تتفنن السلطة في قلب المعايير ، ليصبح الحق باطل ، والباطل حق ، فها هم يؤمّنون كراسيهم عبر استنزاف الحراك المطلبي وتصويره بما لا هو عليه !
وزير الداخلية نهاد المشنوق "سوبر مان لبنان " ، يتابع ما يجري في الساحات من حيث سهراته و رحلات استجمامه ، وحينما أراد أن يتابع الواقع عن كثب اتجه إلى البرجوازية التي يتثمل بها فتفقد أضرار الأوتيل غير آبه بعدد كبير من الجرحى سواء من المتظاهرين ومن القوى الأمنية ...
ما شهدته الساحات من حرب مصغرة مدروسة بهواجس السياسيين الفاسدين الذي يخشون على قصورهم و حساباتهم السرية وعلى مفتاح المغارة أن يسلب منهم ، كان مقصوداً بل ومدبّراً ، فهذا القرار بضرب الحراك وبتحويل بوصلة الرأي العام ضده هو الذي يدفع نهاد المشنوق إلى إعطاء أوامره للقوى الأمنية بالإصطدام مع المتظاهرين ، وهذا إن لم نشهده في التظاهرات التابعة لأطياف سياسية لا لأنها منظمة ولكن لأن طبقة الفاسدين تغطيها وتدعمها ...
هذا والإعلام الداعم لهذه السلطة يساعد على تصوير الأمر وكأن "الشباب همج" والقوى الأمنية "ضحية" ، ونحن مع كل ما نحمله من تقدير للمؤسسة الأمنية كأفراد وليس قيادات ، غير أنّ هذه المؤسسة هي ضحية المشنوق الذي أوقعها في الفخ لا المتظاهرين .
كما وقد شهدنا أيضاً تعدّي وقمع ومصادرة آلات تصوير لإعلاميين تمكنوا من نقل المشهد كما هو في محاولة لمنع الرأي العام لمشاهدة الأمور على حقيقتها ، ومن الأمثلة على الأكاذيب والمغالطات هي ما أوردته السلطة عن أنّ الشباب يحرقون الساحة !
فيما الحقيقة أنّهم أشعلوا القليل من النار ليجففوا ثيابهم وأنفسهم من المياه التي غرقوا بها ، ولم يتسببوا بأي أذى !
ومن ناحية ثانية ما تعرّض له الأوتيل "الذي تفقده المشنوق" ليس شباب الحراك وحدهم من سببوا الأضرار بل صهاريج المياه و قوتها هي التي سببت تكسّر الباطون !
ما تجلّى لنا في مظاهرة الخميس هو سيناريو مدروس من وزير الداخلية (اللبنانية - السورية ) نهاد المشنوق ، فها هو اليوم محملاً بضغينة كل من قوى 8 آذار و 14 آذار لضرب الشعب الثائر بيد من حديد وهذا ما لم يستحِ المشنوق في التعبير عنه إذ قال : "الأمن في البلد ممسوك إلى حد كبير، وهذا الأمر متوا فق عليه بين القوى السياسية" .
ليظهر أنّ مفهوم الأمن بالنسبة لوزير حزب الله يتثمل في ضرب المتظاهرين والمغامرة بالقوى الأمنية ، وفي تحويل الديمقراطية اللبنانية لإعتقالات تعسفية ، إضافة إلى التعتيم الإعلامي والإكتفاء بنقل صورة الباطل الذي يراد منه الحق !
ببساطة وزير الداخلية منذ أن استلم هذا المنصب "وريحتو طالعة " أما اليوم فأصبحت هذه الريحة "سامة" وضارة بالسلم الأهلي .