بينما غابت الترقيات العسكرية عن طاولة الحوار وحضر طيفها في مختلف أرجاء وأروقة وخلوات مجلس النواب مخلّفةً نفحات تفاؤلية ترددت أصداؤها الإيجابية على ألسنة ومسامع المتحاورين، طغى من خارج جدول الطاولة ملف أزمة النفايات الحيوي فكان إجماع سياسي على دعم خطة الحكومة «فعلاً لا قولاً» كما طالب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام درءاً لوقوع «الكارثة» مع قرب هطول المطر. وفي المحصلة، لاحت في الأفق أمس انفراجات على محوري الترقيات والنفايات، بينما بقي النقاش داخل سقف الحوار ملتزماً أولويته الرئاسية ومستغرقاً في البحث بمسألة «مواصفات» رئيس الجمهورية المنشود على وقع إبداء مصادر نيابية في 14 آذار لـ«المستقبل» خشيتها من تحوّل البحث في هذه المسألة إلى مجرد بحث في مواصفات الرئيس من دون إحراز خطوات متقدمة باتجاه تحقيق توافق وطني يتيح انتخابه. في وقت علمت «المستقبل» من مصادر حوار عين التينة بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» أنّه جرى الاتفاق بين الجانبين على استئناف جولات الحوار في السابع والعشرين من الجاري.
وفي مجريات جلستي حوار الأمس الصباحية والمسائية، كما نقلتها مصادر المتحاورين لـ«المستقبل»، أنّ سلام طلب في مستهلها من كافة القوى السياسية مساندة الحكومة في تطبيق خطة معالجة النفايات مبدياً استعداده لدعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد في سبيل اتخاذ قرار تنفيذ الخطة. وعندما سأله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد عن الداعي إلى عقد مثل هذه الجلسة طالما أنّ الحكومة سبق وأقرت الخطة، ذكّره سلام بأنّ وزيري «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» حسين الحاج حسن والياس بوصعب سجّلا اعتراضهما على القرار حينها وبالتالي لا بد من إعادة تكريس موافقة جميع مكونات الحكومة على التنفيذ لكي يتشارك الجميع في تحمل هذه المسؤولية الوطنية.
وإذ شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري على وجوب اعتماد «معالجة جدية وسريعة» لملف أزمة النفايات باعتبارها تجسد «كارثة وطنية»، ودعا رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط إلى دعم وتطبيق خطة الوزير أكرم شهيب «في أسرع وقت»، خلص النقاش في هذا الملف إلى إحراز توافق تام بين جميع المتحاورين على المضي قدماً في ضمان تنفيذ الخطة تحت إشراف القوى الأمنية المعنية.
«مواصفات» الرئيس
ثم انتقل النقاش إلى بند الرئاسة وسط تساؤل الوزير بطرس حرب عما «إذا كان العماد عون مستعداً للتنازل عن ترشحه طالما أنّ معظم الأفرقاء يدعون إلى التوصل لمرشح توافقي لرئاسة الجمهورية»، في حين التزم عون الصمت المطبق خلال جلسة الحوار الصباحية قبل أن يغادرها لدواعي صحية أكد عليها بري بالإشارة إلى كون رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» أبلغه قبل افتتاح الجلسة أنه يشعر بتوعّك.
وفي خضمّ الغوص في بحث مواصفات الرئيس العتيد، كرر معظم المتحاورين مواقفهم المعروفة حيال الاستحقاق بينما كان موقف لافت لرئيس كتلة «حزب الله» البرلمانية الذي قال: «من جهتنا لا نستطيع أن نوافق على استعادة سيناريو العام 2008 في انتخاب رئيس للجمهورية بالاتكال على نياته فقط، بل يجب أن نتفق معه مسبقاً على الخط الاستراتيجي لكي نوافق على انتخابه». فعلّق حرب بالقول: هذا الكلام يعني أنه لم تعد هناك ديمقراطية في لبنان وأنّ الفراغ الرئاسي سيبقى قائماً إذا لم يتم التفاهم مسبقاً معكم.
وتابع رعد موضحاً أنّه «قبل العام 2005 كان يوجد مايسترو يحكم اللعبة في البلد (النظام السوري) لكن في ما بعد أصبح هناك فريقان يحاول أحدهما أن يغلب الآخر»، وأردف: «قراءتنا مختلفة للدستور وللمسألة الوطنية، وبالتالي فإنّ الرئاسة هي نتيجة وليست الأصل فإذا اتفقنا على النظرة الاستراتيجية للأمور تصبح عندها الرئاسة ومواصفات الرئيس تفصيلاً سهلاً».
ورداً على سؤال رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل حول ماهية المواصفات الرئاسية التي يبحث عنها «حزب الله»، اختصرها رعد بأنها تتمثل بـ»تاريخ المرشح» لموقع الرئاسة الأولى.
وفي ختام الجلسة المسائية نوّه رئيس المجلس النيابي بدخول الحوار في موضوع مواصفات الرئيس ودعا إلى التركيز أكثر على هذا الموضوع خلال جلسة اليوم، غير أنّ رعد علّق على الموضوع متوجهاً إلى بري: «لكن يا دولة الرئيس عدم التوصل إلى اتفاق حول المواصفات الرئاسية لا يعني توقف الحوار بل لا بد من استكمال سائر بنوده المتعلقة بقانون الانتخابات النيابية وسواها»، فأجابه بري: «طبعاً كما حصل في الدوحة (عام 2008) حيث توافقنا حينها على سلة تفاهمات وطنية شملت الرئاسة وقانون الانتخاب والحكومة».
