لم يفاجئ النائب ميشال عون حلفاءه كما خصومه بأي موقف تصعيدي من الحكومة او مجلس النواب، او حتى مؤسسة الجيش، بل اكتفى بإحياء ذكرى خروجه من قصر بعبدا تحت وابل من القذائف والصواريخ السورية، من دون ان يأتي على ذكر السوريين. كما لم يأت على ذكر اتفاق الطائف الذي كان المسبب لانهاء الحرب من غير ان يكون له دور في المرحلة اللاحقة لاقراره.
وعلى مقربة من قصر بعبدا الشاغر منذ أكثر من 500 يوم، كانت لعون مواقف أبرزها ان التغيير سيبدأ باعتماد قانون انتخاب جديد يقوم على النسبية. وقال مصدر قريب من عون لـ"النهار" ان الاخير "أعطى اشارات واضحة في خطابه، فالمواقف كانت عالية وستكون لها ترجمة قريبة، ولن تكون مجرد كلام بل أفعال، وانتظروا ما سيأتي في الأيام المقبلة". وشدّد على ان "هذه المرة غير كل المرات، فلا محرمات بعد الآن ولا في أي موضوع، وسيسمعون أيضاً كلاماً مختلفاً ان في التكتل أو في مقابلته التلفزيونية غدا الثلثاء او عبر كل حركة على صعيد عملنا السياسي". وأضاف ان هذه التظاهرة "كانت استفتاء جديداً للعماد عون وللتيار، علماً انه في أحلك الظروف وأصعبها لا يجرؤ أحد على استفتاء شعبه، لكن عون فعل، والكل رأى حجم التأييد وتجديد الثقة. لذلك لا نستطيع أن نخذل هذا الشعب الذي نزل على رغم الوضع السياسي والاجتماعي والامني. ومن الآن لا أحد يلومنا على أي موقف سنتخذه لأنه سيكون بحجم آمال الناس الذين لا ينتظرون كراسي وصفقات وتسويات بل حقوق، وهذه مدرستنا وسنكمل بها".
واذا كانت مصادر وزارية لم تر في "مواقف العماد عون ما يؤثر سلباً على عمل الحكومة على رغم ان موقفه السياسي كان ضعيفاً"، فان رئيس الوزراء تمام سلام أسف لكلامه قائلاً: "ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها للهجوم وقد اعتدتّ ألا أتفاعل أو أفتح الباب أمام الأخذ والرد في مثل هذه المواقف". الا أن ما يثير إستغرابه ان عون يهاجم حكومة فيصفها بالقاصرة، وهو عضو فاعل فيها، لكنه في المقابل يبدي إرتياحه الى اعتراف الجنرال بمسؤوليته عن تعطيلها وشلها!
غير ان ما يُقلق سلام ليس كلام عون في ذاته بل مجمل الوضع المتعثّر، فرئيس الوزراء، على رغم حصوله على غطاء هيئة الحوار، لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء قبل اكتمال عناصر الدعوة. وقالت مصادره إن قضية المطامر لم تحلّ والدعوة تنتظر تحديد مطمر ثانٍ الى جانب مطمر سرار بعدما سقط خيار المطمر في عنجر.
ورأت المصادر الوزارية ان ملف النفايات لم ينفرج بسبب تأخر جواب "حزب الله" وحركة "أمل" عن المطمر المقترح إنشاؤه في المقلب الشرقي من السلسلة الشرقية. وهذا التأخير، اضافة الى الاعتراض في سرار، يشيران الى وجود تبادل أدوار في تعطيل خطة لادخال الحل ضمن سلة متكاملة من الافكار المتداولة يتم من خلالها ارضاء معظم الاطراف. وحثت المصادر الرئيس سلام على دعوة مجلس الوزراء أيا تكن النتائج لإن صدقيته وصدقية من يحاربون التعطيل في الميزان.
وتوقع وزير الزراعة أكرم شهيّب أن يدعو الرئيس سلام الى الجلسة الخاصة، التي يفترض أن يقرّ فيها مرسومان اضافيان تحتاج اليهما خطة النفايات. واشار الى أن الدعوة تنتظر أن تحدّد القوى السياسية في البقاع الشمالي موقعاً ملائماً لاعتماده مطمراً ثانياً الى جانب مطمر سرار، الذي اعتمد على رغم الاعتراضات التي توقّع ان تنتهي مع تثبيت المطمر الثاني.
وعلم أن "حزب الله" لم يربط موقفه بمعالجة النفايات بالمشكلة السياسية، لكن المشكلتين تعقّدتا بعدما أسقط مشروع التسوية السياسية التي تعهّدها له فريق "المستقبل" في حوارهما الثنائي. وتفيد المعلومات أن الحزب لا يزال يراهن على إمكان معالجة مشكلة ترقيات الضباط، وان في ربع الساعة الأخير، إذا صدقت النيّات بتسيير عجلة المؤسسات.