بدا واضحاً أن الخلافات المستمرة في مجمل الملفات، والتي أدت الى حال التفكك في أواصر الدولة، دفعت الملفات الى الانفجار دفعة واحدة في وجه الحكومة أولا، وفي وجوه المسؤولين من نواب وعسكريين وأمنيين واداريين ثانياً، ومعها تقفل طرق جديدة وتتوالد الحراكات الشعبية المعترضة على كل شيء تقريبا. وقد شهدت عطلة نهاية الاسبوع سلسلة من التحركات توزعت بين رفض اقامة مطامر ومكبات في البقاع وعكار، واعتراض على وضع الكهرباء أمام معمل الجية، ومطالبة بتحسين خدمة الضمان الاجتماعي أمام مقره في وطى المصيطبة، واعتصام في دالية الروشة. وكان التحرك الابرز لأهالي العسكريين المخطوفين الذين مضى عليهم 14 شهراً، ولا يزال مصير المخطوفين منهم لدى "داعش" مجهولا بعدما سدت كل منافذ المفاوضات. وقد أقفل هؤلاء بصفة نهائية بالعوارض الحديد شارع المصارف المؤدي الى ساحة رياض الصلح، بعدما كانوا اقفلوا طريق المطار بعض الوقت بعد الظهر. وينفذ الحراك المدني اعتصاماً مركزياً الخميس المقبل تزامناً مع الجلسة الاخيرة من مؤتمر الحوار الذي ينعقد ثلاثة أيام.

الحوار
والحوار الذي يشكل الفرصة الاخيرة لتسويات عدة منها آلية العمل الحكومي والترقيات العسكرية والعودة الى العمل التشريعي، يصطدم بجدار جدول أعماله، إذ يصر فريق مسيحيي 14 آذار على عدم تجاوز ملف الرئاسة الى نقاط أخرى قبل التوصل الى اتفاق الحد الادنى فيه، وهو ما يبدو متعثراً، مما يدفع الى الانتقال الى استكمال جدول الاعمال، ومحاولة فرض فريق 8 آذار إجراء انتخاب مجلس نواب جديد ينتخب الرئيس العتيد، وهو ما عبر عنه النائب علي فياض إذ قال: "قد تكون الفرصة في أن نتفق فعلا على نظام انتخابي، أن نطلق دينامية سياسية في البلد تفضي إلى انفراج سياسي في الملفات العالقة وخصوصا في ما يتعلق بانتخاب الرئيس، لذلك نحن ندعو إلى مناقشة هذه النقطة والتركيز عليها مناقشة مسؤولة وإيجابية".
واذا كان العماد ميشال عون لوّح الاسبوع الماضي بمقاطعة الحوار، فإن مصادر متابعة توقعت عبر "النهار" ان يشارك غداً الثلثاء في أولى الجلسات، لكنه سيكون متصلباً في مواقفه "بعدما تراجع متحاورون عما اتفق عليه بعد الحوار السابق برعاية الرئيس نبيه بري، وانفراط عقد التسوية". وبرز هذا التشدد في مقدمة نشرة اخبار "او تي في" مساء التي رأت ان "ما كان ممكناً قبل أسبوع على صعيد الحلحلة السياسية ومتفرعاتها في الحكومة والمجلس والترقيات، قد يصبح من الماضي تماما كما الرهان على التفاهم الايراني - السعودي ومعه أحلام الحوار وأوهام الرئاسة العالقة في الاليزيه".
وعلمت "النهار" ان غياب العماد عون، اذا حصل، سيضرب مؤتمر الحوار في أساسه، وسيدفع الرئيس بري الى تأجيله، تماما كما سيفعل فيما لو حضر الوزير جبران باسيل منفرداً "لأن بري مصر على حضور عون ولو الجلسة الاولى". واعتبر رئيس المجلس "ان تعطيل الحوار من اي جهة هو بمثابة من يقدم على اقفال غرفته على نفسه".
وقال بري: "لم يبق شيء سوى الحوار وهو الاوكسيجين الذي نتنفس بواسطته". ويردد أمام زواره أنه "في الجلسة السابقة سجلنا اختراقاً، ولكن، ويا للأسف، ثمة من عمل على تعطيله وتمت اضاعة هذه الفرصة والاستفادة منها على أكثر من محور".
وشدد على أنه لا يقبل المراجعة في أي موضوع "قبل الانتهاء من أزمة النفايات وتطبيق الخطة التي وضعتها الحكومة". وأبلغ هذا الموقف الى رئيس مجلس الوزراء تمّام سلام قبل اسبوعين. وكرره في اتصال جرى بينهما بعد عودة الثاني من نيويورك.
ويقول بري إنه "في الجلسة السابقة للحوار أيد جميع الافرقاء الى الطاولة تنفيذ الخطة ولم تظهر أي اعتراضات من أي جهة". وسيذهب الى الجلسة المقبلة للحوار "وأنا ما زلت على موقفي. وعلى السلطات المعنية تنفيذ الخطة حتى لو حصلت اعتراضات من هنا وهناك، لأن النفايات اجتاحت البلاد والشتاء على الابواب".

 

الحوار الثنائي
واستدراكاً لحراجة الوضع الذي بات يهدد بالتعطيل الشامل، قدم "المستقبل" و"حزب الله" موعد الحوار الثنائي بينهما الى مساء اليوم بدل غد. وسيسعى ممثل الرئيس بري الوزير علي حسن خليل الى تحضير أرضية تفاهم بين الفريقين تساعد في انجاح الحوار الموسع غداً.

الحكومة
أما حكومياً، فقالت مصادر لـ"النهار" إن الرئيس سلام تبلغ تمنياً من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط أن يتريث في الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء في انتظار نتائج الاتصالات الجارية لتذليل عقدة الترقيات العسكرية. وعليه، ستكون هناك فترة إنتظار حتى نهاية الاسبوع المقبل لتقرير الموقف الواجب اتخاذه، خصوصا وأن الصيغ المطروحة للترقيات لم تنل القبول من الاطراف المعنيين.

النفايات
وعشية الاجتماع البيئي في السرايا اليوم، صرح وزير الزراعة أكرم شهيّب لـ"النهار" بأن التحضير مستمر في موقع سرار بعكار ليكون مطمراً بكل المواصفات العلمية وفي الوقت نفسه إعادة فتح مطمر الناعمة سبعة أيام فقط، على أن تستمر الجهود لمعالجة الاعتراضات التي ظهرت في موقع المصنع. وحذر شهيّب من أن موضوع النفايات "لا يتحمّل الترف السياسي، وإن على الجميع أن يعلموا أنه إذا لم تحلّ هذه المشكلة فلن يحلّ شيء في البلد وعندها سنقول على الدنيا السلام". وشدد على "أن لا رجعة عن المضيّ في تنفيذ الخطة المطروحة والمستوفية الشروط العلمية"، مبدياً الاسف لـ"بعض الاصوات التي تصاعدت وكنا نأمل أن تكون مؤازرة لنا. ومع ذلك نؤكد أننا لن نيأس وسنستمر في بذل الجهود لأن الشعب اللبناني يستأهل منا حل مسألة النفايات التي لو نظرنا اليها بصورة علمية لتبين أنها عملية صناعية تعود بالفائدة وليس بالضرر كما يصوّر في صورة خاطئة"