بدوره، اعتبر جنبلاط أنه من الصعب في الوقت الراهن الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية «لأنّ القصة إقليمية وأكبر منّا»، وعلى هذا الأساس دعا إلى الاتفاق على ما يمكن التوافق عليه من الترقيات وإلى تفعيل عمل الحكومة والمجلس النيابي وصولاً إلى وضع قانون جديد للانتخابات النيابية.
وعلى مستوى إبداء قوى 14 آذار تمسكها بضرورة إيلاء الأزمة الرئاسية الأولوية المطلقة توصلاً إلى إيجاد حل توافقي يتيح انتخاب رئيس للجمهورية، طالب الجميل بضرورة اقتناع جميع الأفرقاء بالنزول إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس ضمن إطار اللعبة الديموقراطية أو بالاتفاق المسبق على مرشح معيّن يتوافق عليه كل مكونات الحوار. وهو ما أيده فيه رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة، مع إعراب الجميّل في السياق عينه عن تأييده طرح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية القائل بالتوصل إلى رئيس توافقي بالاستناد إلى مواصفات تحظى بقبول فريقي 14 و8 آذار. في حين سارع أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان الذي حلّ محل عون على كرسي الحوار إلى القول: «نحن ما يهمنا في مواصفات الرئيس أن تكون لديه صفة تمثيلية ضمن بيئته باعتبار ذلك من أسس الشراكة الوطنية».
الترقيات
أما في مستجدات ملف الترقيات العسكرية، فقد رُصدت بوادر حلحلة وانفراج أمس على هامش الحوار سواءً عبر ما رشح عن أجواء الخلوات الجانبية التي عقدت في المجلس للتداول في سبل حل الملف، أو من خلال التصاريح المتفائلة بقرب التوصل إلى تسوية للترقيات كما عبّر فرنجية إثر انتهاء جلسة الحوار المسائية. في حين تردد أنّ الاتصالات والمشاورات التي وضعت على نار حامية في سبيل إنضاج التسوية من الممكن أن تفضي إلى انعقاد مجلس الوزراء غداً الخميس لإقرار صيغة الحل التي يتم التوصل إليها.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مواكبة لهذه الاتصالات لـ»المستقبل» أنّ الإخراج المطروح لحل أزمة الترقيات العسكرية يستند إلى المادة 42 من قانون الدفاع التي تقول إنّ ترقية الضباط هي من صلاحية وزير الدفاع الوطني وتصدر بمرسوم عادي بعد اقتراح من قائد الجيش بهذا الخصوص. إلا أنها لفتت في المقابل إلى بروز معضلتين لا تزالان تحولان دون إقرار هذا الإخراج، أولهما كيفية إقناع الوزير سمير مقبل بتوقيع المرسوم في ضوء معارضته هذا الموضوع، والثانية متعلقة بموقف عون إزاء آلية عمل الحكومة في حال إقرار المرسوم بأكثرية 16 وزيراً ما يعني تنازله ضمناً عن آلية «رفض المكونين» التي تمنع اتخاذ القرارات وتوقيع المراسيم في مجلس الوزراء، مشيرةً في الوقت عينه إلى وجود إشكالية أخرى تحتاج إلى مزيد من البحث والتشاور وهي تكمن في أنّ عون يُطالب، بالإضافة إلى مطلب ترقية صهره العميد شامل روكز إلى رتبة لواء، بتعيين عضوين في المجلس العسكري أحدهما كاثوليكي وآخر أرثوذكسي.
عون يهادن ويدعو إلى «القصر»
وإثر ترؤسه اجتماع التكتل، أطلّ عون بنبرة تهدوية على منبر الرابية بعد ظهر أمس ليؤكد أنّ «الحوار ماشي» متمنياً أن تكون «النتائج إيجابية». بينما توجّه إلى مناصريه بدعوتهم إلى «الاحتفال» بذكرى 13 تشرين الأول يوم الأحد المقبل «على طريق القصر الجمهوري».
النفايات
على صعيد ملف النفايات، برزت أمس أجواء إيجابية من الاجتماعات التحضيرية لبدء تطبيق خطة شهيب الذي أكد بعد اجتماع السرايا الحكومية برئاسة سلام أنّ «العمل يتقدم في مطمر سرار في عكار يومياً والموقف (الخاص بالنفايات) أصبح جاهزاً»، مشيراً في الوقت عينه إلى أنّ المطمر الآخر في منطقة البقاع «يتم الكشف عليه حالياً» من دون أن يفصح عن موقعه «لتجنّب ردات فعل المعترضين الخنفشارية» بحسب تعبيره.
وتوازياً، عقد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس اجتماعين متتاليين مع وفد اتحاد بلديات عكار ووفد رؤساء روابط مخاتيرها بحضور المحافظ عماد لبكي. وخرج الوفدان بخطاب إيجابي أكدا فيه تلقيهما تطمينات من المشنوق حيال الشروط الصحية المؤمنة والمضمونة في مطمر سرار، معربين في ضوء ذلك عن دعم خطة الحكومة لاستخدام المطمر. وقال رئيس اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع أحمد المير: «ناقشنا كل الأمور على مدى ساعتين، وهناك موافقة مبدئية على كل العناوين التي طُرحت والمتعلقة بالتأكيد على أنّ المطمر صحي بمواصفات أوروبية وبمراقبة من الأمم المتحدة، وبلجنة تختارها الاتحادات من المجتمع المدني تشرف على الطمر من ألفه إلى يائه».
المستقبل : «حزب الله» يريد «اتفاقاً استراتيجياً» للرئاسة.. وعون إلى القصر الجمهوري الأحد
المستقبل : «حزب الله» يريد «اتفاقاً استراتيجياً» للرئاسة.....لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
705
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro