حذّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله خامنئي الحكومة من التفاوض مع أمريكا ، بإعلان الحظر على التفاوض الإيراني الأمريكي ، وذلك خلال كلمة ألقاها لقادة القوة البحرية للحرس الثوري وكوادر له يوم أمس .
واعتبر خامنئي إنّ التفاوض مع أمريكا يؤدي إلى التغلغل الأمريكي ، حيث إنّهم يريدون فتح الطريق من أجل فرض إرادتهم ، وأضاف خامنئي إنّ إيران منعت تغلغل الأعداء إلى داخلها وحالت إلى حد كبير دون تنفيذ مخططاتهم في المنطقة ، وصرّح بأنّ حديثهم عن المحادثات والحوار يهدف إلى التغلغل إلاّ أنّ البعض يتهاونون في المحادثات فكرياً وعملياً ولا يدركون عمق القضايا .
يبدو أنّ موقف المرشد الأعلى المتشدد أمام الولايات المتحدة جاء رداً على مصافحة وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال الاجتماع العام الأخير لمنظمة الأمم المتحدة في نيويورك ، ممّا أثار سخط المحافظين المتشددين الذين اعتبروا مصافحة ظريف مع أوباما ، عبارة عن مصافحة الشيطان!
ولكن الوزير ظريف جدد تصريحه السابق بأنّ مصافحته مع الرئيس الأمريكي لم تكن مخططة بل حدثت صدفة. ولكن لا يصدقه المحافظون المتشددون، ربما لأنهم يحتاجون إلى مبررات جديدة لترويج الاستمرار في عداء الشيطان الأكبر .
وعنونت صحيفة 9 دي : المصافحة في نيويورك ، تلقي الجائزة في ستوكهولم (نوبل) ، في اتهام صريح لوزير الخارجية بأنّه بادر بمصافحة أوباما للحصول على جائزة نوبل للسلام !
وأبدى المرشد الأعلى تخوّفه من الحوار مع الولايات المتحدة من جديد يوم أمس، وصرّح بأنّ الحوار مع أمريكا يعني تعبيد الطريق أمامهم ليأتوا ويتغلغلوا في المجالات الإقتصادية والثقافية والسياسية والأمنية في البلاد .
وبينما يعتبر المرشد الأعلى بأنّ " الجانب الإيراني في المفاوضات الأخيرة كان متيقظاً بحمد الله ولكنه يردف بالقول : " إلاّ أنهم - أي الجانب الأمريكي وليس 5+1 - وجدوا بالتالي فرصاً تغلغلوا منها وقاموا بتحرك مضر للمصالح الوطنية الإيرانية".
ولم يوضح المرشد الأعلى كيف يمكن الجمع بين يقظة الإيرانيين وتغلغل الأمريكيين؟ إذ لو كان المفاوض الإيراني متيقظاً لما كان الجانب الأمريكي قد تمكّن من التغلغل وإيقاع الأضرار بالمصالح القومية الإيرانية .
فضلاً عن ذلك ليس خافياً على أحد أن المرشد الأعلى كان مطلعاً على نص التوافق بين إيران والدول 5+1 ولم يعلن الفريق المفاوض الإيراني عن موافقته على التوافق النووي إلا بعد إذن المرشد الأعلى .
يبدو أن مهمة الفريق المفاوض الإيراني انتهت بإزالة شبح التهديد العسكري وفتح الطريق لرفع العقوبات ، وبعد أن اطمأن المرشد الأعلى من رفع تلك المخاطر ، يعطي الدور إلى العسكر حتى لا يشعر بأنّه فقد قيمته في ظل رفع الأخطار عن البلاد ، ولهذا يحرص قادة الحرس الثوري خلال تصريحاتهم بعد حصول الإتفاق النووي بأنهم مستعدون للحرب مع الولايات المتحدة وجميع الأعداء ، بينما تتجه الولايات المتحدة للصلح مع إيران ، كما نراهم يفتشون عن أضرار للمصالح القومية في نص التوافق ويتهمون الجانب الإيراني بالتخلي عن تلك المصالح .
ولكن الحقيقة هي أنهم يعرفون بأن التوافق النووي كان انتصاراً لحكومة الرئيس روحاني ، ولكنهم يتخوفون من انعكاسات هذا الانتصار على الوضع الداخلي وخاصة في الإنتخابات النيابية المقبلة التي يتوقع أن يفوز بها تيار الرئيس روحاني المدعوم من قبل الإصلاحيين.
إنّ المشكلة الحقيقة ليست في تطبيع العلاقات مع الشيطان الأكبر، بقدر ما هي ظهور الرئيس روحاني بمظهر بطل للسلام.