بعد مضي أكثر من نصف عام على مصرع اللواء رستم غزالة بسبب خلافه مع النظام السوري حول الدور الايراني في الحرب السورية، ها هو الجنرال الايراني حسين همداني يلقى حتفه بعد فترة وجيزة عن تنحيته بسبب فشله في هذه الحرب مما أدى الى التدخل العسكري الروسي فيها. إنها الحرب التي تأكل رجالها بعد أن تحوّلهم من حلفاء الى أعداء كما ظهر في الموت المهين لغزالة. ولن يمضي وقت طويل حتى تنجلي أسرار سقوط همداني الرمز القوي للتدخل الايراني في سوريا وأيقونة "حزب الله" الذي يقاتل هناك.
ليس بالفأل الحسن غياب همداني عن المسرح السوري، لا بل هو نذير شؤم بعد ساعات على "دقة" تصويب السفن الحربية الروسية من بحر قزوين والذي أدى الى سقوط 4 صواريخ كروز على الاقل في إيران بدلا من سوريا وهو ربما ما دفع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الحديث المطوّل الذي أدلى به لقناة "الاهواز" الايرانية، وفق النص العربي الموزع الى إغفال ذكر روسيا.
المعطيات التي تتحدث عن بضعة آلاف من عناصر "حزب الله" جرى تحضيرهم للقتال في نطاق خريطة الدويلة المسماة علوية بغطاء جوي روسي توضح أن مسلسل النعوش التي تضم مقاتلي الحزب والعائدة الى لبنان من سوريا سيستأنف قريبا. ومما يزيد من منسوب القلق في اوساط حزب "ولي الفقيه" الايراني أن موسكو ستدير الحرب في سوريا بشروطها، ومن بينهاكما تردد، أنه ليس مسموحا للحزب استخدام شبكة اتصالات خاصة في رقعة العمليات الروسية من دون إشراف موسكو التي ستبسط سيطرتها على مرافق حيوية مثل مطار دمشق المنفذ الجوي لطهران.
وما يقال عن "حزب الله" يقال أيضاً عن قوم رئيس النظام السوري بشار الاسد. فقد كشفت اوساط نيابية لبنانية بارزة عن تزايد حركة طلب تأشيرات سفر لسوريين الى اوروبا عبر السفارات في بيروت ومعظم هذه التأشيرات عائدة لأشخاص في دائرة هذا النظام. ولفتت هذه الاوساط الى أن ظاهرة طلب التأشيرات تزايدت بعد التدخل العسكري الروسي مباشرة.
من الشائعات، ان بوتين يواجه في بلاده خطر الانقلاب بسبب سياسته الفاشلة التي تسببت بإفلاس روسيا وعزلتها. لكن من المؤكد ان بوتين يستعرض عضلاته في سوريا ليخفف من آلام الروس التي تسببت بها سياسة الرئيس الروسي في اوكرانيا وفق ما كتبت الـ"نيويورك تايمز". ومن اللافت ان واشنطن وتل أبيب وهما الجهتان اللتان تصوّب عليهما مجموعة المرشد الايراني الآن هما في حال تسهيل أمر بوتين وليس تعقيده. فواشنطن سحبت صواريخ باتريوت من تركيا. وتل أبيب باركت التدخل الروسي في المحادثات العسكرية الروسية – الاسرائيلية. إنها معطيات تجعل الاسد ونصرالله تحت رحمة صواريخ بوتين. ومقتل الجنرال همداني نذير لما تخبئه المرحلة المقبلة. ولا ينفع معها قول نصرالله "تجاوزنا مرحلة الخطر في سوريا". فالخطر ما زال في أوله بسبب مغامرة بوتين.