كلما قررت زيارة مدينة النجف الأشرف والتي تحتضن مقام الإمام علي عليه السلام والحوزة الدينية الشيعية ومراكز المراجع العظام ، أتوقع أنني سأدخل إلى مدينة عظيمة تتميز بكل مقوّمات المدن الحديثة من نظافة وتنظيم وبنية تحتية مهمة ، وتوفر كل وسائل التواصل وطرقات مرتبة وحديثة ومطار دولي كبير وأن تستقبلني إجراءات منظمة من حيث الإستقبال على المطار وعبر وسائل النقل ، لكن للأسف كلما قصدت النجف الأشرف لحضور مناسبة دينية أو فكرية أو إعلامية أو للقيام بزيارة مقام الإمام علي وبقية الأماكن المقدسة والشريفة ، أشعر بالصدمة لأنّ هذه المدينة الدينية المقدسة والتي يمكن تسميتها بعاصمة التشيّع في العالم وهي تضم أهم المرجعيات الدينية الشيعية وعدداً كبيراً من الأساتذة والطلاب وعلماء الحوزة الدينية ، لا تتوفر فيها المقومات الأساسية للمدن الحديثة فالطرقات لا تزال غير مناسبة والأوساخ تنتشر في بعض الطرقات والبنية التحتية لا تزال ضعيفة والمطار لا يتمتع بمميزات مهمة وهو مطار صغير قياساً للمطارات في المنطقة .
طبعاً هناك مشاريع عمرانية جديدة وفنادق يتم بناؤها حالياً وهناك محاولات لتطوير البنية التحتية لكنني لا اعلم متى ستنتهي هذه المشاريع ومتى تصبح النجف الأشرف مدينة رائعة وعظيمة من حيث التنظيم والبناء والبنية التحتية والخدمات المتنوعة وانتشار الحدائق العامة والأشجار في شوراعها .
وكل هذه الملاحظات لا تنتقص من أهمية مدينة النجف الأشرف ويكفيها أنّها تضم مقام الإمام علي وعدداً من مراقد الأنبياء والعلماء وأنّها مركز الحوزة الدينية والمرجعيات الدينية العظيمة وأنّها تستقبل ملايين الزوار سنوياً وأنّها تُشعر الإنسان بالطمأنينة كونه في جوار مرقد أمير المؤمنين علي عليه السلام وأنّ المرء يعيش فيها أجواء روحانية وعبادية رائعة.
لكن ألاّ تستحق هذه المدينة المزيد من الإهتمام العمراني والحضاري وأليس المطلوب من كافة القيادات السياسية والدينية والحزبية والجهات المعنية في العراق الإهتمام بهذه المدينة العظيمة وكذلك بمدينة الكوفة كونهما كانتا مقر قيادة الإمام علي عليه السلام ، وهذا الاهتمام يجب أن يشمل كل المدن والأماكن في العراق ولكن على الأقل لنبدأ بمدينة النجف كونها إحدى المدن الأساسية التي تقدم صورة مباشرة عن المشهد العراقي .