صحيحٌ أنه توجد أشكال عدّة للوشم قد تُلفت انتباهكم وتُثير إعجابكم، لكن قبل الإسراع إلى «نحتها» على أجسامكم، هل فكّرتم للحظة في إنعكاساتها الخطيرة المُحتمَلة على صحّتكم؟
مهما كان السبب الذي يدفعكم إلى حقن جلدكم بالأصباغ والملوّنات للحصول على رسم معيّن أو إسم أو جملة، من الضروري جدّاً أن تعلموا تأثيرها في صحّتكم.
إذاً، وقبل الإصرار على إجراء أيّ وشم، فكّروا جيداً وتذكّروا هذه المخاطر التي كشفتها الإختصاصية في أمراض الجلد من «New York University Langone Medical Center»، د. ماري ليغر التي درست ردود الفعل السلبية التي يُحدثها الوشم:
العدوى
ليس من المُفاجئ أنّ الصالون المخصّص للوشم الذي لا يعتمد على المعايير الصحّية يزيد خطر الإصابة بالعدوى. في الواقع، يمكن أن يحصل هذا الأمر من مجموعة مصادر مختلفة بما فيها الشخص الذي يرسم الوشم والحبر المُستخدم. وظهر عام 2012 تفشّي مجموعة صغيرة من الالتهابات الجلدية في ولاية نيويورك، تبيّن أنّ مصدرها يعود إلى مجموعة من الحبر الرمادي الملوّث ببكتيريا تُعرف بالـ»Mycobacteria». إنّ أنواع البكتيريا التي تسبّب العدوى، «Mycobacterium Chelonae»، قد تؤدّي إلى طفح جلدي مؤلم يمكن أن يدوم لأشهر.
إنها تشبه الـ«Mycobacteria» التي تسبّب السلّ والجذام. وعلى رغم أنّ العدوى البكتيرية هي أكثر أنواع العدوى المرتبطة بالوشم، غير أنّ هذا الأمر قد يؤدّي أيضاً إلى عدوى فطرية وفيروسية، لا بل يمكن أن يتعرّض البعض أيضاً للثآليل. في حال احمرار الوشم أو تورّمه أو تسبّبه بالوجع، إستشيروا الطبيب فوراً.
الحساسية
يمكن للأشخاص أن يتعرّضوا للحساسية بسبب خضوعهم للوشم، لا بل تبيّن أنّ الذين لم يواجهوا ردّات فعل تحسّسية عندما أجروا الوشم للمرّة الأولى، قد يعانون لاحقاً هذه المشكلة عند إجراء وشم ثانٍ أو ثالث. ومثالاً على ذلك، تحدّث د. ليغر عن امرأة أجرت وشماً أحمر منذ أعوام. وعندما قامت بوشم ثانٍ أصبحت الأجزاء الحمراء لكلّ من الوشمين القديم والجديد مُثيرة للحكّ وأكثر احمراراً.
وإستناداً إلى طبيبة الجلد، يصعب علاج الحساسية التي يسبّبها الوشم. وفي حين أنّ الستيرويدات الموضعية أو حقن الستيرويد قد تساعد أحياناً على حلّ المشكلة، لكن في حالات أكثر تطوّراً يستدعي الأمر الخضوع لجراحة إزالة جزء من الجلد المتواجد عليه الوشم.
إخفاء المشكلات الصحّية
يمكن لتغطية الجسم بالوشم أن يخفي الأمراض وبالتالي يمنع علاجها في أسرع وقت ممكن. وجدت التقارير أنّ الوشم يُخبّئ سرطان الجلد، بما فيه الميلانوما وسرطان الخلايا القاعدية وسرطان الخلايا الحرشفية. إنّ الوشم يجعل إختصاصي الأمراض الجلدية يجد صعوبة في فحص صحّة البشرة ورصد الشامات التي قد تكون سرطانية، وهو الأمر الخطير لأنّ من المهمّ جداً رصد سرطان الجلد باكراً جداً تماماً مثل أيّ نوع آخر.
التعرّض للشمس
لا غنى عن حماية الجلد من الشمس، غير أنّ الوشم قد يزيد خطر المعاناة من آثار التعرّض المفرط للأشعّة. وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يمكن لتعرّضهم للشمس أن يسبّب لهم الشعور بالحكّة في المنطقة التي يتواجد عليها الوشم.
وفي دراسة دانماركية أجريت عام 2014، استجوب الباحثون مجموعة من السبّاحين الذين خضعوا للوشم، وتبيّن أنّ 42 في المئة منهم أدلوا بتعرّضهم لردود فعل سلبية. ومن بين هذه الشكاوى التي تضمّنت الورم والحكّة والإحمرار، تمّ ربط أكثر من نصفها بالتعرّض لأشعة الشمس.
ومن المعروف أنّ الحبر الأصفر قد يسبّب الحكّة والإحمرار عند تعرّضه للشمس بسبب احتوائه مركّب الكادميوم. غير أنّ الألوان الأخرى قد تسبّب بدورها هذه الآثار، وأكبر دليل على ذلك أنّ هذه الدراسة الدانماركية شملت الوشم الذي يحتوي الحبر الأسود والأحمر والأزرق.
الحروق
قد يواجه الشخص الذي لديه وشم مشكلة إذا احتاج للتصوير بالرنين المغناطيسي. على سبيل المثال، كشف تقرير صدر عام 2011 أنّ شخصاً تعرّض لـ«حرق» وشمه الأسود أثناء خضوعه للتصوير بالرنين المغناطيسي، الأمر الذي أثار الإستغراب ودفع إلى الحذر.
وبعد تحليل هذه الحالة، تبيّن أنّ الحروق قد نتجت من التيارات الكهربائية التي تشكّلت من الحديد الموجود في حبر الوشم. إذاً الأشخاص الذين لديهم وشم أسود هم أكثر عرضة لمواجهة صعوبات أثناء إجرائهم التصوير بالرنين المغناطيسي، بما أنّ هذا الحبر يحتوي «Iron Oxide»، علماً أنّ الحبر الأحمر قد يتضمّن بدوره هذا المركّب.