لم يعد مقبولاً بالنسبة إلى القوى السياسية الرئيسية أن يقف الرئيس السابق ميشال سليمان حجر عثرة أمام تحقيق تسوية السلة الكاملة لحلّ أزمة التعيينات الأمنية وملء الشغور في المجلس العسكري وشرعنة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وضباط آخرين.
وعلى ما يؤكّد أكثر من مصدر وزاري، فإن الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط قاما بجهد استثنائي في اليومين الماضيين لحلحلة الأزمة في ظلّ التطورات الإقليمية، وفي ظل جدية رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون في تعطيل الحكومة. وللغاية، أجرى الوزير وائل أبو فاعور سلسلة اتصالات وزيارات، بينها لبري والرئيس تمام سلام، فيما استقبل برّي أول من أمس الوزير الياس بو صعب.
وما لا يزال محسوماً، حتى الآن، هو إصرار سليمان وحزب الكتائب على عرقلة التسوية، فيما يستمر العمل لإقناع الوزيرين بطرس حرب وميشال فرعون للسير بالتسوية، في ظلّ «الانضباط والالتزام برأي الرئيس سعد الحريري»، الذي تحقّق خلال الأيام الماضية على ما تؤكّد مصادر معنية في تيار المستقبل، بعد أن كان التباين في موقفي الحريري والرئيس فؤاد السنيورة ذريعة للوزراء المستقلين للتطابق مع مواقف سليمان.
ويشير أكثر من مصدر وزاري إلى عنصر الوقت الذي بات ضاغطاً قبل موعد تسريح العميد شامل روكز. فغداً أولى جلسات الحوار التي يحرص بري على عدم تغّيب أيّ مكوّن عنها، خصوصاً عون، على رغم أن أبو صعب طمأنه إلى أن عون لن يغيب عن طاولة الحوار، في ظلّ الجهود التي يبذلها بري للوصول إلى التسوية. وعلى ما تؤكّد مصادر رئيس المجلس النيابي، فإن تحقيق التسوية في أقرب فرصة سيكون موضوعاً أساسياً على طاولة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل مساء اليوم في عين التينة.
«انضباط والتزام» في المستقبل بموقف الحريري الموافق على التسوية
وفي ظلّ امتناع عون حتى الآن عن تقديم أي جواب حول موقفه من التسوية المحتملة، تتوقّع مصادر تيار المستقبل أن «يصل الرئيس بري قبل الثلاثاء إلى شيء ما». وفي حال فشل في الوصول إلى موافقة الجميع، تتعدّد الخيارات لفرض التسوية في مجلس الوزراء بالتصويت وتجاوز اعتراض سليمان والكتائب.
ولا يبدو طرح «اللقاء التشاوري» تأجيل تسريح روكز أو العمداء، حالما يصلون إلى سنّ التقاعد، أمراً مقبولاً عند عون. وتقول المصادر إن «الجنرال غير معني بكلّ هذا الكلام، وهذا ليس حلّاً». وتقول مصادر وزارية إنه «إذا قام وزير الدفاع بهذه الخطوة من تلقاء نفسه بتأجيل تسريح جميع العمداء، فإنها خطوة غير مقبولة إطلاقاً»، فيما يبدو الحديث عن تأجيل تسريح روكز وحده «إحراجاً كبيراً له، وواثقون بأن قائد فوج المغاوير لا يقبله إطلاقاً».
وتكرّر مصادر التيار الوطني الحر اتهام «سليمان ومن معه بضرب القانون؛ فكيف يكون ملء الشواغر في الجيش وشرعنة التمديد لقائد الجيش مخالفة للقانون، ومضرة بالجيش، بينما تأجيل تسريح العمداء أمراً قانونياً ويفيد المؤسسة العسكرية؟».
وفيما يستعد نواب «التغيير والاصلاح» لجلسة لجنة الأشغال والطاقة النيابية اليوم، للردّ «تقنياً» على ما طرحه وزير المال علي حسن خليل في الجلسة الماضية حول ملفّ الكهرباء، بعد اجتماع عقد في حضور عون أول من أمس في الرابية لنقاش الرد، تؤكّد مصادر التيار الوطني الحر أن «الأمور محصورة في الشق التقني ولا ارتدادات أبداً على العلاقة الإيجابية مع الرئيس بري»، مشيرةً إلى أن «الردود وشرح موقفنا من موضوع الكهرباء سببهما التطاول الذي يحصل على وزير الطاقة وتحميلنا أزمة تردّي الكهرباء، كما حصل الأسبوع الماضي بعد التظاهر أمام الوزارة». من جهتها، أشارت مصادر وزير المال إلى أن «الوزير اكتفى بما قاله الأسبوع الماضي، ولن يردّ على الردود، لأن المشكلة لم تعد عند وزارة المال بل في ديوان المحاسبة» ، مؤكّدة «انحصار النقاش في الإطار التقني».
وليلاً، أكد بري أمام زواره أنه «لم يبق في البلد شيء سوى الحوار، وهو الأوكسجين الذي نتنفس منه أو بواسطته. كنا في الجلسة السابقة قد أحدثنا اختراقاً في ما يتعلق بمقاربة موضوع قانون الانتخاب، لكن ويا للأسف عملوا على إهدار هذه الفرصة». وحرص على تكرار موقفه من خطة النفايات، مذكراً بأنه في الجلسة الأخيرة للحوار «أيّدنا بالإجماع تنفيذ الخطة بكل الوسائل، وإن كانت ثمة اعتراضات»، مؤكّداً أنه أبلغ سلام هذا الموقف، وأنه «ذاهب إلى الجلسة المقبلة للحوار من دون أن يحمل معه سوى هذا الموقف المرتبط بمشكلة النفايات وخطتها». وحيال ما يقال عن إمكان تغيّب عون عن جلسة الغد، قال إنه لم يتبلغ بذلك حتى الآن، وأضاف: «أحب أن أقول للجميع إن تعطيل الحوار من أي فريق هو بمثابة إغلاق الغرفة على نفسه».
الضاهر يهاجم المشنوق
وفي السياق، تقدّم النائب خالد الضاهر اعتصاماً لحملة «عكار منا مزبلة» في ساحة حلبا أمس، رفضاً لنقل النفايات إلى عكار، واستحداث مطمر في منطقة سرار. وشنّ الضاهر هجوماً على الوزير نهاد المشنوق، قائلاً: «شيل إيدك عن عكار. لن نقبل أن يمارس على البلديات في عكار الترغيب والترهيب. ارفعوا أيديكم عن أهل عكار، ففي عكار رجال ونساء أصحاب كرامة وعزة»، وأعلن عن «تحرك كبير في العاشر من الجاري، ومواصلة التحركات حتى إحقاق الحق».