منحت الأكاديمية السويدية (المختصة بمنح جوائز نوبل) جائزة نوبل للسلام للرباعي التونسي الذي نجح في إنقاذ تونس من الحرب الأهلية واستكمال المرحلة الإنتقالية الديمقراطية ، وللتذكير حول هوية الرباعي التونسي لا بد من استعادة الأحداث في تونس والتي أخذت مساراً تصاعدياً منذ سقوط نظام زين العابدين بن علي في كانون الثاني العام 2011 .
واحدة من المحطَّات الأكثر دقَّة ، كانت اغتيال المعارضَين اليساريين شكري بلعيد (شباط 2013)، ومحمد البراهمي (تموز 2013) ، الأمر الذي خلق أزمة سياسية كبيرة ، دفعت «الاتحاد العام التونسي للشغل» ، و «الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية» ، و «الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين» ، و «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، لتشكيل رباعي لرعاية الحوار الوطني ، والهدف : إنقاذ العمليّة الإنتقالية .
انبثق عن الحوار دستور جديد في كانون الثاني العام 2014 ، جرت على إثره انتخابات تشريعية في تشرين الأول من العام ذاته ، فاز فيها حزب «نداء تونس» ، بعدما حصل على 86 مقعداً من أصل 217 في البرلمان، متقدماً على «حزب النهضة» (إخوان) ، تلاها تشكيل حكومة تكنوقراط ، وانتخابات رئاسية بداية العام الحالي، فاز فيها الباجي قائد السبسي.
وتونس مثل جميع دول المنطقة ، تعرَّضت لهجمات إرهابيّة دامية، كان آخرها هجومان تبناهما تنظيم «داعش»، الأول على متحف باردو في العاصمة في آذار الماضي، وأوقع 22 قتيلاً، والثاني على فندق في سوسة في حزيران الماضي، وأوقع 38 قتيلاً.
بالرغم من ذلك، نجح رباعي الحوار، إلى حدٍّ بعيد، بعدم السماح بالانزلاق إلى الفوضى، كما حصل في دول «الربيع» الأخرى، خصوصاً ليبيا وسوريا.
ومن هنا أهمية أن تمنح الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للسلام لهذا الرباعي التونسي والذي يضم أهم أربع مؤسسات مدنية في تونس والتي لعبت دوراً مهما في الحفاظ على السلام والديمقراطية في تونس وانقاذ البلاد من أزمة سياسية وأمنية كبرى .
هذه الرسالة الدولية المهمة يمكن أن تشكل دافعاً جديداً لكل العرب والمسلمين كي يستعيدوا وعيهم ويتوقفوا عن الانخراط في الحروب الأهلية الداخلية وأن يشكلوا أطراً سياسية ومدنية وأهلية من أجل وقف هذه الحروب والبحث عن حلول سياسية للأزمات القائمة وخصوصاً في اليمن والعراق والبحرين وليبيا ولبنان وسوريا ومصر ، فالصراعات القائمة تغرق البلاد في الفوضى وتؤدي لسقوط الضحايا وتدمير البلاد دون أيّة فائدة والجميع سيعودون للجلوس على طاولة المفاوضات للإتفاق على التسويات السياسية ، فلماذا لا نستبق الزمن ونستفيد من دروس الآخرين ونستعيد وعينا ونتوقف عن الصراعات والقتال غير المجدي.
مبروك لتونس وللرباعي التونسي وعلى أمل أن تنجح بقية الدول العربية في الخروج من المأزق.