لقد كانت فلسطين والقضية الفلسطينية عموما الحدث الأبرز إسلاميا وعربيا، وكانت الأراضي الفلسطينية المحتلة وما يجري عليها من اعتداءات على الشعب الفلسطيني، القضية التي تحرك الشارع العربي والاسلامي بكل أطيافه وامتداداته، وكانت هذه القضية سببا للتظاهرات والتنديدات والاستنكارات على مساحة الوطن العربي كله، إلا أن ما نشهده اليوم من اعتداءات اسرائيلية يومية على الشعب الفلسطيني والأراضي الفلسطينية المحتلة، يمر مرور الكرام على مسامع الكثيرين ، وأصبحت الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة حدثا عاديا تتداوله وسائل الإعلام دون أن يحرك ساكنا ودون أن يترك أي أثر على المستوى السياسي والشعبي .
إن أسباب هذا الإنحدار في التعاطي مع القضية الفلسطينية كثيرة على مستوى الحكام والرؤساء العرب وهم الذين باعوا القضية وقبضوا ثمنها في مزادات السياسة العربية والدولية، إلا أن أسباب طمس هذه القضية ونسيانها على
المستوى الشعبي العربي والاسلامي لم تعد مفهومة كما أنها ليست مبررة على الإطلاق بالرغم من الأحداث الأمنية والسياسية والعسكرية التي تعصف بالوطن العربي كله، إلا أن ذلك ليس سببا في نسيان القضية الأساس التي تتجدد
اليوم على الاراضي الفلسطينية والتي أصبحت ساحة لانتفاضة كبيرة يتم قمعها بهمجية صهيونية كبيرة .
إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية منذ أيام جدير بالتوقف عنده من جهتين اساسيتين : الأولى أن هذه الإنتفاضة هي الأقوى منذ الإنتفاضة الثانية وأنها انتفاضة تعدت في ساحة تحركها الانتفاضة الثانية حيث اصبحت مناطق الاحتلال كلها هدفا للتحرك ورفض المحتل .
الجهة الثانية أن هذه الانتفاضة على المستوى الشعبي العربي والاسلامي أصبحت انتفاضة يتيمة وتكاد تكون بلا صدى على المستوى الشعبي والاعلامي العربي والدولي ومن شأن ذلك أن يعطي ذرائع أكبر للاحتلال الصهيوني
للإنقضاض أكثر على الشعب الفلسطيني الأعزل وتكرار القمع والمجازر بحق هذا الشعب .
إن هذا الصمت مع ما يختزن من اسباب ينبغي أن لا يستمر طويلا، وينبغي أن تعود القضية الفلسطينية الى واجهة الاهتمامات العربية والاسلامية ، وإلى واجهة الإهتمامات لدى الأحزاب التي كانت إلى وقت قريب رائدة المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي على مستوى الوطن العربي كله .
إن هذه الأحداث في فلسطين المحتلة مناسبة لاستعادة القضية الفلسطينية من أطلال النسيان العربي والاسلامي، ومناسبة لتجديد الدعم والتأييد لحركة الشعب الفلسطيني في انتفاضته الجديدة ، وهي مناسبة ايضا لتعود بندقية المقاومة بوجه الإحتلال إلى مكانها الصحيح وإلى وجهتها الاساسية وهي فلسطين .
إن الاحداث الجارية في فلسطين المحتلة منذ أيام هي دعوة جديدة لكل الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية وخصوصا الأحزاب المقاومة، دعوة لوقفة جديدة مع فلسطين تكون على قدر عال من تحمل المسؤولية الوطنية والاسلامية وللتعبير الجدي أن فلسطين ليست لوحدها وأن فلسطين ليست صرخة بلا صدى .