لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الرابع بعد الخمسمئة على التوالي.
اقترب العماد ميشال عون أمس من أبواب القصر الجمهوري في بعبدا، لكن الأمتار الأخيرة التي لا تزال تفصله عنه تبدو هي الأصعب والأطول.
حمل الموج الشعبي البرتقالي الجنرال أمس الى شواطئ القصر الشاغر، عشية ذكرى مواجهة 13 تشرين الاول 1990 التي كانت قد أخرجته منه الى المنفى الباريسي.
احتشد أنصار الجنرال امس على طريق بعبدا، في محاكاة لمشهد عمره 25 سنة خلت. بدا هؤلاء، باحتشادهم وحماستهم، كأنهم يثأرون من الماضي الذي خذلهم في لحظة الحقيقة، أما المستقبل فله قصة أخرى لم تكتمل بعد.
وإذا كان الجيش السوري قد قاد قبل 25 عاما عملية إخراج عون من القصر الجمهوري بالقوة العسكرية، فإن من المفارقات التاريخية أن عودة الجنرال اليه باتت تتوقف، الى حد كبير، على استعادة سوريا توازنها، وبالتالي تعديل موازين القوى الإقليمية والمحلية التي تساهم عادة في رسم صورة الرئيس.
ومع ذلك، يتجنب عون «الرهان» على الخارج. صحيح أنه سيستفيد أو سيتضرر من أي تحسن أو تراجع في مواقع حلفائه الإقليميين، لكن الصحيح ايضا أنه مقتنع بأن ما يملكه من شرعية مسيحية، يحقق له «الاكتفاء الذاتي» الذي يعفيه من أي مدد خارجي، في معركته الرئاسية، لو أن الآخرين يقبلون بلبننة هذا الاستحقاق وتكييفه مع قواعد التوازن والشراكة التي تقود تلقائيا الى إنتاج رئيس مسيحي قوي.
على هذه القاعدة، وجه عون وجمهوره عبر تظاهرة أمس رسالة أخرى، الى خصومه في الداخل وخلف الحدود، بأنه لن يتعب ولن يمل، وأن الوقت حليفه وليس عدوه.
رسائل سلام
أما الرئيس تمام سلام «الصابر»، فقد أصبحت تمر عليه الأيام ثقيلة الوطأة وباهظة الكلفة، في ظل الشلل الحكومي المتمادي الذي عطل مجلس الوزراء، حتى بات مجرد انعقاده «حدثاً» يتم التهليل له والاحتفاء به!
وقال سلام لـ «السفير» إنه لا يتوقع عقد جلسة لمجلس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة، لمتابعة ملف النفايات، مشيرا الى أن المعطيات الضرورية لبتّ هذا الملف وحسمه لم تكتمل بعد.
وأضاف: الجلسة ليست غرضاً بحد ذاته، ولا فشة خلق، بل نريدها منتجة ونقطة تحول في مسار معالجة أزمة النفايات، وهناك التزامات مالية وعقود وإجراءات واحتياجات تتعلق بالخطة يجب أن نبتّ بها، لكن للأسف فإن شروط انعقاد هذه الجلسة لم تنضج حتى الآن. وأوضح أن النقطة العالقة الأبرز هي مسألة إيجاد مطمر في البقاع، مشددا على أن التوازن ضروري والشراكة مطلوبة في مواجهة أزمة النفايات، ولا يجوز تحميل أهالي عكار كل شيء.
ولفت الانتباه الى ان الانقسام السياسي الحاصل ينعكس سلبا على هيبة الدولة وبالتالي على آلية تطبيق خطة معالجة أزمة النفايات، منتقداً دلع بعض القوى السياسية التي لا تتحمل مسؤولياتها، فيما المطلوب اتخاذ قرارات جريئة وتحمّل تبعاتها.
وعما إذا كان يتوقع أن ينعكس تعثر تسوية الترقيات مزيدا من التعطيل والشلل على حكومته، أشار سلام الى ان البلد كله يدفع، ليس فقط ثمن تعثر هذه التسوية، بل يدفع ايضا ثمن صراع سياسي محتدم، لا هوادة فيه، حول شخص اسمه رئيس الجمهورية، ما يستدعي الإسراع في انتخابه للخروج من عنق الزجاجة.
وأوضح أنه أكد للمتحاورين أن الحكومة لن يبقى لها لزوم إذا استمر مجلس الوزراء عاجزاً عن الالتئام، مؤكدا أن موقفه هذا ليس للمزايدة أو للتحدي، «وأنا شخصيا أحاول أن أعطي كل الفرص للمعالجات، وأواظب على القيام بواجبي، في هذه المرحلة الحرجة، لكن يداً واحدة لا تصفق، ويجب على كل مكوّنات الحكومة أن تتجاوب معي، أما إذا كانوا لا يريدون بقاء الحكومة فعليهم أن يتحملوا تبعات هذا الخيار».
وأكد انه لا يزال يتصرف بعناية شديدة ويتجنب اتخاذ أي موقف انفعالي، «لكن عندما أشعر بأن الأفق أصبح مسدوداً أمامي بالكامل، فعندها لكل حادث حديث»، منبّهاً الى أن النفايات السياسية أخطر من النفايات العضوية، لأنها أصل البلاء، ومنتقداً في هذا الإطار ما يحصل من تسابق على المصالح والمنافع والنفوذ والسلطة، لأهداف شخصية.
وتعليقاً على المسار الذي سلكه الحراك المدني مؤخراً، اعتبر سلام أن الحراك هو من حيث المبدأ مشروع وغضبه مشروع، إلا أن سلوك القيمين عليه حرفه عن وجهته الأصلية، داعياً هؤلاء الى عدم حصر بنك الأهداف بالسرايا الحكومية أو مقر مجلس النواب، وأن يوجهوا احتجاجاتهم في اتجاه القوى السياسية المسؤولة عن الأزمة وأن يُشهّروا بمن يعطل.
وتساءل: هل نحن أمام حراك مدني، أم حراك تخريبي وغوغائي ومشاغب كما اتضح من محطته الأخيرة في ساحة الشهداء؟ أين هي الثورة الناعمة؟ وهل الشتم والإهانة والتخريب والفوضى والاعتداء على رجال الأمن والأملاك العامة والخاصة تحقق الدولة المنشودة أم تهدم ما تبقى من دولة واستقرار؟ وهل البديل من السلطة الغاشمة والطغمة الحاكمة والنهج الطائفي وسياسة المحاصصة يكمن في هذا النموذج من الغوغائية والعبثية؟
واستغرب أن يرفض الممسكون بزمام الحراك الحوار مع الدولة، «علما أنني كنت أول من مد اليد اليهم»، محذرا من أن عدم الاعتراف بالآخر ورفض الحوار معه هو نهج إلغائي. وتابع: أنا حزين على الحراك لأنه يسيء الى نفسه، وأنا أدعوه الى مراجعة تجربته لاستخلاص العبر والدروس منها.
السفير : عون «يلامس» قصر بعبدا مراهناً على «حليفه».. الوقت سلام: لا جلسة حكومية.. وحزين على الحراك
السفير : عون «يلامس» قصر بعبدا مراهناً على «حليفه».. الوقت...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
399
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro