أسهمت مشاركة روسيا في الحرب السورية لصالح النظام في إعادة توازن ما لساحة الحرب وأجزعت الشعب السوري وجعلته يتهيّب من قوّة تدميرية روسية هائلة طالت أكثر المناطق التي تسيطر عليها قوى المعارضة وقهقرت من الجيش الحرّ الذي لاذ فراراً من قصف جهنمي أكثر دقّة من قصف النظام العشوائي الذي يسعى إلى القتل والقتل فقط .

انتظرت المعارضة في الفنادق ما سيفعله الروس في سوريا ولمّا وجدوا أنّ الطائرات الروسية تهدّم مواقع المعارضة دون تمييز وتطال النّاس الأبرياء أعلنت انحياز روسيا للأسد بإعادة التوازن الذي فقده لصالحه وطلبت من الجامعة العربية اتخاذ المواقف اللازمة لثنيّ الروسي عن مهمته المتعددة الوجوه والأهداف في سوريا .

طبعاً لا تحتاج الجامعة العربية إلى مطالبة المعارضة السورية كي تجتمع لإتخاذ الموقف المناسب من الروسي الذي جاء ليَكسر ما وصل إليه العرب من نفوذ داخل سوريا بواسطة المعارضة المدعومة من قبلهم .

ولكن انشغال الحلف العربي باليمن ترك للروس فرصة الاستبداد و"الاستفراس" بالسوريين خاصة وأنّ الولايات المتحدة التي هيّأت وكمنت لروسيا في سورية طمعاً منها في استنزاف القدرات الروسية وجعلهم أعداء العرب والمسلمين لإخراج محاولاتهم المستمرة في التسلل إلى المنطقة لإمتصاص خيراتها أسوةً بأميركا وأوروبا من بوابة حربهم في سوريا ضدّ العرب وأكثر المسلمين أنظمة وشعوباً .

 

صدَق بوتين أنه القيصر الأخير فبادر إلى نصرة الأسد واسرائيل كما صرّح في أكثر من تصريح له  ودخل آتون معركة باتت مفتوحة معه لا في سوريا فحسب بل في كلّ مكان وسيجد الروس أنفسهم وجهاً لوجه أمام جيل مسرع للموت في كلّ الاتجاهات وأينما وجدت المصالح الروسية .

هكذا يفهم الإسلاميون معركتهم مع من جاء إليهم لقتلهم دفاعاً عن أمن اسرائيل ودفعاً لسقوط نظام الأسد .

في العودة إلى دور العرب من حرب روسيا في سوريا يبدو أنّ الدبلوماسية الخليجية ستنشط غرباً لتحصيل مواقف أكثر مسؤولية وربما مُدينة للدولة الروسية في حين أنّ الأجهزة المختصة ستبذل قصارى جهدها لتوفير دعم لوجستي للمعارضة السورية كيّ تتمكن من الصمود بوجه الروس .

يبدو تنظيم الدولة " داعش " وحده المستفيد من دخول روسيا إلى سوريا لأن ذلك سيعزّز من البيئة المحتضنة له أينما رُفع آذان وسوف تأتيه موجات جديدة من المتطوعين للقتال ضدّ الكفار في العراق وسوريا .

اذاً ما حصل سيعزّز من خطاب البغدادي "المُتغذي" على الظلم الممارس على أهل السُنة من قبل روسيا وغيرها ، هذا هو منطق الصراع في المنطقة وهو نوع من الإستثمار المذهبي لتنظيم أثبت حتى الآن أنّه قادر على الإستمرار رغم (عجقة) التحالفات الدولية والإقليمية ضدّه إلاّ إذا كان ذلك مجرد دعاية مشبوهة لا أكثر .