحر مسؤولية التعطيل «نحن سنعطل قراراتكم العاطلة وانحراف المؤسسات واستغلال النفوس وتجاوز النصوص الدستورية وتخطي الميثاق الوطني الذي يهدم كل ركائز الدولة»، وهذا التعطيل هو تعطيل إيجابي لانه يعطّل نزف الدولة».
العماد عون وفي كلمته قال «انّ التغيير لا يكون إلا من خلال انتخابات حقيقية تقوم على أساس النسبيّة»، معتبرا أيضا «أنّ قضية النفايات أصبحت مشكلة مستعصية على الحل بسبب سوء التخطيط ومؤسسات الدولة تحوّلت الى مؤسسات خاصة يستثمرها المسؤولون عنها». واعتبر انه« إذا لم تُصحّح الحكومة التجاوزات فهي ستتحمل المسؤوليّة والتلاعب بالقوانين والاستحقاقات سيضعهم بموضع الاتهام وسيفضح عمالتهم للخارج». وتابع «حققنا حلم العودة والتحرير، سننظف وطننا من كل الوسخ حتى يعود نظيفا مثل دمعة أمّ الشهيد، لا احد يراهن على الوقت، نحن ابناء الرجاء وابواب الجحيم لن تقوى علينا ولا على كسر ارادتنا».
آلان عون لـ«الديار»: كل الوسائل ستستعمل
وماذا بعد التظاهرة؟ قال عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب ألان عون في دردشة مع «الديار» «إن كل الخيارات مفتوحة، وكل الوسائل ستستعمل، «نحن مكملين»، قال عون، حددنا مطالبنا، ولا تراجع عنها. أصبحت مطالبنا معروفة، نريد قانون انتخاب جديداً عصرياً، وانتخابات نيابية تعيد إنتاج السلطة في لبنان. ونفى عون أن يكون التكتل ينتظر موقف الجنرال الذي سيطلقه الثلاثاء في مقابلة تلفزيونية، مشيرا إلى أن التكتل لم يعد حتى ينتظر موعد الخامس عشر من تشرين.
«المستقبل»: لم يحمل ايّ جديد
يقول مصدر بارز في «تيار المستقبل» ورداً على خطاب عون بالأمس بأنه لم يحمل جديداً اطلاقاً، ولم يكن هناك من مادة أو مضمون ليتحدث عنه العماد عون بل كعادته يتحدث عن الهدر والسرقة والفساد، فيما هو جزء أساسي في السلطة السياسية التي هاجمها بالأمس. ويلفت المصدر الى ان عون وعندما كان يذهب الى روما أو باريس ليقابل الرئىس سعد الحريري أو مؤخراً عندما أقيم له احتفال بمناسبة عيد ميلاده، كانت الأمور على ما يرام. وعندما رأى ان الرئاسة ابتعدت عنه لأسباب كثيرة وعديدة داخلية واقليمية ودولية، عاد الى نغمته ليتّهم غيره بالعناد والسرقة وسواهما من التعابير التي يتقنها العماد عون.
أخيراً، يتفاجأ المصدر في تيار المستقبل كيف ان قائداً سابقاً في الجيش يهاجم المؤسسة وقائدها لدواع شخصية وعائلية.
مقاطعة الحكومة والحوار
على صعيد آخر، قالت مصادر سياسية على تواصل مع العماد ميشال عون ان تظاهرة التيار الوطني الحر اعادت اثبات التمثيل الحقيقي للعماد عون مسيحياً، من حيث التمثيل الاقوى بين الزعماء المسيحيين. واوضحت ان خطاب عون حمل الكثير من الرسائل في اتجاهات مختلفة، لكن ما هو واضح من خلال المواقف التصعيدية لـ«الجنرال» انه يمهد للخروج من الحوار شخصياً من دون مقاطعته عبر مشاركة احد قياديي التيار الوطني الحر.
ورجحت المصادر ان يلجأ عون الى مقاطعة جلسة او جلسات الحكومة في حال دعا رئىس الحكومة لذلك وقالت المصادر ان اتهامات عون للطبقة الحاكمة والتصعيد ضدها كلها مؤشرات على ان هناك مواقف تصعيدية سيلجأ اليها التيار الوطني الحر.
وتوقعت المصادر ان يجدد حزب الله موقفه المتضامن مع عون من خلال مقاطعة او نصف مقاطعة لجسات الحكومة انما سيستمر في المشاركة بالحوار.
لا جلسة قريبة لمجلس الوزراء
الى ذلك، علم ان الاتصالات التي يقوم بها رئىس الحكومة تمام سلام لعقد جلسة لبت ملف النفايات لم تنته الى نتائج ايجابية حتى مساء امس. واوضحت ان سلام ما زال ينتظر اجوبة من بعض مكونات الحكومة حول موافقتها على اقامة مطمر في البقاع للدعوة الى جلسة الحكومة. وقالت المعلومات ان سلام رد على بعض الذين طالبوه بالدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء انه ما لم تنضج المعطيات حول الحلول لملف النفايات فليس هناك من داع لعقد مثل هذه الجلسة.
وتؤكد مصادر متابعة ان الخلاف الشديد بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ هو الذي يعطل جلسة الحكومة.